"إنهم يلعبون بطريقة استخدمناها منذ سنوات سابقة، مع مزيد من القوة البدنية والاندفاع الزائد عن الحد، لكن دون استراتيجية حقيقية، مع أسلوب بعيد كل البعد عن الناحية التقنية المميّزة". وجّه المدرب هيلينو هيريرا سهام النقد باتجاه الكرة الإنجليزية، داخل عاصمة الضباب لندن، ليضع المدرب الأرجنتيني القدير الكرة البريطانية في خانة "اليك"، ويُلزمها على تغيير شخصيتها، وإلا فإن الزمن سيكون لها بالمرصاد.
البضاعة الكروية
قام الإنجليز بتصدير كرة القدم إلى مختلف بلدان العالم، ورد عليهم الآخرون بنقل تجاربهم التكتيكية إلى الملاعب البريطانية، لذلك استوردت الفرق في إنجلترا المبادئ الفنية والطرق الخططية التي انتشرت في المجر بالأخص، وأصبحت اللعبة المجرية هي القبلة التي يتجه إليها من يريد التمرّد على خطة "الدبليو إم".
أرثر روي، الإنجليزي الذي عاش فترة من عمره في بودابست، وعاد إلى بلاده مرة أخرى، لكي ينتشل توتنهام من دوامة الفشل، ويصعد به من دوري الدرجة الثانية، ويحقق تاريخاً مهمّاً لنادي الشمال اللندني، مع نجاحه في تغيير قواعد اللعبة بالدوري الإنجليزي، وقدرته على الدمج بين الخطط المحلية ونظيرتها الأوروبية، مع شعار واحد لا يتغيّر وهو "اللعب بكل سهولة، اللعب بكل سرعة".
سيطرت الكرات الطويلة على الأجواء الإنجليزية كثيراً، وحارب أرثر مع توتنهام من أجل تغيير هذه العادة، لذلك كان يأمر لاعبيه باستمرار بالتقليل من هذه النوعية من التمريرات، مع محاولة التمرير لمسافة قصيرة إلى زميل آخر قريب، والأهم قبل التمرير أن يتحرك باقي الفريق إلى الأمام والخلف، من أجل خلق الفراغ اللازم لجعل التمريرة الأخيرة خطيرة، لذلك لعب توتنهام بشكل مختلف عن بقية منافسيه.
أشهر رجل في إنجلترا
إذا سألت مشجعاً إنجليزياً عن مدربه الأفضل على مر التاريخ، من الممكن أن تختلف الإجابة من شخص إلى آخر، لكن في النهاية ستكون هناك أصوات عديدة تشد من أزر ألف رامسي، المدرب الذي قاد منتخب إنجلترا لأعظم بطولة في تاريخها، كأس العالم 1966، في مفاجأة هزّت الأوساط الكروية في أوروبا والعالم أجمع.
تعلّم رامسي من مدربه أرثر، لكنه لم يكتفِ باللعب السريع فقط، بل أمر لاعبيه بضرورة اللعب في مختلف مراكز الملعب، وعدم التقيّد بمكان واحد. لذلك شارك لاعب الجناح في الدفاع أثناء التدريبات، بينما تحرك المدافع إلى الأمام لتجربة الهجوم. وأثناء تدريبه فريق إيبسويتش تاون، وضع المدير الفني لاعبه الجناح في الخلف قليلاً، بعيداً عن مرمى الخصم وقريباً من مرماه، لذلك لم يحاول لاعب الخصم الاقتراب منه، وتركه يستلم ويمرر بكل أريحية إلى رفاقه.
اتبع ألف رامسي خطة 4-2-4 على الطريقة البرازيلية، لكن في البرازيل كان يعود زاغالو من الهجوم للدفاع من أجل التغطية، لكن بسبب عدم وجود أصحاب المهارات الخاصة في إنجلترا، قرر الرجل وضع لاعب هجومي في منطقة الوسط من البداية دون تحوّل. وبسبب نجاحاته مع الفريق المميّز، قرر مواصلة المغامرة مع المنتخب الإنجليزي خلال الستينات.
الأبطال
عانت الفرق التي تلعب بطريقة الـWM بسبب وجود ثلاثة مدافعين فقط بالخلف، لذلك أمام الخصوم بطريقة 4-2-4، يجد المدافعون أنفسهم أمام ثنائي هجومي صريح، بالإضافة إلى ثنائي آخر متحرك من الصعب إيقافه بلاعب واحد حر فقط، لذلك جاءت الفكرة سريعاً بزيادة مدافع إضافي واللعب برباعي صريح أمام حارس المرمى.
عرف عن ألف رامسي الواقعية والبراغماتية، واستخدم خلال مونديال 1966 عدة طرق خططية، لعب 4-3-3 بالكرة، ولعب بدونها في الأغلب 4-1-3-2، كما قرر أمام ألمانيا في النهائي الكبير، واعتمد المنتخب الإنجليزي على حماية مرماه أولاً بتواجد رباعي خلفي صريح، مع اللعب الخاطف السريع من الخلف إلى الأمام، تمريرات قليلة وفعالية أكبر، ليست الفكرة في السيطرة بل الأهم أن يتم تداول الكرات بسرعة.
شارلتون نجم غير عادي، حتى لا يعود للدفاع، أوجد رامسي ثنائي الأطراف على يمينه ويساره، من أجل الارتداد السريع أثناء المرتدات، لتتحوّل الطريقة إلى ما يشبه 4-3-1-2، بوجود شارلتون كقائد للفريق خلف ثنائي هجومي متقدّم، لتفوز إنجلترا أخيراً بكأس العالم، بعد أن تخلت أخيراً عن الثلاثي الدفاعي، ولعبت بطريقة 4-2-4، البداية الحقيقية لما عُرف في ما بعد بالفور فور تو على الطريقة الإنجليزية. لكن المجد البريطاني لم يستمر، بسبب التغيّرات الطارئة على قواعد التكتيك، لأن مخترع 4-4-2 ليس بريطاني، واسألوا ماسلوف.
اقرأ أيضا
الهرم المقلوب8..اللعنة والابن الضال..كرة القدم تدخل البرازيل
الهرم المقلوب 7..المدرسة المجرية تفتح أبوابها في ويمبلي
الهرم المقلوب 6..حرارة كرة القدم تهزم تأثير الفودكا
الهرم المقلوب 5.. هوغو مايزل و"ميتودو" بوزو
الهرم المقلوب 3... من إنجلترا لأميركا اللاتينية..تطوّر الهرم التكتيكي
الهرم المقلوب 2...من المراوغات إلى"1-2-7".. بدايات تكوين الهرم التكتيكي
الهرم المقلوب 1... دليلك لفهم أسرار الساحرة المستديرة
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
