06 مايو 2015
الوطن الذي فقدناه
الناصر الرقيق (تونس)
كيف دخل الإسرائيليون تونس؟ من أعطاهم الإذن بالدخول؟ لماذا جاءوا وماذا يريدون؟... ربّما كانت هذه الأسئلة ستوجّه لكلّ من وزيرة السياحة، أمال كربول، والوزير المكلّف بالأمن، رضا صفر، في المجلس التأسيسي، قبل أن يتدخّل رئيس الحكومة، ويضع شروطا لذلك... بالطبع، من حقّه أن يفعل، فحكومته جاءت نتيجة توافق، وبالتالي، هي إمّا فوق المساءلة، أو مساءلة بشروط...المجلس التأسيسي الذي لم يعد تونسيون كثيرون يثقون في أعضائه، أو يحترمونهم أصلا، فجأة تحرّكت لدى بعضهم نوازع القومية المناهضة للتطبيع، فقرروا مساءلة السيّدة كربول والسيّد صفر... لكن السؤال الذي يُطْرَح، لماذا لم يجرّموا التطبيع؟ لا في الدستور الذي قالوا إنه لا يمكنه أن يحتمل فصلاً كهذا، ولا في قانون عادي يمكنه أن ينهي الجدل. على حدّ علمي البسيط، لم يتقدّم نائب واحد، أو كتلة من الكتل، بمشروع قانون يجرّم التطبيع. إذن، لماذا كلّ هذه السينما؟
أعتقد أن نوّاب المجلس التأسيسي الذين لازالت لديهم طموحات سياسية مستقبليّة، بعد أن اهترأت صورة أغلبهم أمام الرأي العام، أصبحوا يبحثون عن عذريّةٍ، فقدوها بسبب أدائهم الهزيل تجاه قضايا الثورة والشهداء والمساكين الذين صوّتوا لفائدتهم، فباسثناء الدستور، وما قيل إنّ نوّابنا الكرام نجحوا في كتابته، بفضل توافقهم الخارق للعادة، فإنّهم فشلوا تقريبا في أداء مهامهم، وفضّلوا السكون والسكوت و"الشهريّة "، حتّى أن منهم من لم يزر المنطقة التي أدخلته قبّة التأسيسي ولو مرّة واحدة.
لنعد إلى مسألة السيّاح، أو الحجاج الإسرائيليين. رئيس الحكومة قالها صراحة. ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها إسرائيليون تونس، فخلال حكم الترويكا دخل عديدون منهم، ولم نسمع كلمة واحدة لا داخل المجلس التأسيسي ولا خارجه. فلماذا الجعجعة الآن؟ بعد هذه الكلمات، بدأت الأصوات المنددة بالتطبيع والمنادية بالمساءلة تخفت شيئاً فشيئاً، ومن غير المستبعد أن يخرج علينا أحدهم، خصوصاً منظرّو السلم الثوري، ليقول لنا إنه يجب علينا قبول الأمر، لأنّ الإسرائيليين، في نهاية الأمر، أبناء عمّ. كما أنّ بيننا وبينهم روابط كثيرة، كالسياحة، عكس الفلسطينيين الذين لا تجمعنا بهم سوى روابط دم مشكوك فيها. وسَيَطْرَحُ علينا سؤال نَحْتَرْ في إجابته: من الذين يساعدون تونس في أزمتها المالية، الإسرائيليون أم الفلسطينيون؟
سَيُكْمِلُ جميله ويجيب: طبعاً، الإسرائيليون، هم يأتون بالمئات سيّاحاً وحجّاجاً، ويصرفون أموالاً كثيرة، أمّا الفلسطينيون فكم واحد منهم جاء إلى تونس. بل إنّهم حين جاءوا في الثمانينات، صرفنا عليهم أموالاً كثيرة، وكلّفوا خزينة الدولة. وهذا بشهادة خبيري الاقتصاد، معزّ الجودي ومراد الحطّاب. ولولا تدخّل الأصدقاء الإسرائيليين لكانوا جالسين إلى اليوم بين ظهرانينا.
هناك تونسيون يفكّرون بهذه الطريقة لا تهّمهم مبادئ وقضايا. يهمهم فقط "البزنس"، وهناك آخرون احترفوا الكذب والتمثيل على الشعب. وهنا أقصد سياسيين يحاولون تطويع كلّ الأحداث والقضايا لخدمة أجندتهم السياسية، أمّا أغلبية التوانسة فهم ثابتون على قضايا الأمّة على الرغم من قلّة حيلتهم، إذ كان ظنّهم أنّ الثورة ستحرّر القرار السيادي التونسي من الارتهان، سواء للوبيات المال أو لكانتونات السياسة. لكن، إلى الآن، النتائج ليست مشجّعة، وعلى الرغم من ذلك، الأمل مازال قائما مع جيل جديد، قد ينهي قريبا السيطرة على الدولة من عجائز فسدوا وأفسدوا كلّ شيء. وبالتّالي، استرجاع الوطن الذي فقدناه.
أعتقد أن نوّاب المجلس التأسيسي الذين لازالت لديهم طموحات سياسية مستقبليّة، بعد أن اهترأت صورة أغلبهم أمام الرأي العام، أصبحوا يبحثون عن عذريّةٍ، فقدوها بسبب أدائهم الهزيل تجاه قضايا الثورة والشهداء والمساكين الذين صوّتوا لفائدتهم، فباسثناء الدستور، وما قيل إنّ نوّابنا الكرام نجحوا في كتابته، بفضل توافقهم الخارق للعادة، فإنّهم فشلوا تقريبا في أداء مهامهم، وفضّلوا السكون والسكوت و"الشهريّة "، حتّى أن منهم من لم يزر المنطقة التي أدخلته قبّة التأسيسي ولو مرّة واحدة.
لنعد إلى مسألة السيّاح، أو الحجاج الإسرائيليين. رئيس الحكومة قالها صراحة. ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها إسرائيليون تونس، فخلال حكم الترويكا دخل عديدون منهم، ولم نسمع كلمة واحدة لا داخل المجلس التأسيسي ولا خارجه. فلماذا الجعجعة الآن؟ بعد هذه الكلمات، بدأت الأصوات المنددة بالتطبيع والمنادية بالمساءلة تخفت شيئاً فشيئاً، ومن غير المستبعد أن يخرج علينا أحدهم، خصوصاً منظرّو السلم الثوري، ليقول لنا إنه يجب علينا قبول الأمر، لأنّ الإسرائيليين، في نهاية الأمر، أبناء عمّ. كما أنّ بيننا وبينهم روابط كثيرة، كالسياحة، عكس الفلسطينيين الذين لا تجمعنا بهم سوى روابط دم مشكوك فيها. وسَيَطْرَحُ علينا سؤال نَحْتَرْ في إجابته: من الذين يساعدون تونس في أزمتها المالية، الإسرائيليون أم الفلسطينيون؟
سَيُكْمِلُ جميله ويجيب: طبعاً، الإسرائيليون، هم يأتون بالمئات سيّاحاً وحجّاجاً، ويصرفون أموالاً كثيرة، أمّا الفلسطينيون فكم واحد منهم جاء إلى تونس. بل إنّهم حين جاءوا في الثمانينات، صرفنا عليهم أموالاً كثيرة، وكلّفوا خزينة الدولة. وهذا بشهادة خبيري الاقتصاد، معزّ الجودي ومراد الحطّاب. ولولا تدخّل الأصدقاء الإسرائيليين لكانوا جالسين إلى اليوم بين ظهرانينا.
هناك تونسيون يفكّرون بهذه الطريقة لا تهّمهم مبادئ وقضايا. يهمهم فقط "البزنس"، وهناك آخرون احترفوا الكذب والتمثيل على الشعب. وهنا أقصد سياسيين يحاولون تطويع كلّ الأحداث والقضايا لخدمة أجندتهم السياسية، أمّا أغلبية التوانسة فهم ثابتون على قضايا الأمّة على الرغم من قلّة حيلتهم، إذ كان ظنّهم أنّ الثورة ستحرّر القرار السيادي التونسي من الارتهان، سواء للوبيات المال أو لكانتونات السياسة. لكن، إلى الآن، النتائج ليست مشجّعة، وعلى الرغم من ذلك، الأمل مازال قائما مع جيل جديد، قد ينهي قريبا السيطرة على الدولة من عجائز فسدوا وأفسدوا كلّ شيء. وبالتّالي، استرجاع الوطن الذي فقدناه.