"التصويت هو سيد الموقف غداً"، هذا ما انتهى إليه اجتماع عدد من قيادات حزب الوفد المصري، مساء الجمعة، بعد فشل السكرتير العام للحزب، بهاء الدين أبو شقة، في إقناع بعض القيادات الرافضة ترشح رئيس الحزب، السيد البدوي، لانتخابات الرئاسة، في مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي، باعتبار أن الحزب سبق أن أعلن تأييده للأخير بشكل رسمي.
وقالت مصادر مطلعة في الحزب، لـ"العربي الجديد"، إن هناك اتجاهاً قوياً داخل الهيئة العليا للحزب لرفض ترشيح البدوي في اجتماع الهيئة، السبت، مرجحة احتمالية ترشحه مستقلاً، خاصة أنه تقدّم بطلب لإجراء الكشف الطبي اليوم، في ضوء تمسّك الجبهة الرافضة بموقفها، التي تقودها مجموعة من قدامى أعضاء الحزب.
وأفادت المصادر بأنه "لا بديل أمام البدوي غير الاستقالة من الحزب، في حالة تصويت الهيئة العليا على رفض الترشح، وهو ما يعفي أعضاء الحزب من الحرج"، الذي سببه إعلان ترشحه أمام الرأي العام، وما تبعه من هجوم على الحزب عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وسط اتهامات تصفه تارة بـ"المُحلل"، وتارة أخرى بـ"الكومبارس".
وأشارت المصادر إلى أن البدوي يواجه صعوبة أخرى، تتمثل في الحصول على تزكيات من 20 برلمانياً للترشح، لاستحالة جمع 25 ألف توكيل شعبي خلال اليومين المتبقيين على غلق باب الترشح، خاصة أن الغالبية الكاسحة من أعضاء الهيئة البرلمانية لحزب الوفد وقعت على استمارات لتزكية السيسي، ولا تجوز تزكيتها لمرشح آخر.
وأصدر حزب الوفد بياناً رسمياً على لسان رئيس لجنة الإعلام، ياسر حسان، قال فيه إنه "توجد مشاورات حقيقية بين قيادات الحزب حول خوض المعترك الرئاسي، واتصالات مكثفة بين قيادات الحزب في هذا الشأن، غير أن أي قرار بخوض الانتخابات سيكون من خلال هيئته العليا، التي اعتادت أن تكون قراراتها مؤسسية، وتركن إلى الوطنية، وتحمل المسؤولية".
وكان رئيس المجالس الطبية المتخصصة، التابعة لوزارة الصحة المصرية، عماد كاظم، قد أعلن أن المجالس الطبية استقبلت ثلاثة طلبات جديدة من راغبي الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، من بينها طلب للبدوي، مشيراً إلى "غلق باب تلقي الطلبات نهائياً، وفق القرارات المنظمة لهيئة الانتخابات، واستمرار عمل لجان توقيع الكشف الطبي على المرشحين حتى غد الأحد".
بدوره كتب وكيل البرلمان السابق وعضو الهيئة العليا للحزب، عبد العليم داوود، على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك" "الوفد من أقدم أحزاب العالم، وأعرقها، ولن يكون سيفاً لذبح الديمقراطية والحرية.. أعلن رفضي القاطع لإقحام الوفد في انتخابات الرئاسة"، متابعاً "أيها الوفديون في كل مكان: ارفضوا وبكل قوة ضرب مبادئ الوفد، ولوائحه، وعراقته، بشأن المشاركة في مسرحية الانتخابات".
وأضاف داوود "أناشد كل وفدي محترم بأن يُعلن رفضه لذبح الوفد.. لقد اختاروا مئوية الوفد لذبح الوفد، واختاروا 25 يناير ثورة الأمة لذبح الوفد.. واختاروا مسرحية هزلية شاهدة عليها الأمة، والخارج، لذبح الوفد.. لا لذبح الوفد، وتقديمه قرباناً في صفقة مشبوهة.. إرادة حزب الوفد ليست صفقة، وسرقة إرادته، وإقحامه، هو قهر للوفد".
كذلك، علق نائب رئيس الحزب، حسين منصور، عبر صفحته الشخصية، "لم يتخذ الوفد قراراً بترشيح أحد لانتخابات رئاسة الجمهورية، ولن يتخذ.. واجتماع أفراد ليست لهم أي صفة حزبية تنفيذية للتشاور ليست قراراً لترشيح أحد من الحزب". وأضاف "أن يرشح الوفد أحداً، فهذا يستلزم موافقة الجمعية العمومية للحزب، التي لم تتم دعوتها، ولن تتم.. الوفد لن يكون مطية للديكتاتورية، ولا للراكعين".
اكتمال الشكل
إلى ذلك، تمسّك نائب رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، النائب أحمد السجيني، بموقف الحزب الرسمي بدعم السيسي، وعدم الدفع بمرشح تحت لواء الحزب، معتبراً أن "قرار دعم الرئيس الحالي لم يكن مبنياً على ضعف البدائل، وإنما عن قناعة بمنح السيسي فرصة لاستكمال ما بدأه من خارطة طريق محددة، وإنجازات أقر بها الحزب في ما سبق".
وصرح السجيني بأنه "من غير المقبول دفع الحزب بمرشح رئاسي، على أساس اكتمال الشكل الكلاسيكي للانتخابات الرئاسية"، مستطرداً: "مهما فعلت لن تُرضي المتربصين بالدولة المصرية من الخارج.. وموقف الحزب الداعم للسيسي غير مستند إلى عواطف، أو مناورات سياسية، بل جاء بناءً على قناعات للحزب، وإيمان بأدائه الجيد"، على حد زعمه.
في المقابل، أصدر مساعد رئيس حزب الوفد للشؤون السياسية، ياسر قورة، بياناً منفرداً، انتقد فيه الأصوات المهاجمة لمسألة خوض الحزب الانتخابات الرئاسية، ادعى فيه أن "دعم الحزب للسيسي جاء لعدم شق الصف الوطني لمصلحة مرشح مدعوم من جماعة الإخوان، في حين الأمر اختلف بعد أن أصبح الرئيس الحالي هو المرشح الوحيد".
وأضاف قورة أن "الأصوات الكارهة والمحرضة والمتربصة بمصر بدأت من الغرب، وأولها من السيناتور الأميركي، جون ماكين"، مواصلاً "من منطلق الحرص الوطني للدولة المصرية كان لزاماً على الوفد أن يؤدي دوره، الذي لطالما قام به تاريخياً للحفاظ على الدولة، ودعمها، بغرض إجهاض المخططات الهادفة لضرب مصر".
وتابع "الحزب عليه أن يحمل على عاتقيه مسؤولية خوض الانتخابات الرئاسية كمنافس حقيقي، لديه من الرؤى والأفكار والبرامج والحلول والكفاءات ما يؤهله لقيادة الدولة، من دون النظر إلى الأصوات التي تعالت في الساعات الماضية، بهدف السخرية والاستهانة والتقليل مما أقدم عليه الحزب".
في سياق متصل، نشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مذكرة لقطاع مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية، تشمل صدور 19 حكماً قضائياً بحق البدوي، بمجموع أحكام بلغ 29 عاماً، و9 أشهر، لإدانته بتهم تتعلق بخيانة الأمانة، والتبديد، وإصدار شيكات بدون رصيد، وهي اتهامات تستوجب حرمانه من حق الترشح للانتخابات الرئاسية، وفقاً للقوانين المنظمة.
واشتملت مذكرة الداخلية على خمسة أحكام قضائية ضد البدوي، بصفته رئيس مجلس إدارة شركة "سيجما" للأدوية، بمجموع أحكام ست سنوات، في القضية رقم 12753 لسنة 2012 جنح قسم قصر النيل - حصر رقم 342 لسنة 2013 (شيك بدون رصيد)، والصادر فيها حكم بحبسه لمدة ستة أشهر في جلسة 26 يناير/ كانون الثاني 2013.
كذلك تضمّنت القضية رقم 5061 لسنة 2012 جنح قسم الأزبكية - حصر رقم 3164 لسنة 2012 (شيك بدون رصيد)، والصادر فيها حكم بحبسه لمدة ست أشهر في جلسة 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2012، والقضية رقم 8793 لسنة 2012 جنح قسم قصر النيل – حصر رقم 315 لسنة 2013 (شيك بدون رصيد)، والصادر فيها حكم بحبسه لمدة 3 سنوات في جلسة 19 يناير/ كانون الثاني 2013.
تضمنت أيضاً القضية رقم 14896 لسنة 2013 جنح قسم المعادي - حصر رقم 8440 لسنة 2013 (تبديد)، والصادر فيها حكم بالحبس سنة في جلسة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وأخيراً، القضية رقم 14897 لسنة 2013 جنح قسم المعادي - حصر رقم 8442 لسنة 2013 (تبديد)، والصادر فيها حكم ضده بالحبس سنة في جلسة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وغيرها.
من جهته، عقّب المتحدث باسم الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار محمود الشريف، في بيان قائلاً إنه "لا يحق لأي شخص من غير المتقدمين للترشح الطعن على مرشح آخر، استناداً إلى نصوص قانون الانتخابات الرئاسية"، لافتاً إلى أن "الاعتراض على مرشح آخر يجب أن يصاحبه بيان بأسباب اعتراضه، وفي إطار المواعيد المقررة من الهيئة".