تتسارع تحركات أحزاب اليسار القومي في تركيا لإنشاء تحالفات جديدة، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة في يونيو/حزيران المقبل، وذلك في "سبيل تشكيل جبهة يسارية موحّدة كما فعل حزب سيريزا في اليونان، تخاطب متوسطي الدخل من الأتراك، وكتلة 12 مليونا و500 ألف ناخب التي لم تحسم قرارها بعد"، على حد تعبير زعيم حزب "اليسار الديمقراطي" معصوم توكور.
وبعد فشل التوافق قبل أيام بين حزب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) بقيادة كمال كلجدار أوغلو وحزب "اليسار الديمقراطي" على البرنامج الذي اقترحه الأخير، توجّه زعيم "اليسار الديمقراطي" معصوم توكور لزيارة النائب أمينة أولكر ترهان (أحد صقور الشعب الجمهوري سابقاً) وزعيمة حزب "الأناضول" الذي شكلته أخيراً إثر انشقاقها عن "الشعب الجمهوري". وأكدت ترهان أهمية اقتراح توكور، وأن المسؤولين في الحزب سيعملون على دراسته باهتمام عال.
يأتي ذلك بينما لا زالت المشاورات مستمرة بين الأحزاب القومية الإسلامية التركية، إذ أكد رئيس حزب "الوحدة الكبرى" مصطفى دستيجي أن المفاوضات قائمة مع الحزب الأم الذي انشق عنه عام 1993 وهو حزب "الحركة القومية" بقيادة دولت بهجلي، لكن من دون الوصول إلى أي نتائج حتى الآن. يُذكر أن الطرفين يشتركان في رفض عملية السلام التي تديرها الحكومة مع حزب "العمال الكردستاني".
من جهته، يتحضّر حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) للانتخابات البرلمانية. وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه تلقّى ما يقارب ألفي طلب للترشح عن قائمته الحزبية من حزبيين ومستقلين، بينهم ثلاثمائة امرأة، ستختار منهم اللجنة المركزية للحزب 550 شخصاً، للترشح تحت شعار "الحياة الجديدة"، وذلك في ظل التحدي الكبير الذي وضعه الحزب لنفسه بالترشح ضمن قائمة حزبية، على الرغم من خطر عدم القدرة على تخطي عتبة الانتخابات، وبالتالي بقاءه خارج قبة البرلمان.
اقرأ أيضاً: تركيا: عملية السلام هدية عيد النوروز
يأتي هذا في وقت بدأ فيه حزب "الشعوب الديمقراطي" بالحديث عن "رؤية جديدة لوجهة عملية السلام"، وذلك بعد أن قامت الهيئة التابعة للحزب والمختصة بعملية السلام، بزيارة زعيم "العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان في سجنه في جزيرة إمرالي، بعد يوم واحد من الزيارة التي قام بها أعضاء من الهيئة لمقر اتحاد المجتمعات الكردستانية (المنظمة التي تعمل تحت لوائها جميع التشكيلات التابعة للحزب) في مقراتها شمال العراق.
وتأتي الزيارة لأوجلان في إطار التحضيرات المتواصلة لعيد نوروز (في 21 مارس/آذار الحالي) والذي يحتفل به الأكراد إضافة إلى عدد من شعوب وسط آسيا وإيران.
وشارك في اللقاء مع أوجلان، كل من رئيس الكتلة البرلمانية لـ"الشعوب الديمقراطي" إدريس بالوكان والكاتبة والناشطة في مجال حقوق المرأة جيلان باغريانك، إضافة إلى كل من النائبين سري ثريا أوندر وبروين بولدان، والرئيس المشارك لمجلس المجتمع الديمقراطي (إحدى المنظمات التابعة للكردستاني) خطيب دجلة.
وأكد النائب عن مدينة إسطنبول، سري ثريا أوندر، بعد عودة الهيئة من زيارة إمرالي، أن الهيئة تسلّمت رسالة أوجلان الخاصة بيوم عيد النوروز، وذلك خلال برنامج تلفزيوني، رافضاً التصريح حول ما إذا كانت رسالة أوجلان متلفزة أو صوتية، أو أنه سيتم قراءتها كالعادة من قبل نواب "الشعوب الديمقراطي".
ورفض أوندر الإفصاح عن تفاصيل رسالة أوجلان، لكنه أشار إلى أن الرسالة تحتوي على "رؤية جديدة من الناحية النظرية والعملية لوجهة عملية السلام"، متوقعاً أن تكون الزيارة المقبلة لجزيرة إمرالي بعد عيد النوروز، برفقة لجنة متابعة عملية السلام التي تم التوافق عليها في وقت سابق من الأسبوع الحالي، وكانت أحد مطالب أوجلان للبدء بالمفاوضات.
وفيما يتم التحضير للتفاوض، شهد سجن إمرالي، حيث يقبع أوجلان منذ إلقاء القبض عليه عام 1999، تغييرات في الفترة الأخيرة، إذ تم نقل السجناء الخمسة الذين تم جلبهم عام 2009 إلى جانب أوجلان، بناء على رغبته، ليأتي مكانهم أربعة آخرون، هما قياديان لـ"العمال الكردستاني" من سجن دياربكر، وآخران من سجن نازيلي.