لائحة الاتهامات التي توجه لجلال داخل اليمن طويلة، بما في ذلك تولّي الإشراف شبه المباشر على الرئاسة وما يتّصل بها من مؤسّسات، وأنّ دائرة استخباراتيّة رئاسيّة تتبعه، وتتولّى مهام حسّاسة من بينها التنصّت على المكالمات الهاتفية. كما يتّهم جلال بالتورّط في صفقات مشبوهة، فضلاً عن إدارة شبكة مواقع إخباريّة لمهاجمة خصوم والده.
ونشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، قبل فترة وجيزة، تقريراً مطولاً عن الاقتصاد اليمني المهدّد بالانهيار، ونقلت عن مسؤولين في صنعاء، قولهم إنّ جلال هادي يمتلك غرفة مكدّسة بالأموال. وساقت تفاصيل عن دعم المانحين، وخصوصاً السعودية، خلال المرحلة الانتقاليّة. ونقلت عن مسؤول إشارتهم إلى أنّ بعض الدعم اختفى إلى "ثقب أسود".
إزاء هذه الاتهامات، خرجت انتقادات علنية لنجل الرئيس اليمني من قبل بعض القوى السياسية، وتحديداً من جماعة أنصار الله (الحوثيين) وصالح. و مهدي المشاط مدير مكتب زعيم "أنصار الله" عبد الملك الحوثي، هاجم جلال في بيان على صفحته على "فايسبوك" قال فيه "حقيقة أن ما يقوم به (جلال) شيء يجعلني أعيش في ذهول كلما أسمع بشيء مما يقوم به، وأتساءل مع نفسي هل يعرف هذا الكائن أنّه يمني؟ هل يعي أنه ابن رئيس دولة، هل هو مقتنع أن ما يقوم به دور وطني يمليه عليه ضميره ووطنيّته؟". وأضاف "هل يعرف أبوه ما يقوم به وهل يعرف أن مواقع ابنه قد تحوّلت وكأنّها مواقع اخباريّة لما يسمى بـ "القاعدةّ؟ وهل يظنّ أنّ الصبر سيطول على صبيانيّة ابنه، أم أنّه يعلم بهذا كلّه وكلاهما في سرب واحد يعملان حتى لا تُقطع عليهم النفقات من بعض الدول؟".
وجاء هجوم المشاط بعد هجوم أقل حدّة شنّه الحوثي على هادي ونجله، واصفاً تصرّفات الأخير بـ "الحمقاء"، وقال إنّ نشاطاته "أضرّت كثيراً بالمال العام".
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم يتردّد الرئيس اليمني السابق في القول "لم يكن (أحمد) نجل علي عبد الله صالح هو من يدير المواقع الالكترونيّة بالمليارات لإهانة المؤسّسات وإهانة أبناء الشعب اليمني، صدر قرار بتغييره وذهب سفيراً للإمارات تنفيذا للقرار واحتراماً للشرعيّة".
ومنذ منتصف العام الحالي، عاد التداول باسم جلال، بعد ظهور طفرة في المواقع الإخباريّة الالكترونيّة، بعضها حديثة الظهور وأخرى جرى استمالتها أو شراؤها، عُرفت هذه بـ "مواقع جلال"، بسبب التسريبات عن علاقاتها بالرئاسة وتوجّهها الواضح للدفاع عن الرئيس ومهاجمة خصومه، بصيغ تفتقر للمهنيّة.
ومما عزز الشكوك حول دور جلال، غياب أي صفة قانونية له، إذ شغل جلال قبل عام 2012، منصب وكيل وزارة المغتربين ومن ثم جرى استبداله.
ويعتبر المدافعون عن نجل هادي أنّ هجوم "الحوثيين" ضدّه هو دليل براءة من الانتقادات الموجّهة إليه، ودليل على عدم رضاه عن تدخّلاتهم في عمل الدولة، ذاهبين إلى أنّ ذلك الهجوم "لا يستهدف جلال فحسب، بل يأتي في سياق حملة منظّمة تستهدف نظام هادي برمّته".
في المقابل، يقول منتقدو نجل هادي، إنّ صالح كان يستخدم نجله لتثبيت نظامه، أما هادي فقد استخدمه نجله لترسيخ نظام الفوضى. وقد تصاعدت، منتصف العام الحالي، الحرب الإعلاميّة بين النجلين.
ويُرجع البعض تصاعد دور أبناء هادي، إلى أزمة ثقة يعانيها الرجل في من حوله عدا أنجاله، ويرجعه آخرون، إلى ضعف هادي نفسه. ويؤكّد ضابط في الحراسة الرئاسيّة، أنّ أبناء الرئيس يسيّرون الأمور إلى حد كبير، لكنه يرجع ذلك إلى قدرات هادي الذاتيّة وتقدّمه في السنّ، ويرى أنه بدون ابنيه (جلال، وشقيقه ناصر، القائد في الحرس الرئاسي) ربما ما كان له أن يبقى طيلة الفترة الماضية، في سدّة الحكم.
دعم الحراك الجنوبي
على الرغم من نشاط جلال، لم يتكوّن حوله تيار من المقربين، كما كان حال نجل الرئيس السابق. ويبدو أن ذلك يعود للعشوائيّة التي تتّسم بها جهوده، فضلاً عن أنّه وفق بعض المصادر، يتصرف كـ "جنوبي" ولم يُعرف عنه أنه قرّب مسؤولين أو إعلاميين من المحافظات الشمالية. ويبدو واضحاً من خلال المواد الإعلاميّة المنشورة، في مواقع محسوبة عليه، تعاطفه مع "الحراك الجنوبي"، علماً أنّها في الوقت ذاته، تدافع عن رئيس منوط به تمثيل البلد ككل.
وُيرجع إعلاميون علاقة جلال بالحراك، إلى أنها سابقة لصعود والده إلى الرئاسة، ويُتهم بدعم بعض وسائل الإعلام المحسوبة على الحراك. ويروي مصدر سياسي لـ "العربي الجديد"، أنّ صالح اشتكى له في العام 2010 من أن جلال، وكان والده نائب الرئيس حينها، يقوم بهدر الجهود الحكوميّة الرامية لاحتواء احتجاجات الحراك، ويعمل بشكل مضاد لتلك الجهود.