فيما يحتدم الجدل في اليمن حول المبادرة الدولية للحل السلمي في البلاد، ومواقف الأطراف حيالها، عاد التصعيد العسكري مجدداً، مع استهداف صاروخ أطلقه مسلحو جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وأتباع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، باتجاه منطقة مكة السعودية، الأمر الذي أعقبه تنديدات واسعة، واعتبر مؤشراً على التصعيد، الذي يعرقل السلام. وكان الحوثيون اعترفوا، في وقت مبكر أمس الجمعة، بإطلاق صاروخ بالستي، أطلقوا عليه تسمية "بركان 1"، وهو عبارة عن صاروخ "سكود" روسي الصنع، جرى تطويره محلياً لزيادة مداه. وقال الحوثيون إنه استهدف مطار مدينة جدة، أكثر مطارات السعودية ازدحاماً، فيما أعلن التحالف أن الصاروخ أطلق من محافظة صعدة، معقل الحوثيين، شمالي اليمن، باتجاه منطقة مكة، وقد تمكنت وسائل الدفاع الجوي من اعتراضه وتدميره على بعد 65 كيلومتراً من مكة من دون أي أضرار، فيما استهدفت قوات التحالف الجوية موقع الإطلاق.
وتعد المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون إطلاق صاروخ باتجاه مدينة جدة، التي تبعد عن مكة، أو "العاصمة المقدسة"، عشرات الكيلومترات. وجاء التصعيد بالتزامن مع الجهود الدولية المستمرة الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة في البلاد، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة من الجانب اليمني ودول المنطقة، والتي اعتبرت استهداف مكة تطوراً خطيراً. ونددت الرئاسة اليمنية، في بيان، بأشد عبارات الإدانة والرفض والاستنكار لما وصفتها بـ"الأعمال الدنيئة وغير المسؤولة التي تنتهجها المليشيات الإرهابية الانقلابية للحوثي وصالح، ومن خلفها إيران، باستهداف المقدسات الدينية وقبلة المسلمين". واعتبرت أن "تلك الجماعات الحمقى تؤكد من خلال تلك الأعمال أنها أضحت وسيلة رخيصة بيد أعداء الأمة الإسلامية، وهي تعبر يوماً بعد يوم عن أنها بعيدة كل البعد عن امتلاكها مثقال ذرة من وازع أو رابط ديني ذات صلة بالإسلام وتقاليده وتعاليمه السمحاء". وتابع البيان "أننا إذ نعرب باسم الرئاسة والحكومة اليمنية عن إدانتنا واستنكارنا لتلك الأعمال المارقة، فإنه في الوقت ذاته يحز في الوجدان والنفوس أن يأتي استهداف هذه البقاع الطاهرة من أرض يمنية أخضعتها تلك المليشيات المتمردة بقوة السلاح لتمردها، وباتت مناطق خاضعة لها بالتعاون مع المخلوع صالح الذي سلمها العدة والعتاد لتدمير بلدنا وتهجير أبنائه واستهداف محيطنا وجيراننا بالتعاون مع إيران، والذي بلغ ذلك البغي مداه عبر استهداف مشاعر وقبلة المسلمين".
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، عن إدانة دول المجلس واستنكارها الشديدين لاستهداف مكة بصاروخ بالستي. وقال، في بيان، "إن دول المجلس تعتبر هذا الاعتداء الغاشم، الذي ضرب بعرض الحائط حرمة هذا البلد، مهبط الوحي وقبلة مليار ونصف مليار مسلم حول العالم، استفزازاً لمشاعر المسلمين، واستخفافاً بالمقدسات الإسلامية وحرمتها، ودليلاً بارزاً على إمعان جماعة الحوثي - صالح في تجاوزاتها، ورفضها الانصياع لإرادة المجتمع الدولي وقراراته، والمساعي القائمة لتطبيق الهدنة، والجهود الحثيثة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية". وذهب وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، أبعد من ذلك، بتوجيهه الاتهام إلى إيران. وقال، في تغريدة على "تويتر"، إن "النظام الإيراني يدعم جماعة إرهابية تطلق صواريخها على مكة المكرمة... هل هذا النظام إسلامي كما يدعي"؟ كما صدرت بيانات إدانة عن الجامعة العربية وأغلب دول المنطقة.