تتزايد المشاورات للوصول إلى حل للأزمة اليمنية مع دخول عمليات "عاصفة الحزم" أسبوعها الرابع، في وقت سجل فيه تطور بارز بعد إعلان المبعوث الأممي لليمن، جمال بنعمر، تنحيه عن مهمته مقابل الانتقال لمهمة أخرى في الأمم المتحدة.
وجاءت هذه التطورات وسط تجدد مناورات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في وقت يبدو فيه الحوثيون وحلفاؤهم في موقع حرج ميدانياً مع استمرار فشلهم في السيطرة على عدن وتعرضهم لضربات هي الأعنف منذ بدء عاصفة الحزم دفعتهم إلى التخبّط وإبداء استعدادات ولو كلامية للحوار. وبدا تخبّط الحوثيين واضحاً على لسان عضو المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله"، محمد البخيتي، إذ نقلت وكالة "الأناضول" عنه قوله إن وقف الضربات الجوية لعملية "عاصفة الحزم" ضد الجماعة "ليس شرطاً لاستئناف الحوار اليمني". وأضاف: "لا زلنا ندعو إلى العودة لطاولة الحوار، تحت أي ظرف من الظروف، من دون شروط مسبقة. فوقف العدوان ليس شرطاً لاستئناف الحوار"، بعد أن كانت الجماعة تطالب في وقت سابق بوقف "العدوان" قبل أي حوار.
البخيتي نفسه شدد لوكالة "رويترز"، أمس أيضاً، على أن السعودية "يجب أن تتوقف فوراً وبلا أي شروط" عن أعمالها العسكرية، مؤكداً أنه يرفض فكرة عودة الرئيس اليمني المدعوم من السعودية عبد ربه منصور هادي إلى البلاد، واتهمه بـ"الخيانة".
لكن دعوات الحوثيين ليست المحدد الرئيسي لاستئناف العملية السياسية، وهو ما أوضحه نائب رئيس الجمهورية اليمنية، رئيس الوزراء، خالد بحاح. وأكد الأخير، في أول مؤتمر صحافي له منذ تعيينه في منصبه كنائب للرئيس، أن أي حوار مرهون بوقف عدوان الحوثيين وحلفائهم. وأوضح أنه لا يمكن البدء أو المساهمة أو المشاركة في أي مبادرة لحل الأوضاع في اليمن قبل أن يسبقها إيقاف آلات الحرب والاقتتال في اليمن عامة وفي محافظة عدن خاصة، باعتبار المحافظة مفتاحاً للسلام.
وطالب بحاح مليشيات الحوثي وأنصار صالح بتطبيق القرارات الدولية وإيقاف العبث بمقدرات الوطن وتدمير مؤسساته، وإيقاف القتل العمد للمدنيين والتدمير الذي طال جميع أنحاء الوطن، والعمليات العسكرية لاجتياح الجنوب وقتل أبنائه، ولا سيما ما يجري في محافظة عدن.
ورحب بقرار مجلس الأمن الدولي حول اليمن، موجّهاً نداءً إلى أبناء القوات المسلحة والأمن أن يكونوا في ركب مؤسسة الدولة الشرعية، متمنياً من الجميع العودة إلى الحل السياسي لإخراج اليمن من أزمته الراهنة. وأكد أن ليس هناك من نية لتشكيل حكومة جديدة في الوقت الراهن، مضيفاً أن الحكومة المصغرة ستمارس مهامها من الرياض إلى أن تستتب الأوضاع في اليمن وستعود حينها لممارسة مهامها من العاصمة اليمنية صنعاء.
ورداً على سؤال "العربي الجديد" لبحاح عن مقترح لإمداد المحافظات الخارجة عن سيطرة الحوثي بوقود من السعودية وبسعر الوقود فيها، أكد بحاح أن "هناك جهوداً تبذل في الإطار، وأن العمل الإغاثي لن يستثني أي محافظة في اليمن، سواء التي لها منافذ بحرية أو التي ليس لها منافذ".
اقرأ أيضاً: اليمن: التوتر في تعز باقٍ.. والمخلافي يعلن المقاومة المسلحة
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر رئاسية يمنية أن بحاح بصدد جولة خارجية لعدد من العواصم العربية. وكشفت مصادر خاصة أن الأمين العام المساعد في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، سلطان البركاني، الذي كان في الرياض، انتقل إلى العاصمة المصرية القاهرة، ومن المقرر أن يعود ضمن جهود سياسية مستمرة للتوسط بحل سياسي.
يأتي هذا في وقت كشفت فيه وسائل إعلامية أن صالح حاول تسويق مبادرة جديدة، عبر رسائل وجّهها إلى دول خليجية حملتها قيادات في حزب "المؤتمر"، لطلب الخروج الآمن له ولأسرته، مبدياً استعداده للتعاون، لكن طلبه قوبل بالرفض من السعودية.
وفي سياق المشاورات حول الوضع اليمني، زار ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، الرياض، أمس الخميس، حيث أجرى مباحثات مع ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز. وقالت وكالة الأنباء البحرينية إنه جرى خلال اللقاء "بحث مجمل الأحداث في المنطقة وآخر مستجدات الأوضاع على الساحتين العربية والدولية، لا سيما تطورات الوضع على الساحة اليمنية".
إلا أن هذه المبادرات لم توقف التحضيرات للتدخل البري، إذ كشفت مصادر دبلوماسية عربية، لـ"العربي الجديد"، أن "اجتماع رؤساء الأركان للجيوش العربية سوف يعقد الأربعاء في مقر الأمانة العامة للجامعة برئاسة الأمين العام نبيل العربي، الذي وجّه الدعوة إليهم حسب تكليف القمة العربية نهاية مارس/ آذار الماضي في شرم الشيخ من أجل التحرك في شأن موضوع تشكيل قوة عربية مشتركة".
وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع، الذي يأتي في توقيت بالغ الأهمية، سيناقش مجمل الأوضاع العربية الراهنة، ومصادر تهديد الأمن القومي في ظل اشتعال بؤر التوتر في العديد من الدول، إلى جانب تصاعد موجة الإرهاب العابر للحدود الذي بات يهدد كيانات ووحدة دول قائمة.
ورجّحت المصادر أن تهيمن على الاجتماع عملية "عاصفة الحزم"، وما حققته خلال الأسابيع الماضية، خصوصاً بعد قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر يوم الثلاثاء الماضي.
هذه التطورات تأتي مع إعلان تنحي المبعوث الأممي جمال بنعمر عن متابعة الشأن اليمني، بعد أربع سنوات قضاها مبعوثاً خاصاً في هذا البلد، وكان له دور رئيسي في مختلف المنعطفات خلال المرحلة الانتقالية. ولكن انتهاء فترة إشرافه على الملف اليمني لا تعني تخلي الأمم المتحدة عن دورها في القضية اليمنية، كما أكد بنعمر لـ"العربي الجديد"، موضحاً أن تعبير "استقالة" الذي تناقلته بعض القنوات والصحف العربية غير دقيق لوصف تبديل مهمته في المنظمة الدولية. ولفت إلى أنه كان قد طلب من الأمين العام للأمم المتحدة مراراً إعفائه من مهمته في اليمن لكن الأمين العام كان يؤجل ذلك، لأن الملف اليمني معقد وأي مسؤول جديد يتعامل مع الملف قد يحتاج إلى وقت للإلمام به.
ورداً على استفسار عن صحة معارضة روسيا لإعفائه من مهمته في اليمن، قال بنعمر: "ليس روسيا فقط التي اعترضت، بل كل أعضاء مجلس الأمن طالبوني بالبقاء، ولكني وجدت أن الظرف حالياً أصبح ملائماً، لأن اليمن والمنطقة دخلت منعطفاً جديداً، وقد تكون المهمة مختلفة بعد دخول المنطقة في صراع مسلح".
وعن صحة الأنباء التي ذكرت بأن خلافات مع أطراف يمنية أو مع دول مجلس التعاون الخليجي هي التي أدت إلى إعفائه من مهمته، قال بنعمر إن "الخلافات موجودة من أول يوم، وهذا أمر طبيعي لا يتعارض مع طبيعة المهمة التي تم تكليفي بها، ولكن هناك مبالغات إعلامية كبيرة في توصيف التباينات في وجهات النظر".
اقرأ أيضاً: قتلى وجرحى لـ"الحوثيين" بغارات في أبين وبكمين في تعز