وخلال الـ48 ساعة الماضية، كانت محافظة حجة الساحلية والحدودية مع السعودية، الساحة الأبرز للتصعيد، حيث أفادت مصادر في قوات الشرعية لـ"العربي الجديد"، بأن مواجهات عنيفة شهدتها مديرية "ميدي"، إثر هجوم على الأقل، شنه الحوثيون والقوات المتحالفة معهم، على مواقع خاضعة لسيطرة قوات الشرعية والتحالف في جبهة "ميدي" الحدودية، والتي تحوّلت إلى ساحة مواجهات ترتفع من حين لآخر، وذلك منذ أكثر من عامين.
وأعلنت المنطقة العسكرية الخامسة، التي تقع محافظة حجة في إطارها، الجمعة، عن سقوط 70 قتيلاً وجريحاً من الحوثيين وحلفائهم، بالمواجهات في منطقة "ميدي"، على أثر هجوم وصفته بـ"الفاشل"، فيما نفّذ "التحالف العربي"، خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين، ما يزيد عن 30 غارة جوية في جبهتي "ميدي" و"حرض".
وجاء هجوم الحوثيين في "ميدي" وتصاعد غارات التحالف، بالتزامن مع معلومات عن استعداد قوات الشرعية لعملية عسكرية تسعى من خلالها لاستكمال السيطرة على منطقة "ميدي" ومناطق محافظة حجة الساحلية، حيث استقدمت قوات الشرعية لواءً عسكرياً من محافظة مأرب، هو لواء القوات الخاصة بقيادة العميد محمد الحجوري، وهو اللواء الذي أكّدت مصادر في الجيش لـ"العربي الجديد"، أنه تلقى تدريبات نوعية خلال الأشهر الماضية، بما فيها الاقتحام في المناطق الجبلية والسكنية. وكان من المقرر أن ينضم هذا اللواء إلى جبهات القتال في مديرية "نِهم"، شرق صنعاء، إلّا أنه توجه إلى جبهة "ميدي"، على الحدود مع السعودية، في ظل ما قالت مصادر قريبة من التحالف إنه عملية واسعة في المنطقة.
وتعدّ "ميدي" وإلى جانبها "حرض"، من أبرز المناطق اليمنية الحدودية مع السعودية، إذ تمثّل الأولى المنفذ البحري الأقرب إلى معاقل الحوثيين، وتشهد مواجهات ترتفع من حين لآخر، منذ أواخر العام 2015، عندما تقدّمت قوات يمنية موالية للشرعية ومدعومة من القوات السعودية، باتجاه "ميدي"، وتحوّلت إلى ما يشبه "ثقباً أسود" ابتلع المئات من الجنود من أفراد الشرعية ومن أفراد القوات السودانية، التي تم تحويلها منذ شهور طويلة إلى هذه الجبهة، في مقابل خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد للحوثيين، الذين يتعرضون للضربات الجوية، إلا أنهم وبسبب الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، سعوا لعرقلة سقوطها في أيدي التحالف وقوات الشرعية، وانتقلوا في بعض الأحيان من الدفاع إلى الهجوم. وكان التصعيد الأخير قد استُبق بتعيين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لقائد جديد للمنطقة العسكرية الخامسة، هو اللواء حسين صلاح.
من زاوية أخرى، يتزامن التصعيد مع ارتفاع وتيرة الضربات الجوية للتحالف في أكثر من محافظة، وتحركات عسكرية، تحرّك معها الجمود في العديد من الجبهات، بمحافظة الجوف وشرق صنعاء وجنوب الحديدة.
وكشف مستشار الرئيس اليمني، القائم بأعمال وزير الدفاع، الفريق محمد علي المقدشي، عن سعي قوات الشرعية للتقدّم من محافظة الجوف باتجاه عمران، شمال صنعاء. وأشار خلال اجتماع بقيادات المنطقة العسكرية السادسة (تضم عمران وصعدة والجوف)، منذ أيام، إلى "أهمية التقدّم باتجاه منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران، وقطع شريان التواصل والإمداد للمليشيات بين صنعاء وصعدة"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الحكومية بنسختها التابعة للشرعية.
وتنظر قيادات قوات الشرعية المدعومة من التحالف إلى أن وضع الحوثيين، في ظلّ الضربات الجوية التي يتعرضون لها بوتيرة شبه يومية، وبعد انهيار تحالفهم مع الموالين للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، أواخر العام الماضي، باتوا أضعف في كل الأحوال، إلا أنهم في المقابل، ينفذون حملات مستمرة على مستوى المناطق والمديريات، ويعلنون من حين لآخر عن تخريج دفعات جديدة من المقاتلين.
الجدير بالذكر أن مواقع لقوات الشرعية تعرّضت أكثر من مرة، لقصف جوي من قبل التحالف، قيل إنه "عن طريق الخطأ"، إلا أنّ هناك علامات استفهام تُوضع حول مثل تلك الحوادث، ويعتبرها اليمنيون مؤشراً على عدم جدية التحالف بدعم قوات الشرعية، أو بأهداف متعلّقة به والخارطة الجديدة التي يريد أن تكون عليها السيطرة في المحافظات. وبالنسبة للمناطق القريبة من الحدود والساحل الغربي، فقد بدا واضحاً خلال العام الماضي، أنها أولوية بالنسبة للتحالف، على عكس مناطق أخرى تحوّلت إلى مناطق استنزاف للمقاتلين من الطرفين.