انشغلت الساحة اليمنية، أمس الإثنين، بالأنباء التي تحدثت عن عودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى عدن، بعد مرور عام كامل على انقلاب الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وفي حين تضاربت الأنباء حول صحة هذه العودة من عدمها، جزمت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، بأنه لم يعد إلى العاصمة المؤقتة رغم رغبته بذلك، بدليل إبلاغه شخصيات التقته أخيراً في الرياض، بأنه سيعود إلى عدن قبل عيد الأضحى. وأشارت المصادر إلى أن عودة الرئيس اليمني تأتي لتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها بأن عدن تحت قبضة الدولة، وليس كما يروج بعض الأطراف الداعمة للانقلابيين، أنها تحت سيطرة الجماعات المسلحة و"القاعدة"، في ظل استمرار رفض المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، زيارتها.
وأوضحت المصادر أن الرئيس اليمني سيمكث في عدن حتى بعد عيد الأضحى، ثم سيغادر إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونفت مصادر حكومية مقربة من رئيس الحكومة خالد بحاح، لـ"العربي الجديد"، عودة هادي إلى عدن، مؤكدة أن بحاح يدير الأوضاع مع حكومته من المحافظة. وتجري الحكومة لقاءات مع كل الأطراف من "مقاومة" وجيش وأمن ومسؤولين محليين، ومنظمات إغاثية ومجتمع مدني، لمناقشة الأوضاع، وهي تشرح رؤيتها لإعادة تطبيع الأوضاع في عدن، واستعادة الأمن والاستقرار، والبدء في التنمية والإعمار في عدن.
في المقابل، كشفت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد" أن ناصر عبدربه منصور هادي، نجل الرئيس اليمني، المسؤول عن حراسته الشخصية، عاد إلى عدن، وبدأت تشديدات أمنية وعسكرية في محيط القصور الرئاسية، لا سيما منطقة المعاشيق حيث مجمع القصر الرئاسي. وقالت المصادر إن "ناصر هادي، ومدير مكتب الرئيس محمد مارم، يتواجدان في قصر المعاشيق، ومنعا عمال الترميمات داخل القصور من الدخول لمباشرة عملهم، ونشرا عشرات من الحراسات الأمنية الخاصة عند مداخل منطقة المعاشيق الرئاسية" في مؤشر إلى خشيتهما من أجواء نقمة شعبية إزاء أطراف من الشرعية اليمنية.
وأوضحت المصادر أن "ترميم قصر المعاشيق اقترب من نهايته، وتقوم بعمليات الترميم شركة إماراتية، وأغلب العمال من جنسيات أجنبية، وتم منعهم من الدخول بعد الإجراءات الأمنية، التي اتُخذت بعد عودة ناصر هادي إلى عدن". وكانت قوات التحالف والشرعية قد منعت الدخول إلى منطقة المعاشيق، بعد بدء عمليات الترميم في القصر الرئاسي على خلفية تضرره أثناء الحرب في عدن.
اقرأ أيضاً: سنة على انقلاب اليمن: أدوات الحوثيين "نظرياً" وعملياً
من جهة أخرى، استقبل اليمنيون الذكرى الأولى لاجتياح صنعاء من قبل المليشيات فيما تمر البلاد بمرحلة من الأصعب، مع آثار أمنية واقتصادية كبيرة لهذا الاجتياح، بينما استقبل الحوثيون هذا اليوم كمناسبة لانطلاق ما يطلقون عليه "ثورة 21 سبتمبر"، وأعلنوه عطلة رسمية.
وأحيا الحوثيون المناسبة أمس من خلال تظاهرة دعا إليها زعيم الجماعة في صنعاء، بالإضافة إلى لوحات إعلانية في الشوارع كُتبت عليها عبارات تصف ذلك اليوم بأنه ذكرى "سقوط قوى النفوذ والارتهان"، وغيرها من العبارات. وبينما أعلن الحوثيون يوم أمس عطلة رسمية، علمت "العربي الجديد" أن قطاعات خاصة، وشركات ومنشآت مختلفة، وبعض المؤسسات الحكومية، لم تلتزم بالعطلة وواصلت عملها بشكل طبيعي، في رسالة رفض للسطوة الحوثية.
وأطلّ زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، ليل الأحد، بعد حوالى الشهرين على آخر ظهور له، في خطاب دام أكثر من ساعة، قدّم فيه "المبررات" التي جعلت جماعته تتحرك نحو صنعاء، وفي مقدمتها "الأطماع الخارجية بالسيطرة على البلاد". على حد تعبيره. ووضع الحوثي جميع معارضي انقلابه في خانة "العملاء المأجورين" جرياً على عادته في خطاباته النارية.
كما أعلن الحوثي "الترحيب بأي مساعٍ للحلول السلمية بالقدر الذي لا يمس بالسيادة الوطنية ولا يشرعن العدوان ولا ينتقص من حقوق الشعب اليمني، واستحقاق ثورته الشعبية ومطالبه المشروعة".
ميدانياً، لا تزال المعارك مستمرة في تعز. وواصل بحاح أمس الإثنين لقاءاته في عدن لبحث معركة تعز، والتقى الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عبدالله نعمان، والعميد يوسف الشراجي أحد قادة الجيش الوطني في تعز.
وقال نعمان لـ"العربي الجديد"، إن رئيس الحكومة حريص على تحرير محافظة تعز، فضلاً عن اهتمامه بالوضع الإنساني الذي تمر به المحافظة. وأعلن أن بحاح يجري ترتيبات كفيلة بحسم معركة تحرير تعز بشكل نهائي، والتي قال بأنها لن تتأخر. وأشار إلى أن "رئيس الحكومة يدرك أكثر منا بأن استعادة محافظة تعز من المليشيات وقوات الانقلاب، سيكون لها دور في تحرير كافة المحافظة اليمنية".
وحول ما يتم تداوله من حلول سياسية للأزمة اليمنية، أكد نعمان أن أي تفاوض هو لبحث آلية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 كوحدة متكاملة غير قابل للتجزئة.
وفي السياق نفسه، كشف مصدر عسكري لـ"العربي الجديد"، بأن "تحوّلات نوعية وهامة ستشهدها محافظة تعز خلال الأيام المقبلة ستؤدي إلى تغيير مجريات الأحداث على الأرض". وذكر المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه من المقرر أن يقود معركة التحرير في محافظة تعز ثلاثة من القادة العسكريين، هم قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن عدن الحمادي، والعميد ركن يوسف الشراجي، والعميد ركن عبدالرحمن الشمساني.
وقُتل 53 مدنياً وجرح عشرات الآخرين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، جراء قصف مليشيات الحوثي وقوات صالح على مناطق متفرقة في محافظة تعز.
وتشهد المحافظة اشتباكات متواصلة، فيما قال مصدر في "المقاومة" إن قوات الشرعية و"المقاومة" انسحبت من بعض مواقعها في منطقة وادي الدحي أمس بعد أن قامت المليشيات بهجوم واسع بمختلف الأسلحة في محاولة لاختراق جبهة منطقة وادي الدحي للمرة الثالثة خلال أربعة أيام.
وفي التطورات الميدانية أيضاً، شن طيران التحالف أمس غارات على مواقع للحوثيين وحلفائهم في صنعاء. أما في مأرب، فقد قُتل مسلحون من الحوثيين وقوات صالح في غارات وقصف مدفعي ومواجهات مع قوات الجيش الموالي للشرعية.
اقرأ أيضاً: وفد من الحوثي و"المؤتمر الشعبي" يستعدّ للتوجّه إلى مسقط