أعلن في بغداد عن تأسيس مليشيا جديدة باسم "كتائب مسلم بن عقيل"، بقيادة امرأة، ليرتفع بذلك عدد المليشيات في البلاد إلى 79، جميعها تنضوي ضمن "الحشد الشعبي"، وتتلقى دعما وتمويلا مباشرا من إيران وحكومة بغداد.
ويأتي الإعلان عن المليشيا الجديدة في سياق حمى تأسيس المليشيات، عقب قرار صدر، نهاية الشهر الماضي، يقضي بتنظيم عملها واعتبارها مؤسسة رسمية.
وبحسب مصادر مقربة من قيادات مليشيا "الحشد الشعبي"، فإن قائدة المليشيا امرأة تدعى إنعام بدر السويعدي، وكانت حتى وقت قريب أحد أعضاء لجنة الدعم النسوي لمليشيا "الحشد"، قبل أن تقرر تأسيس مليشيا جديدة تضم قرابة ألف مسلح.
وأكد مسؤول رفيع في شرطة العاصمة العراقية ذلك، مبينا، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "المليشيا الجديدة التي تقودها السويعدي قد تكون عبارة عن تجميع مقاتلين وإعادة تنظيمهم من جديد تحت إمرتها، وقد افتتحت مكاتب لها في بغداد ولديها سلاح".
ونشر ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قالوا إنها لكتاب رسمي صادر من هيئة "الحشد الشعبي" يرخص عمل المليشيا، وجاء فيه وفق أمر إداري: "بموجب الصلاحيات المخولة لنا من الأمين العام وقائد القوات، تقرر انضمام "كتائب مسلم بن عقيل" والأمين العام السيدة إنعام بدر جاسم السويعدي، ولها صلاحية في مخاطبة الجهات الرسمية وشبه الرسمية، وفتح المكاتب، ومسك الأرض بالمناطق الساخنة والدفاعية".
وظهرت الربيعي في صور وهي تتجول مع ضباط وعسكريين وسياسيين وقادة وعناصر مليشيات "الحشد"، وكانت ترتدي بزة عسكرية "مرقطة" يرتديها عناصر القوات الخاصة، وهي تتفقد عدداً من مقرات "الحشد".
وأثار خبر قيادة امرأة لإحدى المليشيات سخرية واسعة في البلاد المتخمة أصلا بالمليشيات.
وبحسب ما نشره الناشطون، فإن السويعدي تعتبر أول امرأة في تاريخ العراق تقود مليشيا مسلحة، في وقت تنتشر عشرات المليشيات المسلحة في عموم البلاد، وتشارك في العمليات العسكرية للجيش العراقي ضد تنظيم "داعش".
وفي السياق، قال الباحث في الجماعات المسلحة، حيدر الحسيني، إن "وصول العراق إلى هذه المرحلة الحرجة، وتشكيل مليشيات مسلحة بين آونة وأخرى، ينذر بدخول البلاد في هاوية أمنية خطيرة، فكل يوم تظهر لنا مليشيا جديدة باسم جديد"، موضحا في حديث مع "العربي الجديد"، أنه في "الأسبوع الحالي ظهر شخصان غريبان لم يعرفهما أحد مسبقاً، أحدهما يدعى الباقري النجفي، الذي تبين أنه كان من هواة تربية طيور الحمام، وهي من المهن المحتقرة في العراق، ليظهر معتمراً عمامة سوداء ويقود مليشيا مسلحة، ثم ظهرت امرأة تقود مليشيا مسلحة جديدة بتخويل رسمي".
واعتبر الحسيني أن "انتشار الجماعات المسلحة يعني دخول البلاد في مرحلة أشد خطراً بعد مرحلة "داعش"، والغريب منح هؤلاء الأشخاص صلاحيات واسعة من مسك الأرض والمشاركة في العمليات العسكرية".
وتنتشر في العراق أكثر من 70 مليشيا مسلحة موثقة رسمياً، تشكل أغلبها بعد منتصف عام 2014 مع اشتداد المعارك بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وكانت فتوى المرجع الديني، علي السيستاني، منتصف عام 2014 باسم "الجهاد الكفائي"، السبب الرئيسي في ظهور عشرات المليشيات المسلحة التي تنضوي تحت ما يعرف باسم "الحشد الشعبي".
وشكلت رئاسة الوزراء العراقية هيئة خاصة عرفت بـ"هيئة الحشد الشعبي"، تنضوي تحتها كافة المليشيات المسلحة في البلاد، ومنحتها صلاحيات واسعة وتسليح وتخصيصات مالية كبيرة.
وتتلقى أغلب تلك المليشيات دعماً مباشراً من إيران بالمال والسلاح، وتنتشر حالياً في المناطق الساخنة التي كان يسيطر عليها تنظيم "داعش"، مثل الفلوجة والرمادي وتكريت وبيجي وديالى وجرف الصخر وغيرها.
وارتكبت تلك المليشيات ما وصفها مراقبون بـ"جرائم إبادة جماعية" ضد المدنيين السنة في مناطق سيطرة "داعش"، وأعمال قتل جماعي ونهب وحرق للممتلكات العامة والخاصة.
وكان رئيس الوزراء، حيدر العبادي، قد اعترف، في مايو/أيار الماضي، بوجود أكثر من 100 فصيل مسلح في العاصمة بغداد، قال إنها لا تنتمي لـ"الحشد"، ما أثار موجة من الانتقادات اللاذعة.
وتتصاعد المطالبات الشعبية بحل المليشيات والجماعات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، وفرض القانون، وإبعاد ما يعرف بـ"الحشد الشعبي" عن المدن العراقية الساخنة، منعاً لإدخال البلاد في دوامة العنف الطائفي الذي عصف بالعراق بين عامي 2006–2007.