يوم 20 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت الطبيبة المصرية والنقابية البارزة منى مينا، ترشّحها رسميًا لمنصب نقيب الأطباء خلال انتخابات التجديد النصفي القادمة التي ستجرى في 11 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وهو نبأ هلل له قطاع واسع وعريض من الأطباء لما لها من سمعة طيبة وتاريخ نقابي حافل ومواقف إنسانية جمة.
وبعد نحو شهر، وتحديدًا في 25 يوليو/تموز الجاري، أعلنت مينا، تنازلها عن الترشح لانتخابات الأطباء. فجاء الخبر مفاجئًا وغير متوقع، رغم أن مينا كانت مرشحة على قائمة الاستقلال مع كل من النقيب الحالي حسين خيري، وعضو مجلس النقابة السابق إيهاب طاهر، وفي كل الأحوال كان لا بد من الاكتفاء بمرشح واحد فقط من بينهم على مقعد النقيب.
سرعة اتخاذ القرار كانت مفاجئة لعدم التمهيد له، وآخرون فوجئوا بسقوط مينا أولًا من مرشحي قائمة الاستقلال على مقعد النقيب، وكانوا في انتظار تنازل المرشحين الآخرين وإكمال الانتخابات بها. بينما آخرون رأوا هذا التحول من زاوية أخرى: "منى مينا ليست الوجه الذي سيرضى به النظام".
فقد فرض نظام الثالث من يوليو/تموز 2013 في مصر، علاقة مريبة ومشوشة بالنقابات المهنية. علاقة قد تسمح بالمعارضة، ولكن بشروط أن يكون لها حد أقصى، وأدوار ثانوية، ومساحة محكومة على أرض الواقع والواقع الافتراضي كذلك –منصات التواصل الاجتماعي-.
فهم بعضهم هذه الرسالة مبكرًا، وقامت برامجهم الانتخابية على مبدأ "الإمساك بالعصا من المنتصف"، من خلال بناء قاعدة جماهيرية تقوم على تقديم الخدمات للأعضاء والدفاع عنهم وتبني صوتهم، لكن دون تصادم مع النظام في نفس الوقت. فكان لهم نصيب وافر في مجالس النقابات. نجحوا ليس فقط بدعم من النظام، ولكن بدعم من الناخبين أيضًا، بمنطق نفعي بحت، إذ إن أعضاء الجمعيات العمومية للنقابات أدركوا مؤخرًا أن الانتفاع من عضو مجلس نقابة يقدم خدمات وله علاقة بالحكومة، أفضل كثيرًا من عضو مجلس محسوب على المعارضة وتعاقبه الحكومة بعدم الاستجابة لأي من مطالبه مهما صغرت.
يقول عضو في مجلس نقابة الأطباء سابقًا "النظام لن يقبل بمنى مينا في مجلس النقابة. يكتفي فقط بدورها في العمل العام. لكن صعودها لمنصب النقيب لا يمكن أن يتم في هذه الظروف السياسية".
وتابع عضو المجلس –فضّل عدم ذكر اسمه- "منى مينا ثائرة ونشيطة للغاية على مواقع التواصل الاجتماعي، على عكس النقيب الحالي حسين خيري، فهو أيضًا مناضل وثائر، لكنه هادئ يعمل بلا صخب وفي منأى عن السياسة. ولا وجود له سوى في مجلس النقابة وبين الأطباء. هذا هو الفارق".
اقــرأ أيضاً
وكان هجوم حاد قد قاده أطباء ومواطنون عاديون، على منى مينا خلال الشهر الماضي، لا سيما بعدما اشتبكت مع أزمة بين السياسي والمحامي الحقوقي البارز خالد علي، وعدد من الأطباء في مستشفيات خيرية وخاصة، إثر تعرضه لموقف سجله كاملًا عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وأعادت نشره مينا، رغم هجوم الأخير على الأطباء الذين تعامل معهم.
ورأى مراقبون أن تورط مينا في "الدفاع عن أصدقائها السياسيين والحقوقيين في هذا التوقيت الانتخابي الحرج، أضر بموقفها كثيرًا".
لكن مينا، دافعت عن موقفها، لا سيما بعدما هاجمها الطبيب المعني بواقعة السياسي والحقوقي خالد علي، وكتبت عبر حسابها الخاص على موقع "فيسبوك" رسالة لزملائها بشكل عام والطبيب المعني بواقعة خالد علي، أوضحت من خلالها أنها كانت تقدم التركيز على الجانب الإيجابي في القصة، و"لم يكن هناك تشهير بأي طبيب ولا حتى مستشفى بالاسم.. يلاحظ أن البوست الاصلي لم يذكر أي أسماء... بالتأكيد أنك زميل محترم وأن كلامي القصد منه الاحتفاء بأطباء مستشفى حكومي محترم وليس الهجوم عليك".
ثم ردت على بعض التعليقات الملحقة بما كتبه "الزملاء اللي بيقولوا إن عليّ واجب الاعتذار.. أظن أني وضحت أني لم أقصد أي مساس بأي طبيب ولكني كنت مهتمة بإبراز الجانب الإيجابي.. خصوصا أن اسم الطبيب لم يرد في كلامي ولا في البوست الأصلي.. ولكن على كل الأحوال إذا كان هناك أي إيذاء لحِق بالطبيب من كلامي فأرجو أن يقبل اعتذاري عن إيذاء غير مقصود.. الحقيقة كنت أقصد العكس تماما".
وعلى النقيض تمامًا، استفاد مرشحون آخرون على مقعد النقيب ومقاعد مجلس النقابة، من واقعة خالد علي، بأن حمّلوه مسؤولية إهانة فريق طبي من أطباء وتمريض أدوا مهامهم على أكمل وجه، ودافعوا عن الأطباء الذين اتهمهم خالد علي بالتجارة والتقصير.
لكن الجانب الكبير من الهجوم على مينا، قادته صفحة باسم "تيار كرامة الطبيب والمريض"، وعدد من الأطباء، إذ شنوا هجومهم على قائمة الاستقلال بالكامل، وتشبثوا بالهجوم خصيصًا على واقعة خالد علي الذي اتهم أطباء بـ"التجارة".
ثم تطرق الهجوم، لنشر عشرات التصريحات لمنى مينا التي تهاجم فيها سياسات الصحة في مصر، وتنتقد ممارسات وزارة الصحة. وزاد الهجوم بالتشكيك في ذمتها المالية، خلال رئاستها صندوق النقابة، واتهامها بتبديد أموال النقابة، وهو ما اضطرت مينا للرد عليه أيضًا في بعض التعليقات، موضحة أنها لم تتقاضَ أي نظير مالي خلال فترة عملها النقابي.
ورأى مراقبون وأعضاء من مجلس نقابة الأطباء حاليون وسابقون، أن تلك الحملة نجحت في إضعاف قائمة الاستقلال في الانتخابات القادمة، وليس في إضعاف موقف منى مينا وحدها، وهو ما يزيد من فرص نجاح المرشحين المقبولين لدى النظام، وبذلك يدخل مجلس نقابة الأطباء القادم دائرة "المعارضة المستأنسة" كما سبقته مجالس نقابات مهنية أخرى، آخرها نقابة الصحافيين.
وبعد نحو شهر، وتحديدًا في 25 يوليو/تموز الجاري، أعلنت مينا، تنازلها عن الترشح لانتخابات الأطباء. فجاء الخبر مفاجئًا وغير متوقع، رغم أن مينا كانت مرشحة على قائمة الاستقلال مع كل من النقيب الحالي حسين خيري، وعضو مجلس النقابة السابق إيهاب طاهر، وفي كل الأحوال كان لا بد من الاكتفاء بمرشح واحد فقط من بينهم على مقعد النقيب.
سرعة اتخاذ القرار كانت مفاجئة لعدم التمهيد له، وآخرون فوجئوا بسقوط مينا أولًا من مرشحي قائمة الاستقلال على مقعد النقيب، وكانوا في انتظار تنازل المرشحين الآخرين وإكمال الانتخابات بها. بينما آخرون رأوا هذا التحول من زاوية أخرى: "منى مينا ليست الوجه الذي سيرضى به النظام".
فقد فرض نظام الثالث من يوليو/تموز 2013 في مصر، علاقة مريبة ومشوشة بالنقابات المهنية. علاقة قد تسمح بالمعارضة، ولكن بشروط أن يكون لها حد أقصى، وأدوار ثانوية، ومساحة محكومة على أرض الواقع والواقع الافتراضي كذلك –منصات التواصل الاجتماعي-.
فهم بعضهم هذه الرسالة مبكرًا، وقامت برامجهم الانتخابية على مبدأ "الإمساك بالعصا من المنتصف"، من خلال بناء قاعدة جماهيرية تقوم على تقديم الخدمات للأعضاء والدفاع عنهم وتبني صوتهم، لكن دون تصادم مع النظام في نفس الوقت. فكان لهم نصيب وافر في مجالس النقابات. نجحوا ليس فقط بدعم من النظام، ولكن بدعم من الناخبين أيضًا، بمنطق نفعي بحت، إذ إن أعضاء الجمعيات العمومية للنقابات أدركوا مؤخرًا أن الانتفاع من عضو مجلس نقابة يقدم خدمات وله علاقة بالحكومة، أفضل كثيرًا من عضو مجلس محسوب على المعارضة وتعاقبه الحكومة بعدم الاستجابة لأي من مطالبه مهما صغرت.
يقول عضو في مجلس نقابة الأطباء سابقًا "النظام لن يقبل بمنى مينا في مجلس النقابة. يكتفي فقط بدورها في العمل العام. لكن صعودها لمنصب النقيب لا يمكن أن يتم في هذه الظروف السياسية".
وتابع عضو المجلس –فضّل عدم ذكر اسمه- "منى مينا ثائرة ونشيطة للغاية على مواقع التواصل الاجتماعي، على عكس النقيب الحالي حسين خيري، فهو أيضًا مناضل وثائر، لكنه هادئ يعمل بلا صخب وفي منأى عن السياسة. ولا وجود له سوى في مجلس النقابة وبين الأطباء. هذا هو الفارق".
ورأى مراقبون أن تورط مينا في "الدفاع عن أصدقائها السياسيين والحقوقيين في هذا التوقيت الانتخابي الحرج، أضر بموقفها كثيرًا".
لكن مينا، دافعت عن موقفها، لا سيما بعدما هاجمها الطبيب المعني بواقعة السياسي والحقوقي خالد علي، وكتبت عبر حسابها الخاص على موقع "فيسبوك" رسالة لزملائها بشكل عام والطبيب المعني بواقعة خالد علي، أوضحت من خلالها أنها كانت تقدم التركيز على الجانب الإيجابي في القصة، و"لم يكن هناك تشهير بأي طبيب ولا حتى مستشفى بالاسم.. يلاحظ أن البوست الاصلي لم يذكر أي أسماء... بالتأكيد أنك زميل محترم وأن كلامي القصد منه الاحتفاء بأطباء مستشفى حكومي محترم وليس الهجوم عليك".
ثم ردت على بعض التعليقات الملحقة بما كتبه "الزملاء اللي بيقولوا إن عليّ واجب الاعتذار.. أظن أني وضحت أني لم أقصد أي مساس بأي طبيب ولكني كنت مهتمة بإبراز الجانب الإيجابي.. خصوصا أن اسم الطبيب لم يرد في كلامي ولا في البوست الأصلي.. ولكن على كل الأحوال إذا كان هناك أي إيذاء لحِق بالطبيب من كلامي فأرجو أن يقبل اعتذاري عن إيذاء غير مقصود.. الحقيقة كنت أقصد العكس تماما".
وعلى النقيض تمامًا، استفاد مرشحون آخرون على مقعد النقيب ومقاعد مجلس النقابة، من واقعة خالد علي، بأن حمّلوه مسؤولية إهانة فريق طبي من أطباء وتمريض أدوا مهامهم على أكمل وجه، ودافعوا عن الأطباء الذين اتهمهم خالد علي بالتجارة والتقصير.
لكن الجانب الكبير من الهجوم على مينا، قادته صفحة باسم "تيار كرامة الطبيب والمريض"، وعدد من الأطباء، إذ شنوا هجومهم على قائمة الاستقلال بالكامل، وتشبثوا بالهجوم خصيصًا على واقعة خالد علي الذي اتهم أطباء بـ"التجارة".
ثم تطرق الهجوم، لنشر عشرات التصريحات لمنى مينا التي تهاجم فيها سياسات الصحة في مصر، وتنتقد ممارسات وزارة الصحة. وزاد الهجوم بالتشكيك في ذمتها المالية، خلال رئاستها صندوق النقابة، واتهامها بتبديد أموال النقابة، وهو ما اضطرت مينا للرد عليه أيضًا في بعض التعليقات، موضحة أنها لم تتقاضَ أي نظير مالي خلال فترة عملها النقابي.
ورأى مراقبون وأعضاء من مجلس نقابة الأطباء حاليون وسابقون، أن تلك الحملة نجحت في إضعاف قائمة الاستقلال في الانتخابات القادمة، وليس في إضعاف موقف منى مينا وحدها، وهو ما يزيد من فرص نجاح المرشحين المقبولين لدى النظام، وبذلك يدخل مجلس نقابة الأطباء القادم دائرة "المعارضة المستأنسة" كما سبقته مجالس نقابات مهنية أخرى، آخرها نقابة الصحافيين.