فرضت نتائج انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق الأخيرة، والتي لم تحصل فيها الكتل المعارضة على نسبٍ كبيرة من المقاعد، واقعاً جديداً، تمثلّ في الدفع باتجاه تفكك "حركة التغيير"، أحد أبرز الأحزاب الكردية المعارضة في الإقليم.
وتحدث مسؤول كردي رفيع في مدينة السليمانية، ثاني أكبر مدن الإقليم، لـ"العربي الجديد"، عن "اجتماعات متتالية داخل قيادات ورموز الحركة، مثل عثمان حاجي محمود، وقادر الحاج علي، وآخرين، قد ينتج منها قريباً انشقاق كبير داخل الحركة، من خلال ولادة حزب أو تيار جديد أيضاً، يكون ضمن المعارضة".
ولفت المصدر إلى أن "خسارة الحركة عدداً من مقاعدها المعروفة في البرلمان وتراجع شعبيتها هما السببان الرئيسيان وراء الانشقاق المتوقع، إذ فازت بنصف المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات السابقة".
من جهته، اعترف أحد أعضاء "حركة التغيير"، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بوجود خلافات كبيرة داخل الحزب بين قيادات بارزة، مشيراً إلى أن "التوتر والانشقاق داخل الحزب بلغا درجة قد تصل إلى إنهاء حركة التغيير كحركةٍ سياسية".
ولفت عضو "حركة التغيير" إلى أن "الأسباب التي تقف وراء ذلك كثيرة، لا سيما بعد وفاة زعيم الحركة نوشيروان مصطفى، ثم استحواذ أولاده على أملاك الحزب وعلى المؤسسة الإعلامية التابعة له، فضلاً عن المصادر المالية للحركة، كما تمّ تسجيل كل ممتلكات الحزب باسم أولاده، الذين أصبح أحدهم منسق الظل داخل حركة التغيير، كما أنّ آلية اتخاذ القرارات في هذه الأمور كلها متراكمة، ما أدى إلى انزعاج عددٍ من القادة"، مبيناً أنّ "نتائج انتخابات إقليم كردستان تؤشر على هذا الخلاف، فلم تحصل الحركة إلّا على 12 مقعداً، بعدما كانت تملك 24 مقعداً في الدورة السابقة".
إلا أن القيادي في "حركة التغيير"، النائب هوشيار عبدالله، نفى وجود انشقاقات داخل الحركة، قائلاً لـ"العربي الجديد" إنّ "الاتحاد الوطني يلجأ إلى شراء الذمم لمجموعة من الكوادر من داخل الحركة"، مؤكداً أنّ "التغيير هي أوسع حركة جماهيرية داخل الإقليم، مقارنةً بالحزب الديموقراطي الكردستاني".
وأوضح عبدالله أنّه "على مستوى القيادة قبل الانتخابات، كان هناك نوع من الاستقالة لمجموعة من القيادات الحزبية، لكن ليس بأسلوب الانشقاق، وإنما بأسلوب مغادرتهم الحياة الحزبية"، مؤكداً أن "حركة التغيير متماسكة على المستوى الحزبي"، وأنّ قياداتها، ومنها قادر حاج علي وعثمان حاج محمود، "لا يزالون محسوبين على التغيير، لكنهم تركوا المناصب القيادية، ودعموا التغيير والحملة الانتخابية، وحثوا الناس للتصويت لها".
وحول ذلك، تحدث الخبير في الشأن الكردي، علي ناجي، عن وجود تحركات لاتخاذ قرار سياسي من قبل المعترضين على سياسة حركة التغيير الحالية، خاصةً من قبل المنشقين عنها". وقال خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إنّ "حركة التغيير منذ تأسيسها كان تنظيمها الجماهيري منقسماً إلى ثلاث جهات، بين نوشيروان مصطفى، مؤسسها، وعمر سيد علي، الرئيس الحالي، وعثمان حاجي محمود، الشخصية القيادية ذات الواجهة الاجتماعية والخلفية العسكرية، وقد حصلت الخلافات داخل الحركة بعدما كانت تتخذ قراراتها من قبل زعيمها ومؤسسها، ما أدى إلى تصدعها من دون إعلان ذلك".
وأوضح ناجي أنّه "بعد رحيل مؤسسها وتولي عمر سيد علي، المدعوم من أبناء نوشيروان مصطفى، توسعت الخلافات وتقاعد صقور الحركة عن العمل السياسي، منهم عثمان حاجي محمود، وكذلك قادر الحاج علي، الشخصية القوية، والمعروف بنفوذه بالمؤسسات الأمنية الكردية، لتأسيسه جهازي الاستخبارات في الاتحاد الوطني (زانيا ري)، عندما كان فيه".
وأضاف الخبير بالشأن الكردي أن "القياديين هما الأساس بالحركة، ولنفوذهما الجماهيري والأمني، دور كبير، أما استمرارهما بعقد الاجتماعات مع المنشقين من الحركة والمعترضين على سياستها فسيؤدي إلى تأسيس حركة تضعف التغيير كثيراً، وتغير المعادلة السياسية بالإقليم، بعد ظهور حركات شبابية جديدة في الساحة الكردية".