18 يوليو 2017
انتعاش اليمين الأميركي
لم يتأخر اليمين الأميركي الشعبوي في مساندة الرئيس دونالد ترامب إثر انتخابه، مسيرات كبرى نظّمتها مجموعات ولوبيات يمينية متطرفة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 جاءت رداً على الاحتجاجات المناهضة له، والتي بدأت منذ انتخابه. منظّمو هذه التجمعات من أمثال حركة حزب الشاي ومجموعة "مين ستريت باتروتس"، ومجموعات أخرى من اليمين الراديكالي الأميركي وجدت في انتخاب ترامب فرصة كبرى، ووجدت مع خطابه السياسي وأجنداته المحافظة تطابقاً شبه كامل. كانت المسيرة التي نظمتها هذه التجمعات، تحت اسم روح أميركا، أشبه برسالة موّجهة للرئيس الجديد، مفادها، وكما صاغها أحد قادة حزب الشاي: لن تسير وحدك.
ولكن، ما هي طبيعة هذا اليمين الذي يستند اليه الرئيس ترامب؟ وما هي أجنداته السياسية والأيديولوجية؟
تأسست حركة حزب الشاي، على سبيل المثال، عبر مجموعة من التوافقات والانتماءات المشتركة الفضفاضة التي كانت تجتمع في حفلات شرب الشاي في مجلس النواب ومجلوس الشيوخ في الولايات المتحدة، وضمّت أكثر الجمهوريين تطرّفاً، وأعلنت الحركة عن نفسها عبر مجموعة من الاحتجاجات السياسية في العام 2009، لتعرف منذ ذلك الحين باسم حركة "حزب الشاي".
يقول المحلل السياسي، مايكل جونز، والذي يعتبر من مؤسسي الحزب أنّ مصدر الاسم هو الاحتجاج الشعبي الذي نفذه الأميركيون عام 1773 على ضرائب فرضها البرلمان البريطاني على الشاي المستورد إلى المستعمرات الأميركية، حيث توّسعت الاحتجاجات، وأدت إلى تخريب صناديق الشاي المستوردة، والاستيلاء على سفن التاج البريطاني، ما أدى إلى إشعال شرارة الثورة الأميركية و حرب الاستقلال.
في الداخل، يمكن اختصارها بالليبرالية المتشدّدة، أي تأييد أيديولوجية السوق المتحرّرة من القيود بنسختها الأكثر تطرفا. وفي الخارج، التشدّد في ما يسمّى الحرب على الإرهاب.
بنت أفكارها على آراء منظرين كبار، أمثال صموئيل هنتنغتون وبرنارد لويس التي تقول إنّ العدو الأساسي للولايات المتحدة الأميركية بعد زوال الخطر الأحمر هو "التهديد الأخضر"، ممثلا بالإسلام ديناً ومنظومةً حضارية مناوئة لمنظومة القيم الأميركية.
إنّ توجه "مكافحة الأسلمة" وتوجهات وقف أسلمة المجتمعات الغربية تعدّ مسلّمات ثابتة في أجندات الحركة. ومن الملفت أنّ هذه التوجهات تزدهر في عهد ترامب بشكل غير مسبوق، إذ كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ جماعات الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة تضاعفت ثلاث مرات تقريباً منذ بداية العام. وبالطبع، لعبت حركة حزب الشاي دوراً قيادياً في امتطاء الموجة. شعارات عنصرية واضحة رفعت في مظاهرات "روح أميركا" والجو المعادي للمسلمين والعرب والمهاجرين فيها كان سائداً.
نفوذ حزب الشاي اليوم في الإدارة الأميركية الترامبية معتبر، فنائب ترامب مايك بينس يصف نفسه بأنّه "مسيحي ومحافظ وجمهوري"، وهو من مؤسسي حركة حزب الشاي. كان له دور قيادي في حشد الشارع المسيحي المحافظ وتعبئته لصالح ترامب، كما نجح في هزيمة نائب كلينتون، تيم كاين، في أكثر من مناظرة. ينطبق الأمر نفسه على أسماء كبيرة أخرى في الإدارة الجديدة، مثل ستيف بانون ومايك بومبيو وجيف سيشنز المحسوبين على جناح الصقور في الحزب الجمهوري والمجاهرين بتوجهاتهم العنصرية واليمينية. وفي مجلس النواب الأميركي، يشكل تجمع الحرية، تكتلاً برلمانياً قوياً منبثقاً من تيار حزب الشاي، وممثلاً سياسياً له، وهو معروف بتأييده الكبير لترامب. وقد برز دورهم المؤثر، أخيرا، في معركتهم من أجل إلغاء قانون الرعاية الصحية (أوباماكير) وعملهم الحثيث لحيازة عدد كاف من الأصوات للتمكّن من صدّ المشروع.
تستند قوة هذا اليمين اليوم، باعتباره جناحاً وفريقاً سياسياً على قواعد تمويلية ضخمة، ممثلة بلوبيات الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى اللوبي النفطي البالغ القوة في الداخل الأميركي، مضافاً إلى ذلك خبرتهم في مجال الدعاية السياسية والبربوغاندا والتحريض والتجييش الجماهيري والشعبي. قوتهم في قطاع الإعلام والميديا، وقد تمكنوا على سبيل المثال من إنشاء شبكة تواصل اجتماعي، باسم "مجتمع حزب الشاي" تكاد تكون منافسة لموقع "فيسبوك" في الداخل الأميركي.
اليمين الأميركي في مرحلة شهر عسل في ظلّ إدارة ترامب، فهذه المرحلة مناسبة وملائمة للتمكّن من تطبيق أجنداتهم التي راهنوا عليها طويلاً في الداخل والخارج. يمتلك أتباع أفكار ميلتون فريدمان وفريدريك هايك أوهاماً متعصبة حول إيديولوجية اقتصاد السوق، يفترضون أنّها طبّقت جزئيا فقط في عهدي رونالد ريغان وجورج بوش الابن. ويراهنون على أنّ تطبيقها المتشدّد اليوم سيؤدي إلى حصول "معجزات" في الاقتصاد الأميركي. كما وتجد تجمعات اليمين الأميركية اليوم نفسها أمام فرصة ذهبية لتضع أفكار هنتنغتون وبرنارد لويس حول صراع الحضارات والتفاوت الثقافي والعرقي والحضاري وحتمية "الاستثنائية الأميركية" موضع التطبيق بشكل أكثر تطرفاً وتشدّداً، خصوصا بعد عهد أوباما الذي وجدوه شديد "التساهل" والليبرالية إزاء مسائل الهجرة وحقوق الملونين والإسلام.
التوجهات المحافظة اليوم في أوج ازدهارها في الداخل الأميركي، وهي تعيش لحظتها حتى على المستوى الدولي، فكيف ستكون النتائج في ظلّ تجارب تاريخية سابقة، كان عنوانها العريض الفشل ومعاناة الشعوب؟
ولكن، ما هي طبيعة هذا اليمين الذي يستند اليه الرئيس ترامب؟ وما هي أجنداته السياسية والأيديولوجية؟
تأسست حركة حزب الشاي، على سبيل المثال، عبر مجموعة من التوافقات والانتماءات المشتركة الفضفاضة التي كانت تجتمع في حفلات شرب الشاي في مجلس النواب ومجلوس الشيوخ في الولايات المتحدة، وضمّت أكثر الجمهوريين تطرّفاً، وأعلنت الحركة عن نفسها عبر مجموعة من الاحتجاجات السياسية في العام 2009، لتعرف منذ ذلك الحين باسم حركة "حزب الشاي".
يقول المحلل السياسي، مايكل جونز، والذي يعتبر من مؤسسي الحزب أنّ مصدر الاسم هو الاحتجاج الشعبي الذي نفذه الأميركيون عام 1773 على ضرائب فرضها البرلمان البريطاني على الشاي المستورد إلى المستعمرات الأميركية، حيث توّسعت الاحتجاجات، وأدت إلى تخريب صناديق الشاي المستوردة، والاستيلاء على سفن التاج البريطاني، ما أدى إلى إشعال شرارة الثورة الأميركية و حرب الاستقلال.
في الداخل، يمكن اختصارها بالليبرالية المتشدّدة، أي تأييد أيديولوجية السوق المتحرّرة من القيود بنسختها الأكثر تطرفا. وفي الخارج، التشدّد في ما يسمّى الحرب على الإرهاب.
بنت أفكارها على آراء منظرين كبار، أمثال صموئيل هنتنغتون وبرنارد لويس التي تقول إنّ العدو الأساسي للولايات المتحدة الأميركية بعد زوال الخطر الأحمر هو "التهديد الأخضر"، ممثلا بالإسلام ديناً ومنظومةً حضارية مناوئة لمنظومة القيم الأميركية.
إنّ توجه "مكافحة الأسلمة" وتوجهات وقف أسلمة المجتمعات الغربية تعدّ مسلّمات ثابتة في أجندات الحركة. ومن الملفت أنّ هذه التوجهات تزدهر في عهد ترامب بشكل غير مسبوق، إذ كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ جماعات الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة تضاعفت ثلاث مرات تقريباً منذ بداية العام. وبالطبع، لعبت حركة حزب الشاي دوراً قيادياً في امتطاء الموجة. شعارات عنصرية واضحة رفعت في مظاهرات "روح أميركا" والجو المعادي للمسلمين والعرب والمهاجرين فيها كان سائداً.
نفوذ حزب الشاي اليوم في الإدارة الأميركية الترامبية معتبر، فنائب ترامب مايك بينس يصف نفسه بأنّه "مسيحي ومحافظ وجمهوري"، وهو من مؤسسي حركة حزب الشاي. كان له دور قيادي في حشد الشارع المسيحي المحافظ وتعبئته لصالح ترامب، كما نجح في هزيمة نائب كلينتون، تيم كاين، في أكثر من مناظرة. ينطبق الأمر نفسه على أسماء كبيرة أخرى في الإدارة الجديدة، مثل ستيف بانون ومايك بومبيو وجيف سيشنز المحسوبين على جناح الصقور في الحزب الجمهوري والمجاهرين بتوجهاتهم العنصرية واليمينية. وفي مجلس النواب الأميركي، يشكل تجمع الحرية، تكتلاً برلمانياً قوياً منبثقاً من تيار حزب الشاي، وممثلاً سياسياً له، وهو معروف بتأييده الكبير لترامب. وقد برز دورهم المؤثر، أخيرا، في معركتهم من أجل إلغاء قانون الرعاية الصحية (أوباماكير) وعملهم الحثيث لحيازة عدد كاف من الأصوات للتمكّن من صدّ المشروع.
تستند قوة هذا اليمين اليوم، باعتباره جناحاً وفريقاً سياسياً على قواعد تمويلية ضخمة، ممثلة بلوبيات الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى اللوبي النفطي البالغ القوة في الداخل الأميركي، مضافاً إلى ذلك خبرتهم في مجال الدعاية السياسية والبربوغاندا والتحريض والتجييش الجماهيري والشعبي. قوتهم في قطاع الإعلام والميديا، وقد تمكنوا على سبيل المثال من إنشاء شبكة تواصل اجتماعي، باسم "مجتمع حزب الشاي" تكاد تكون منافسة لموقع "فيسبوك" في الداخل الأميركي.
اليمين الأميركي في مرحلة شهر عسل في ظلّ إدارة ترامب، فهذه المرحلة مناسبة وملائمة للتمكّن من تطبيق أجنداتهم التي راهنوا عليها طويلاً في الداخل والخارج. يمتلك أتباع أفكار ميلتون فريدمان وفريدريك هايك أوهاماً متعصبة حول إيديولوجية اقتصاد السوق، يفترضون أنّها طبّقت جزئيا فقط في عهدي رونالد ريغان وجورج بوش الابن. ويراهنون على أنّ تطبيقها المتشدّد اليوم سيؤدي إلى حصول "معجزات" في الاقتصاد الأميركي. كما وتجد تجمعات اليمين الأميركية اليوم نفسها أمام فرصة ذهبية لتضع أفكار هنتنغتون وبرنارد لويس حول صراع الحضارات والتفاوت الثقافي والعرقي والحضاري وحتمية "الاستثنائية الأميركية" موضع التطبيق بشكل أكثر تطرفاً وتشدّداً، خصوصا بعد عهد أوباما الذي وجدوه شديد "التساهل" والليبرالية إزاء مسائل الهجرة وحقوق الملونين والإسلام.
التوجهات المحافظة اليوم في أوج ازدهارها في الداخل الأميركي، وهي تعيش لحظتها حتى على المستوى الدولي، فكيف ستكون النتائج في ظلّ تجارب تاريخية سابقة، كان عنوانها العريض الفشل ومعاناة الشعوب؟