وفتحت صناديق الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي، لاستقبال الإيرانيين الذين يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات ويبلغ عددهم 57 مليوناً و918 ألفاً و159 شخصاً.
ويتنافس في هذه الانتخابات 7157 مرشحاً بعد أن منحهم مجلس صيانة الدستور الأهلية للترشح، وذلك من أصل 16033 شخصاً قدموا طلباتهم للتنافس على 290 مقعداً برلمانياً، لكن تم استبعاد أكثر من نصفهم، معظمهم من التيار الإصلاحي الذي أبدى تحفظه على ذلك، معلنا أنه لا يمكنه منافسة التيار المحافظ في معظم الدوائر الانتخابية لعدم وجود مرشحين له.
إلا أن المتحدث باسم المجلس عباس علي كدخدائي، رفض الأربعاء الماضي، الاتهامات بانحياز المجلس لأي طرف، قائلا إن الجهاز يقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية.
واعتبر خامنئي في حديث للتلفزيون الإيراني بعد التصويت، أن اليوم هو "يوم احتفال وطني"، مؤكداً أن المشاركة في الانتخابات "واجب ديني"، مشيراً إلى أنها "تضمن المصالح الوطنية"، داعياً "كل من تهمه هذه المصالح" إلى المشاركة في التصويت.
وفيما تستمرّ عملية التصويت لعشر ساعات، طالب المرشد الإيراني، الناخبين بالإدلاء بأصواتهم في وقت مبكر، واختيار المرشحين في كل دائرة انتخابية بعدد مقاعدها، "ليكون البرلمان قوياً".
وأدلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، بصوته أثناء تفقده مقر لجنة الانتخابات بالداخلية الإيرانية. واعتبر في تصريحات أن مشاركة الإيرانيين في هذه الدورة من الانتخابات التشريعية "تمثل ملحمة وتحبط الأعداء"، داعياً الناخبين إلى المشاركة بكثافة والإسراع في الذهاب إلى مراكز الاقتراع.
وأضاف الرئيس الإيراني أن "مطلب الشعب هو وجود برلمان أكثر نشاطاً وقوة، يحلّ مشكلات الشعب بشكل سريع"، معرباً عن أمله في أن تتمكن الداخلية الإيرانية من إجراء الانتخابات المقبلة عام 2021 (الرئاسية) إلكترونياً.
كما شارك الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي، بالإضافة إلى قيادات أخرى من التيار الإصلاحي، منهم رئيس تكتل "الأمل" البرلماني محمد رضا عارف، في الانتخابات.
من جهته، قال ظريف بعد إدلائه بصوته، إن الشعب الإيراني، "على الرغم من بعض العتاب، يريد تقرير مصيره بنفسه" من خلال الانتخابات، مشيراً إلى أن الإيرانيين "لن يسمحوا بأن يقرّر شخص في واشنطن بشأنهم"، في إشارة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأكد ظريف أن "الانتخابات ما زالت أفضل طريق لجعل البلاد قوية ومرفوعة الرأس في الساحة الدولية".
وتأتي هذه الانتخابات كذلك بعد ساعات من فرض الولايات المتحدة عقوبات على خمسة أعضاء من مجلس صيانة الدستور، من بينهم رئيس المجلس رجل الدين أحمد جنتي. واتهمت واشنطن الشخصيات الإيرانية بحرمان الآلاف من المرشحين من خوض السباق التشريعي في إيران.
في السياق نفسه، قال المبعوث الأميركي الخاص لإيران، برايان هوك، في حديث للصحافيين، في أعقاب فرض العقوبات الجديدة، إن مجلس صيانة الدستور الإيراني يحول الانتخابات لصالح النظام، واصفا الانتخابات الإيرانية غداً بـ"مسرحية سياسية".
ورداً على هذه العقوبات، التي وصفتها طهران بـ"العبثية"، قال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، إن تصريحات هوك "تليق بالنظام الأميركي نفسه".
وتأتي انتخابات اليوم بعد أسبوع من حملات انتخابية للمرشحين، اتضحت فيه ملامح التنافس بين الأطراف السياسية المشاركة. كما شهدت هذه الفترة تحولات في القوائم الانتخابية، حيث بعدما بدأ المحافظون حملتهم بقائمتين في طهران، إثر فشل مباحثاتهم في تقديم قائمة مشتركة، اتفقوا يوم الثلاثاء الماضي، على توحيدهما في قائمة واحدة تُعرف بقائمة "الوحدة"، في خطوة تهدف إلى سدّ الطريق أمام الإصلاحيين في العاصمة التي تشهد نوعا من التنافس للفوز بمقاعد العاصمة البالغ عددها 30 مقعدا.
ويُتوقع أن يفوز المحافظون بأغلبية مقاعد البرلمان المقبل في ظل المشاركة الضعيفة لمنافسيهم الإصلاحيين، هي الأضعف مقارنة بالدورات السابقة، لأسباب عدة أولها استبعاد معظم مرشحيهم من قبل مجلس صيانة الدستور بحسب قياداتهم، والسبب الثاني عزوف قيادات إصلاحية عن المشاركة لوجود انقسامات داخلية حول الموقف من العملية الانتخابية وجدوى المشاركة فيها لتحقيق أهداف الإصلاح، والسبب الثالث هو عزوف محتمل لقواعد التيار عن التصويت. كل هذه الأسباب مجتمعة، ترفع حظوظ المحافظين بالفوز، خصوصا في العاصمة طهران، التي لها رمزيتها الخاصة، وهي تعتبر خزانا انتخابيا للإصلاحيين.
وفي السياق، تشير استطلاعات رأي أجراها معهد الدراسات والتحقيقات بجامعة طهران ومركز "إيسبا" لقياس الأفكار، خلال الشهر الماضي، إلى احتمال تسجيل هذه الدورة نسبة مشاركة أقل بالمقارنة بالدورات السابقة، حيث أوردت نتائج هذه الاستطلاعات أن 24 في المائة من المواطنين بالعاصمة، المستطلعة آراؤهم، قرروا المشاركة في عملية التصويت، وهي نسبة تكون قد ازدادت بعد شهر من إجراء الاستطلاعات، لكنها أيا كانت، فعلى الأغلب لا تبلغ المستويات السابقة.
يأتي هذا التطور في وقت يكتسب حجم المشاركة أهمية كبيرة بالنسبة لإيران في مواجهة الضغوط القصوى التي تمارسها واشنطن، بعد اتهامها بالسعي إلى الفصل بين الشعب والثورة. وفي السياق، ركز المسؤولون الإيرانيون على مدى الأسابيع والأيام الماضية على حث المواطنين على التصويت.
لكن السلطات نفسها، لا تتوقع أن تسجل الانتخابات هذه المرة نسبة مشاركة أعلى من المرة الماضية، إذ قال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس علي كدخدايي، الأربعاء الماضي في مؤتمره الصحافي: "نتوقع أن تتجاوز نسبة المشاركة 50 في المائة"، مضيفا: "نعلم أن عوامل مختلفة تؤثر على الانتخابات"، ويشير كدخدايي إلى هذه النسبة، فيما بلغت أكثر من ذلك خلال الدورة السابقة للانتخابات البرلمانية، إذ إنها وصلت إلى 61.83 في المائة.
أما بالنسبة لموعد الإعلان عن نتائج الانتخابات لحسم الجدل بشأن التوقعات، فقد أعرب المتحدث باسم لجنة الانتخابات الإيرانية، إسماعيل موسوي، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، الليلة الماضية، عن أمله في الإعلان عن النتائج يوم الأحد المقبل.
يشار إلى أنه بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية، تجري اليوم الجمعة أيضاً انتخابات تكميلية لمجلس خبراء القيادة، المسؤول عن تعيين وعزل وتقييم عمل المرشد الأعلى، في خمس دوائر انتخابية، توفي مندوبوها في المجلس خلال السنوات الماضية.
وهذه الدوائر الخمس هي محافظات طهران، وقم، وفارس، وخراسان الشمالية، وخراسان الرضوية.
وكان علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أبرز أعضاء مجلس خبراء القيادة، الذي توفي في يناير/كانون الثاني عام 2018. وترأس رفسنجاني هذا الجهاز لثلاث سنوات، قبل أن يخسر الموقع لصالح أحمد جنتي المحسوب على المحافظين، بعد انتخابات فبراير/شباط عام 2016.