على الرغم من دعوة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس، إلى تأجيل الاستفتاء على الاستقلال، أكد انفصاليو أوكرانيا على المضيّ قدماً في التصويت المقرر يوم 11 مايو/ أيار الجاري، الذي قد يفضي إلى حرب.
وتسبّب القرار الذي تناقض مع النبرة التصالحية التي تحدث بها بوتين، يوم الأربعاء الماضي، في قلق الغرب الذي يخشى أن يؤدي الاستفتاء إلى انهيار أوكرانيا.
وقال نائب وزير الخارجية الأميركي، وليام بيرنز، إن روسيا تسير على "طريق خطير وغير مسؤول" وإن الوضع في أوكرانيا "محتقن للغاية".
في المقابل، قال زعيم انفصالي في دونيتسك، دينيس بوشيلين، إن "مجلس الشعب" صوّت بالإجماع على إجراء الاستفتاء في موعده.
وقال للصحافيين إن "الحرب الأهلية بدأت بالفعل. يمكن للاستفتاء أن يضع حداً لها وأن يبدأ عملية سياسية".
وتزامن الإعلان مع تغيّر حاد في لهجة موسكو التي أبدت دلائل على التراجع عن المواجهة، الأربعاء الماضي، من خلال دعوة بوتين إلى إرجاء الاستفتاء وإعلانه انسحاب الجنود من حدود أوكرانيا.
وفي كييف، تعهّد مسؤولون بمواصلة "حملة مكافحة الإرهاب" لاستعادة السيطرة على منطقتي دونيتسك ولوهانسك الشرقيتين، بغضّ النظر عن قرار الانفصاليين بشأن التصويت.
وقال محللون سياسيون إن بوتين ربما توقّع أن يمضي الانفصاليون قدماً في الاستفتاء فيظهر أنهم لا يعملون تحت إمرته. وربما يأمل بوتين، أيضاً، أن يتفادى مزيداً من العقوبات التي بدأت تؤثر على روسيا بأن ينأى بنفسه عن عملية لن يعترف بها الغرب.
وقال بيان صادر عن الكرملين إن موسكو بحاجة لمزيد من المعلومات بشأن قرار الانفصاليين. وأضاف البيان أن تصريحات الانفصاليين لم تأت إلا بعدما أعلنت كييف أنها ستواصل عمليتها العسكرية، في إشارة إلى أن أوكرانيا هي المسؤولة عن رفض الانفصاليين الانصياع لبوتين.
وقال حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة إنهما لم يريا أي بوادر على انسحاب روسيا من الحدود رغم إعلان روسيا سحب الجنود.
وعندما كتب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، تغريدة على موقع "تويتر" بهذا المعنى، ردت وزارة الخارجية الروسية بتغريدة تقول فيها إن "على مَن لا يرون بعيونهم" أن يقرأوا تصريحات بوتين.
واتهم حلف الأطلسي موسكو باستخدام قوات خاصة في عملية الاستيلاء على شرق أوكرانيا الذي يغلب على سكانه الناطقون بالروسية بعد ضم شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية في شهر مارس/ آذار الماضي. وأقر بوتين بأن الجنود الروس كانوا ينشطون في القرم، بعدما كانت موسكو قد نفت في البداية أي دور لها هناك، غير أنها تقول إن لا دور لها في شرق أوكرانيا.
وبدا أن دعوة بوتين، غير المتوقعة، لتأجيل الاستفتاء والتي أعقبها قرار المتمردين السريع بالمضيّ قدماً فيه، قد عقّدت المساعي الأميركية والأوروبية لإيجاد سياسة مشتركة قد تؤدي لتشديد العقوبات على روسيا.
وقال الاتحاد الأوروبي، قبل الإعلان بفترة قصيرة، إنه ينتظر ليرى إن كانت كلمات بوتين ستعقبها أفعال وأن الاستفتاء "لن تكون له شرعية ديموقراطية ولن يؤدي إلا إلى زيادة الوضع سوءاً".
وفي الوقت ذاته، قال السفير الروسي في باريس، إن بوتين، الذي تجنّبه زعماء الغرب منذ احتلال القرم، سينضم إليهم في مراسم إحياء الذكرى السبعين للنزول في نورماندي خلال الحرب العالمية الثانية.
وينظر الكثيرون في منطقة شرق أوكرانيا الصناعية للاستفتاء على أنه خطوة مهمة بسبب ما يصفه الانفصاليون وموسكو بالحكومة "الفاشية" في كييف، التي جاءت للسلطة عقب الإطاحة بالرئيس المدعوم من موسكو فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير/ شباط الماضي.
وأضاف بوتين إن دعوته لتأجيل الاستفتاء ستمهّد الطريق لمفاوضات من أجل تهدئة الأزمة التي أدت إلى مقتل العشرات في اشتباكات بين جنود وانفصاليين في شرق أوكرانيا ومجموعات متنافسة في مدينة أوديسا الجنوبية الساحلية.
ووجه بوتين، أمس الخميس، اللوم لكييف، قائلاً إن سياستها "غير المسؤولة" هي السبب في الأزمة.
من جهة أخرى، أشرف بوتين على اختبارات إطلاق صواريخ عسكرية خلال تدريبات أجريت عبر أنحاء روسيا، قبل يوم من الاحتفالات بذكرى انتصارها في الحرب العالمية الثانية.
واتهم الغرب، روسيا باستغلال تدريبات عسكرية سابقة لحشد القوات على طول الحدود مع أوكرانيا بعد هروب يانوكوفيتش.
وفي مدينة سلافيانسك، معقل المتمردين التي استهدفها تقدم الجيش الذي بدأ الأسبوع الماضي، قال فياتشيسلاف، الذي عيّن نفسه رئيساً لبلدية المدينة، إن هناك هجوماً وشيكاً تعدّ له كييف. وأضاف: "لدينا عدد كاف من المقاتلين وكمية كافية من السلاح ولدينا دعم الشعب ولدينا أرضنا".