توقّفت عمليات "عاصفة الحزم"، أما الأزمة فما زالت مستمرّة في اليمن. وانهيار النظام الصحي في صنعاء من أبرز مؤشراتها، ويفصَّل كتفاقم أوضاع المستشفيات نتيجة فقدان الوقود بمختلف أنواعه، والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، بالإضافة إلى نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي حين توقّفت مستشفيات بالكامل عن العمل، تعطّلت أقسام في أخرى بعد إعلان عدم القدرة على توفير الخدمات الطبية للمرضى في كثير من المجالات. فيقول الطبيب الجراح محمد الصرمي، من هيئة مستشفى الثورة العام في صنعاء، إن المستشفى يعاني من "حالة شلل كلي. هو من دون أوكسجين منذ يوم الجمعة الماضي، بالإضافة إلى فقدان أدوية ومستلزمات طبية". ويوضح أن "الأطباء يضطرون أحياناً إلى العمل بأدوات غير معقمة، بسبب عدم تشغيل أجهزة التعقيم. فالتيار الكهربائي ينقطع لفترات طويلة".
يضيف الصرمي أن "قسم العمليات بالمستشفى متوقف كلياً، وقد عملت إدارة المستشفى في خلال الأسبوع الماضي على جمع أنابيب الأوكسجين من أجل توفيرها للعناية المركزة". تجدر الإشارة إلى أن هذا المستشفى هو الأكبر في البلاد.
وفي السياق، يشير الطبيب وليد جعفر، من قسم طوارئ المستشفى نفسه، إلى أن "عدداً كبيراً من الأطباء رفضوا إجراء عمليات للمرضى. نحن غير قادرين على توفير الخدمات كما يجب".
ويقول جعفر إن فقدان الوقود لم يصب المستشفى بالشلل وحسب، بل منع وصول الأطباء والطاقم الصحي إلى المنشأة. فهو يضطر إلى المشي لمسافات طويلة حتى يبلغ المستشفى، إذ توقّف حركة المواصلات في العاصمة. ويلفت من جهة أخرى إلى أن الأحداث الأخيرة دفعت بالعدد الأكبر من الأطباء والممرضين الأجانب إلى مغادرة اليمن.
لا يختلف الوضع في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا. ففقدان وقود الديزل يعرّض أكبر مستشفى خاص في اليمن إلى خطر إقفال أبوابه في خلال أسبوع. ويقول مدير عام قسم المخازن في المستشفى، الدكتور زياد القزحي، إن المستشفى عاجز عن استقبال المرضى في حال استمرت أزمة الوقود. ويوضح: "نملك من الوقود ما يمكّننا من الصمود أسبوعاً على أبعد تقدير". أما المستشفى العسكري في العاصمة التابع لوزارة الدفاع، فوضعه أفضل من المستشفيات الأخرى. وهو يستقبل اليوم معظم ضحايا المواجهات المسلحة والانفجارات.
إلى ذلك، يقول القائم بأعمال وزير الصحة اليمني، الدكتور غازي إسماعيل، إن قائمة المشكلات التي تعاني منها المنظومة الصحية طويلة. ويشير إلى أن "فقدان الوقود والانقطاع الدائم للكهرباء، بالإضافة إلى ضعف السيولة المالية لوزارة الصحة، كلها عوامل تسبّبت بحالة عجز وبتراجع في تقديم الخدمة الصحية للمواطنين". ويشير إلى أن الوزارة تتواصل باستمرار مع "المنظمات الدولية لتوفير ما يمكن توفيره من وقود وأدوية ومستلزمات طبية لمواجهة التهديدات الصحية التي يعيشها اليمن".
وعن فقدان الأدوية والمستلزمات الصحية، يوضح رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، الدكتور عبد المنعم الحكمي، أن اليمن كان يملك مخزوناً من الأدوية والمستلزمات تكفيه لستة أشهر. لكن العمليات العسكرية وما خلّفته من إصابات، ساهمت في نفاد هذا المخزون.
ويشدّد الحكمي على أن اليمن "بحاجة ماسة إلى مستلزمات طبية خاصة بالطوارئ والحوادث، بالإضافة إلى بعض الأدوية للأمراض المزمنة". ويكشف، لـ"العربي الجديد"، أن عدداً كبيراً من المورّدين تقدموا بشكاوى للهيئة تفيد بأن بواخر محمّلة بالأدوية والمستلزمات الطبية محتجزة في جدة وجيبوتي من قبل تحالف "عاصفة الحزم". ويناشد المعنيّين "التعامل مع الوضع الإنساني في اليمن بشكل مختلف. فالأدوية ليست أسلحة. هي وسيلة لإنقاذ حياة اليمنيين".
منظمة الصحّة العالميّة تحذّر
في وقت سابق، كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من انهيار الخدمات الصحية في اليمن، وقد أكدت أن المستشفيات اليمنية تعاني من نقص مزمن في الأدوية والأكسجين والوقود. وأوضحت المنظمة أن أسعار الأدوية الأساسية في اليمن ارتفعت أخيراً بنسبة تزيد على 300 في المائة، وأن نقص المياه رفع مخاطر إصابة الناس بالإسهال وأمراض أخرى. وذلك يؤثر على المعايير الصحية الأساسية في المستشفيات والعيادات.