بؤر تفشّي كورونا في الخليل وإجراءات الحجر والسيطرة

24 يونيو 2020
تحوّلت المنطقة لبؤرة للوباء (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -
يتواصل ارتفاع عدد المصابين بفيروس كورونا في محافظة الخليل، جنوب الضفة الغربية، بطريقة صادمة، بحسب الأرقام التي تعلنها يومياً وزارة الصحة الفلسطينية، حتى أنّ هذه الأرقام تواصل ارتفاعها خلال اليوم ومع كلّ ساعة، منذ قرابة الأسبوعين. وسجّلت الخليل حتى الآن أكثر من 612 إصابة بالفيروس من أصل 1517 إصابة في فلسطين، وهي نسبة تتجاوز عدد الإصابات النشطة بأكثر من 80 في المائة من مجمل إصابات فلسطين، وبفارق هائل عن باقي محافظات الضفة الغربية. أمّا الخشية فهي من العدد المحدود لمراكز الحجر الصحي في المحافظة.

تتركز الإصابات بحسب ما أعلنت وزارة الصحة، في قرى وبلدات غرب الخليل وجنوبها، لا سيما في بلدة تفوح، التي وصل عدد الإصابات فيها إلى قرابة 135 إصابة، مع تسجيل إصابات محدودة في قرى شمال وشرق الخليل. كما ترتفع الإصابات في حلحول، الجارة اللّصيقة لمدينة الخليل، من الجهة الشمالية، إلى 107 إصابات.
وأعلن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، قبل ثلاثة أيام، إغلاق محافظة الخليل لمدة خمسة أيام، ليتسنى لوزارة الصحة والطواقم الطبية والجهات المختصّة محاصرة الوباء وتقييم الحالة العامة في المنطقة، رغم أنّ المواطنين استنكروا تأخّر الإغلاق، ما سمح للإصابات بالتدحرج سريعاً ككرة الثلج.
يقول محافظ الخليل جبرين البكري، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "لقد تمّ تقسيم محافظة الخليل إلى خمس مناطق للسيطرة على تفشي فيروس كورونا، ورصدت 30 بؤرة جغرافية لتفشيه، وهذه المناطق هي: مدينة الخليل، تفوح، بيت كاحل، يطا، السموع، الريحية الفوار، دورا وقراها، الظاهرية، الرماضين، إذنا، ترقوميا، نوبا، خاراس، بيت أولا، صوريف، بيت أمر، حلحول، العروب، شيوخ العروب، الشيوخ، سعير وبني نعيم. وتمّ فصل هذه المناطق بعضها عن بعض، ومنع الحركة في ما بينها، بينما تُسمح الحركة المحدودة داخلها، وتُمنح الأحقية للطواقم الطبية".
ويؤكّد البكري أنّ طبيعة الإجراءات المتخذة في الخليل لا تختلف عن تلك المتّخذة في محافظات أُخرى لمحاربة كورونا، لكن الاحتلال الإسرائيلي يعرقل جهود الطواقم الطبية، خاصة في المناطق المصنفة "ج" (وهي أراضي الضفة الغربية المحتلة، التي تسيطر إسرائيل على جميع جوانب الحياة فيها، بما في ذلك الأمن والتخطيط العمراني والبناء)، قبيل إعلانه الفعلي عن خطة "الضم"، في يوليو/ تموز المقبل، وهذا ما تسبّب في زيادة عدد المصابين.
يقول البكري: "هناك ثلاثة معابر لدخول 50 ألف عامل من الخليل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهي الظاهرية وترقوميا والجبعة، كما توجد 150 نقطة تهريب في المناطق الغربية والجنوبية من الخليل، لا نستطيع التحكم بها. ولا يستطيع المتطوّعون في لجان الطوارئ التواجد قرب هذه المعابر، لأن الاحتلال يهدّد حياتهم، عدا عن دخول الفلسطينيين القاطنين في منطقة النقب، وحركتهم الدائمة في الخليل، بالإضافة إلى الفلسطينيين القاطنين في مدينة القدس، وحالة الاستهتار العامة التي رُصدت في الخليل من قبل المواطنين للأسف، وعدم الالتزام بالإجرءات الوقائية والبروتوكولات الطبية، ما تسبّب في ارتفاع الإصابات بالفيروس في الخليل".


وحول التعامل مع المناطق "ج"، ودخول الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ظلّ توقف التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال، يقول محافظ الخليل جبرين البكري: "بعض القوى الأمنية موجودة بالزي المدني في مناطق (ج)، وبالتعاون مع أفرادها يتم توزيع المتطوعين من لجان الطوارئ البالغ عددها 52 لجنة، بالإضافة إلى شمول ذلك مناطق (ب) (أراضي الضفة الغربية، التي تتحمّل السلطة الفلسطينية مسؤولية قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد فيها)، لكن الاحتلال لا يتوقف عن مضايقة الفلسطينيين في مناطق (أ) التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، وفق تصنيفات اتفاقية أوسلو، وهو يواصل اقتحاماته اليومية فيها وتنفيذ حملات الاعتقال".

وتضنف بلدة تفوح، غرب الخليل، كإحدى البؤر النشطة لتفشي فيروس كورونا، والسكان فيها مصدومون، من جرّاء تزايد عدد الإصابات بينهم، إضافة إلى أنهم يشعرون باستياء واضح. يقول الناشط نور إرزيقات، من البلدة، لـ"العربي الجديد": "لا يوجد تدخّل رسمي للحكومة الفلسطينية في تفوح، والوضع خطير جداً. لا توجد لدينا مراكز حجر، وأغلب المصابين حُجروا في منازلهم، مع العلم أنّ بعض المنازل في البلدة غير مهيأة للحجر. ونطالب وزارة الصحة والحكومة بتخصيص مركز حجر طبي خاص بتفوح".
ويوضح محافظ الخليل، جبرين البكري، أنّ وزارة الصحة سوف تفتح مستشفى دورا الحكومي وتخصّصه للحجر، بالإضافة إلى وجود مركز حلحول المخصّص لذلك.
وتعقيباً على النقطة ذاتها، يقول مدير مديرية صحة جنوب الخليل، عفيف عطاونة، لـ"العربي الجديد"، إنّ وزارة الصحة الفلسطينية أعطت أولوية الحجر في المراكز المخصّصة، للمصابين الذين تظهر عليهم الأعراض التنفسية وارتفاع درجة الحرارة وغيرها، فيما تتابع الطواقم الطبية الميدانية أوضاع المصابين المحجورين في محافظة الخليل في المنازل ولم تظهر عليهم الأعراض، وعددهم يقارب 330 مصاباً. بينما دخل مصاب واحد العناية المركّزة، وتمّ نقله إلى المركز الوطني في محافظة بيت لحم، وحالته مستقرة الآن. أمّا الذين يتلقون العناية الطبية في المستشفيات، فهم قرابة المئة مصاب.
ويوضح عطاونة قائلا: "لقد أجرينا آلاف المسحات للمخالطين في الخليل، ونحن نواجه مشكلة مع ارتفاع الإصابات، ونخشى أن تظهر إصابات جديدة لمخالطين خارج بؤرة الوباء، ما يعني فتح بؤر انتشار جديدة".