يوصف رئيس الأركان السابق في الجيش العراقي، بابكر زيباري، بـ"الجنرال الذي انقلب على جيشه مرتين"، وهو اليوم مطلوب للاعتقال في الـ70 من عمره، لـ"تعمده إحداث ضرر بأموال الجهة التي كان يعمل فيها، وفقا للمادة 340 من قانون العقوبات العراقي".
وبابكر بدر خان شوكت زيباري، ابن عمة رئيس الإقليم الحالي، مسعود البارزاني، وينتمي لـ"الحزب الديموقراطي الكردستاني" سياسياً، وقد أصدر القضاء العراقي في العاصمة بغداد، اليوم الأحد، أمراً يقضي باعتقاله بشكل فوري بتهمة الفساد المالي، وذلك بعد أيام قليلة من ظهور الجنرال الذي أحيل للتقاعد عام 2015 بالزي القتالي الكردي، في مواجهة الجيش العراقي، الذي كان رئيساً لأركانه لأكثر من 12 عاماً.
تخرج زيباري من الكلية العسكرية العراقية في الرستيمة ببغداد عام 1970، وعمل بعد تخرجه ضابطاً في كتيبة مدفعية على الحدود مع إيران في البصرة، ثم انتقل إلى الحبانية شرقي الفلوجة، ومنها إلى بيجي، قبل أن يعمل في عدة وحدات أخرى، من بينها وحدة الدفاع الجوي، لينتقل بعدها إلى الأردن مع قوات الجيش العراقي، التي كانت ترابط هناك، وشغل حينها منصب قائد لفصيل مدفعية خفيفة للدفاع الجوي العراقي.
وفي 1973، ترك زيباري الجيش والتحق بالجبال للمشاركة في "حراك الحزب الديموقراطي"، وانضم لمجموعة كردية مسلحة تقاتل قوات الجيش العراقي، بقيادة الملا مصطفى البارزاني.
عقب ذلك، اعتبر مطروداً من الجيش العراقي، وأعلن أنه مطلوب للقضاء عام 1974، إلا أنه تسلم منصبا في منطقة بهديان بمحافظة دهوك، قرب الحدود مع تركيا، وكان قائد كتيبة المدفعية في جيش البشمركة الأول، ثم عين نائباً لقائد قوات البشمركة هناك بعد أشهر قليلة.
بعد "اتفاقية الجزائر" بين بغداد وطهران عام 1975، وتوقف الدعم الإيراني لجميع فصائل التمرد الكردي، انتقل زيباري مع عائلته إلى إيران، وطلب اللجوء السياسي، واستقر في بلدة كراج بإحدى ضواحي طهران، وأتقن خلال تلك الفترة العربية والفارسية والإنكليزية.
في عام 1979، وبعد قيام الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، عاد زيباري إلى العراق، واستقر في إحدى المناطق الجبلية العراقية الإيرانية، وعند بداية الحرب العراقية الإيرانية، وعودة التمرد الكردي مجدداً ضد النظام في بغداد، أصبح زيباري قائداً عسكرياً لمقرات القوات الكردية، فضلاً عن تسلمه منصب عضو المكتب العسكري لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وبعد عام 1991، قاد زيباري عمليات عسكرية ضد الجيش العراقي في منطقتي شيخان وعقرة، قبل أن يتسلم منصب قائد جميع القوات الكردية في دهوك، ثم تولى منصباً إضافياً آخر هو مسؤول الاتصال العسكري بين كردستان ودول إيران وتركيا.
وخلال الاحتلال الأميركي للعراق، عاد للعب دور مهم في تحديد مناطق وإحداثيات تواجد قوات الجيش العراقي في المنطقة الشمالية، وكذلك مناطق تواجد جماعة "أنصار الإسلام"، بزعامة الملا كريكار.
في عام 2003، اختير من قبل الحاكم المدني للعراق، بول بريمر، رئيساً لأركان الجيش، واستمر في منصبه حتى عام 2015 خلال موجة إصلاحات عارمة قادها رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، إثر انهيار القوات العراقية أمام اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي للأراضي العراقية.
في الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، شوهد زيباري مع مقاتلين آخرين من قوات البشمركة بالزي الكردي، وهو ينقلب للمرة الثانية على الجيش الذي عمل فيه أول مرة، ثم تسلم رئاسة أركانه بالمرة الثانية.
وحصل "العربي الجديد" على معلومات خاصة تفيد بأن الدعوى القضائية التي نظر فيها القضاء العراقي مقدمة من ضباط عملوا مع زيباري بوزارة الدفاع، وكشفوا عن ملفات فساد كبيرة، رداً على تبنيه موقعاً معادياً للجيش العراقي.