للوهلة الأولى، يعتقد كثيرون أنها اسكندنافية حضرت إلى ميناء كوبنهاغن لتودع الأسطول، كما فعل آخرون. بعد ساعة أو نحو ذلك، تعود مع آخرين، حاملة أكياسا فيها شراشف ومناشف نظيفة، فهي تتولى مع غيرها "الدعم اللوجستي".
يودع الأسطول ميناء كوبنهاغن، فتظهر السيدة الأميركية مجددا في ميناء أمستردام مع الطبيب الأميركي كيث، تستقبل الأسطول وتوزع المزيد من المهام، وتجتمع بالمسؤولين عن "الأمور اللوجستية" على متن القوارب بكل تفاصيلها.
التقى "العربي الجديد"، السيدة باربرا التي تصرّ على مخاطبتها باسمها الأول، وترفض أن تنادى بصفتها كطبيبة، رغم عملها طيلة حياتها كطبيبة ولادة في الولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية كمتطوعة مع زوجها، قبل تفرغها للعمل على قضية فلسطين قبل نحو 10 سنوات.
تقول: "وصلت من كاليفورنيا يوم 17 مايو/أيار، لأنضم إلى فريق أسطول الحرية، مع العشرات من عدة جنسيات. أنجبت كثيرا من الأطفال، وأنا جدة لأحفاد عدة. أنا إنسانة قبل أي شيء، ونحن أمام كارثة إنسانية في غزة. يصعب في بلدي أن أرفع صوتي لأنه لن يُحدث تغييرا، ربما يكون الأفضل العمل على مساعدة القوارب للوصول إلى هدفها في فلسطين".
وتضيف: "الناس في الولايات المتحدة لا تأبه كثيرا لما يجري خارج البلد، ولست معجبة أبدا بسياسة بلدي في المنطقة العربية. الصراخ لن يفيد كثيرا، لكن العمل الإنساني بحكم تجربتي أفضل الطرق لجعل العقل البشري يفهم: لماذا يقوم هؤلاء بما يقومون به؟".
كان يمكن لباربرا أن تستمتع بتقاعدها في كاليفورنيا، لكنها لم تفعل. تقول: "لا أستطيع القيام بذلك، قضيت مع زوجي سنوات في أميركا اللاتينية كطبيبة توليد متطوعة، وعدت إلى بلدي لأعمل في مرحلة مبكرة من حياتي كناشطة من أجل السلام، كان ذلك قبل عقود بعيدة".
تربط باربرا كثيرا بين واقع الشعوب الأصلية وكفاحها في أميركا اللاتينية، وبين صمود الشعب الفلسطيني للحفاظ على جذوره في أرضه فلسطين، وترى في حصار غزة، ومجمل الاحتلال "محاولات دؤوبة لإنهاء وجود الشعب الفلسطيني، وهو ما يجب أن نشارك في منعه كمجموعة بشرية".
ورغم أنها لا تستطيع الإبحار معهم، تقول: "أنظر إلى هؤلاء النشطاء الصاعدين على متن القوارب بكثير من الاحترام، وأقوم بكل ما يمكنني لأساعدهم في تحقيق هدفهم، غير آبهة بتقدم العمر".
ترى باربرا أن "الحياة بين إثنيات مختلفة، وليس بين البيض الأنغلوسكسونيين فقط، ساعدتني كثيرا على فهم العالم، وإدراك معاناة البشرية بعيدا من الانغلاق العرقي، فقد عشت سنوات في منطقة فيها يهود وغالبية من الهيسبانيك (المتحدرين من اللاتينية)، وتلك التجربة دفعتني إلى أن أكون اليوم داعمة لمن هم على متن هذا القارب. كثيرة هي الأشياء التي جعلتني ألتزم بقضايا إنسانية، خليط من الأخلاق والإيمان والمعرفة جعلني مدفوعة لأكون ما أنا عليه اليوم".
وتؤكد المسنة الأميركية أن "قضية فلسطين مسؤولية جماعية للإنسانية، وكل إنسان يرى نفسه جزءا من البشرية لديه مسؤولية القيام بأي شيء لهذه القضية التي تمثل رمزية لمسألة غياب العدالة، وعليه أن يحقق جزءا بسيطا من تلك العدالة المفقودة في حصار شعب في سجن كبير كما حال أهل غزة اليوم".