بدء الزحف للموصل: المساهمة التركية لوجستية والمليشيات خارج المدينة

03 أكتوبر 2016
800 جندي ومستشار أميركي سيشاركون بالمعركة (أريك فيفربرك/فرانس برس)
+ الخط -
نجحت واشنطن في حل أبرز المشاكل السياسية المتعلقة باستعادة السيطرة على محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل، والتي كانت تعيق عملية الهجوم على المدينة طيلة الفترة الماضية، وذلك بعد تسوية الخلافات بين بغداد وأربيل وإيجاد صيغة لطبيعة مشاركة مليشيات "الحشد الشعبي" واستبعاد مشاركة "حزب العمال الكردستاني"، بينما لن تشارك القوات التركية في أي عملية عسكرية، مع التأكيد على أن دورها في العملية المرتقبة سيكون عبر الدعم اللوجستي بحسب ما كشف عنه وزير بارز في حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، خلال اتصال هاتفي أجرته "العربي الجديد" معه، حيث يجري زيارة خاصة إلى العاصمة الأردنية عمّان.

وفجر أمس الأحد، قرعت بغداد طبول الحرب من خلال إرسال أول ثلاثة ألوية قتالية إلى محافظة نينوى، من العاصمة سالكة الطريق البري الرابط بين بغداد ــ محافظة صلاح الدين ثم محافظة نينوى، وتحديداً في مدينة القيارة جنوب الموصل، مستغنية عن طريق كركوك ــ أربيل السابق، بعدما تمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على الحدود الفاصلة بين محافظة صلاح الدين ونينوى. وأعلن قائد عمليات تحرير نينوى، اللواء الركن نجم الدين الجبوري، في بيان صحافي، بدء وصول التعزيزات العسكرية من بغداد إلى مشارف الموصل ومعها أسلحة ومعدات حديثة تستخدم لأول مرة في هذه المعركة المرتقبة، مبيناً أنّ "بعض تلك الأسلحة سيدخل الخدمة لأول مرة، ومنها أسلحة إلكترونية مصممة خصيصاً لحرب الشوارع، ونوابض كهرومغناطيسية مُعطلة للعبوات الناسفة ومعدات أخرى". وأضاف "هذه التحركات تأتي تمهيداً لإطلاق عملية تحرير مدينة الموصل ومحيطها من قبضة تنظيم داعش".

وأكد وزير عراقي بارز في حكومة حيدر العبادي أنه تم التوصل إلى اتفاق سياسي بين بغداد وأربيل، كما تم الاتفاق على القوات التي ستشارك في الهجوم، وحالياً هناك عملية تحشيد، موضحاً أن الجيش العراقي النظامي والشرطة الاتحادية والبشمركة وقوات تحرير نينوى (الحشد العشائري) ستشارك في الهجوم، بينما تم الاتفاق على أن تشارك مليشيات "الحشد الشعبي" في المعركة على ألا تدخل المدينة، خوفاً من تنفيذها جرائم طائفية على غرار ما حدث في الفلوجة وبيجي والرمادي وغيرها من المدن، مؤكداً استبعاد "مسلحي حزب العمال الكردستاني من أي مشاركة في الهجوم، كما لن تكون هناك أي مهمة قتالية أو دور للقوات التركية في عملية الهجوم على المدينة، وسيبقى دورها لوجستياً، عبر دعم القوات المناهضة لتنظيم داعش". وكشف عن مشاركة نحو 800 جندي ومستشار أميركي في المعركة المرتقبة، بينها وحدة مدفعية وكتيبة صواريخ موجهة، فيما ستغطي كل تلك القوات مقاتلات أميركية وفرنسية ومروحيات "أباتشي" أميركية، مرجحاً أن يصل عدد من سيهاجم الموصل إلى 40 ألفاً، لافتاً الى أن "ساعة الصفر ستعلن بشكل مفاجئ ومن دون مقدمات، وحالياً هناك تكثيف للضربات الجوية".
ومن المتوقع أن تتسلم بغداد خلال أيام قليلة خطة الهجوم على مدينة الموصل من قبل فريق مستشارين أميركي أشرف على وضع الخطة، وفقاً للوزير نفسه، مؤكداً أن الخطة تتضمن عدة مراحل، ويقع على عاتق الطيران الدولي الجزء الأكبر منها، مبيناً أن "الطيران الأميركي انتهى من مسح جوي لكامل مدينة الموصل والتقط صوراً جوية لأغلب المواقع المهمة". ويأتي ذلك بالتزامن مع وصول قوات أميركية جديدة إلى العراق، استقرت في قاعدة "عين الأسد" غربي البلاد، قرب الحدود مع الأردن، ضمن استعدادات لإطلاق عملية عسكرية في مدن أعالي الفرات التي تمتد حتى الحدود العراقية السورية. وأقلعت مقاتلات من حاملة الطائرات الفرنسية، "شارل ديغول"، الجمعة الماضي، لتنفيذ عمليات ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تمهيداً لمعركة استعادة السيطرة على الموصل، معقل الجهاديين في العراق، بحسب ما أعلن ضابط على متن السفينة.


محلياً، قالت مصادر طبية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إن 23 مدنياً، بينهم 17 امرأة وطفل، قتلوا بقصف استهدف منازل في حي النجار وسط الموصل شنته مقاتلات أميركية. وقال طبيب في مستشفى الموصل العام، لـ"العربي الجديد"، إن " جثث 23 مدنياً وصلت الى المستشفى نتيجة قصف مجموعة من المنازل، واستمرت عملية انتشال الجثث من تحت الأنقاض لنحو ساعتين"، مبيناً أن "11 مدنياً يرقدون حالياً في المستشفى".

وعقب القصف الجوي والإعلان عن بدء تحرك عسكري من بغداد، يعيش سكان الموصل، البالغ تعدادهم وفقا لتقارير صدرت عن ناشطين محليين، نحو مليون وربع المليون في حالة من القلق الشديد، إذ يمنع "داعش" سكان المدينة من مغادرتها، ويفرض عليهم إقامة جبرية منذ أكثر من عام ونصف العام. وتؤكد مصادر محلية أن التنظيم لا يخطط للانسحاب من المدينة، بل يقوم حالياً بعمليات تحصين لأسوار المدينة وحفر أنفاق وزيادة حقول الألغام حولها، وهو ما يجعل من معركة الموصل صعبة ومحفوفة بمخاطر عمليات إبادة للسكان وتدمير للمدينة التاريخية.

من جانبه، قال مجلس محافظة نينوى (الحكومة المحلية للمحافظة) إن "القوات المشتركة والتحالف الدولي أنهوا استعدادات معركة تحرير مدينة الموصل". ونقل موقع عراقي، مقرب من الحكومة، عن عضو مجلس محافظة نينوى حسن شبيب قوله "كل ما على الأرض يعطي إشارات إيجابية بأن معركة تحرير نينوى قد اقتربت، وأن خلاص أهلنا من ظلم (داعش) قريب". وأضاف "جميع القوات مستعدة للمعركة، بما في ذلك التحالف الدولي"، لافتاً الى أن "تحرير المدينة سيتم خلال الفترة المقبلة، وبمشاركة القوات العراقية كافة". وقال رئيس منظمة السلام العراقية لحقوق الإنسان، محمد علي، إن الحديث عن بدء القوات المشتركة فتح ممرات آمنة غير صحيح، ولا يوجد شيء على الأرض حتى الآن، مبيناً أن "القصف تكثف على المدينة وهناك تجاهل تام للضحايا الذين يسقطون، ونتوقع أن يسقط أكثر. فربح المعركة بات الهدف الأهم لكل الأطراف"، موضحاً أن "دور الأمم المتحدة يقتصر حالياً على نصب الخيام لمن سينجو من العاصفة". وطالب "سكان الموصل بالمباشرة بحفر خنادق داخل منزلهم أو في الفناء واللجوء إليها أثناء القصف الدولي أو الصاروخي وتخزين المياه والضمادات". وتابع "هناك تجاهل للمدنيين، وعلينا أن نطلب معجزة من الله حتى يتحلى طرفا الصراع بقليل من أخلاق الفرسان".