وذكرت صحيفة "ذا اندبندنت"، أن المشروع المُرتقب إقراره خلال الأيام القليلة المقبلة، سيحظر على المجالس المحلية والهيئات العامة والاتحادات الطلابية مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أنّ مشروع القرار يتطرق بوضوح الى تجريم مقاطعة بضائع المستوطنات أو الشركات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية، إلا أنه لم يُشر الى جوانب أخرى تركز عليها حركة المقاطعة العالمية مثل المقاطعة الأكاديمية والفنية وغيرها من الأنشطة التي تمارسها هيئات ومؤسسات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967. لكن تقارير إعلامية أفادت أن التشريع الجديد سيسهل على الحكومة الطعن في المنظمات التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل.
اقرأ أيضاً انتصار جديد لـ"BDS" بإسقاط صفقة الطائرات الإسرائيلية لفرنسا
وطبقاً للقانون، تفقد المؤسسات والهيئات الحكومية حقها بالاعتراض على مقتضيات قرار "حظر مقاطعة إسرائيل" طالما تتلقى هذه الهيئات تمويلاً حكومياً. وبحسب الصحيفة، فإنّ الهيئات التي تستمر في المقاطعة سوف تواجه عقوبات شديدة، إذ ترى الحكومة البريطانية مقاطعة إسرائيل "غير أخلاقية". ومن المُتوقع أن يكشف وزير الدولة ماثيو هانكوك تفاصيل الخطط الحكومية لمواجهة حركة المقاطعة "BDS" المناهضة لإسرائيل خلال زيارة يقوم بها إلى إسرائيل هذا الأسبوع.
وبينما رحب رئيس مجموعة "أصدقاء إسرائيل" في الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين، السير إريك بيكلز، بالإجراءات الحكومية الجديدة، وجهت أوساط بريطانية مناصرة للحقوق الفلسطينية ومُدافعة عن الحريات العامة، انتقادات حادة للإجراء الحكومي الذي رأت فيه ضربة للحريات الديمقراطية في البلاد، على حد تعبير متحدث باسم زعيم حزب العمال جيريمي كوربن. كما دانت منظمة العفو الدولية على لسان بيتر فرانكنتال الخطوة. وحذر فرانكنتال من أنها قد تشجع انتهاكات حقوق الإنسان، مُتهماً حزب المحافظين بغض الطرف عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان.
من جهته، وصف رئيس "حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني" في بريطانيا، هيو لاننغ، القرار بأنه هجوم على الحريات الديمقراطية واستقلال الهيئات العامة. كما اعتبره مُناقضاً لموقف الحكومة البريطانية التي ترى أن الاحتلال والاستيطان لا يتوافقان مع القانون الدولي ويتناقضان مع حقوق الإنسان.
وكانت حركة المقاطعة لإسرائيل انطلقت في بريطانيا في العام 2005 عندما دعا مجلس اتحاد المعلمين في الجامعات البريطانية (AUT) في 22 أبريل/ نيسان إلى مقاطعة جامعتي "حيفا" و"بارإيلان" الإسرائيليتين. وبرر مجلس الاتحاد قراره بمقاطعة جامعة "بارإيلان" بأن الجامعة تدير كليات وبرامج تعليمية في مستوطنة "أرئيل" المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، وهي بذلك متورطة بشكل مباشر باحتلال مناطق فلسطينية، في مخالفة صريحة لقرارات الأمم المتحدة. أما جامعة "حيفا"، فقد قرر مجلس الاتحاد مقاطعتها لأنها أوقعت عقوبات غير عادلة على محاضرين بحجة دفاعهم عن طالب كتب عن اعتداءات الإسرائيليين على الفلسطينيين في مرحلة تأسيس إسرائيل. ومنذ ذلك التاريخ، أخذت حركة المقاطعة تتوسع داخل الأوساط الأكاديمية البريطانية، إذ لم تعد تقتصر على المدرسين بل وصلت إلى الإداريين والطلبة.
وحققت حركة المقاطعة العالمية العديد من الانتصارات في السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد اعتداءات إسرائيل المتكررة على قطاع غزة. وقبل ذلك بنحو 5 سنوات، وتحديداً في العام 2000، دعا اتحاد النقابات العمالية في اسكتلندا إلى فرض مقاطعة مؤقتة على البضائع والخدمات الإسرائيلية إلى أن تمتثل إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة. وفي العام نفسه، تبنى اتحاد موظفي القطاعين العام والخاص في بريطانيا (Unison)، سلسلة من القرارات لمقاطعة إسرائيل، بما في ذلك فرض حظر على بيع الأسلحة لإسرائيل، ومطالبتها بالانسحاب إلى حدودها عام 1949 مع السماح للاجئي العام 1948 بالعودة إلى ديارهم وهدم الجدار العازل، وإزالة جميع المستوطنات من الضفة الغربية.
وخلال العام الماضي وقع 700 من الفنانين البريطانيين تعهداً بمقاطعة إسرائيل طالما أنها "تواصل إنكار الحقوق الفلسطينية الأساسية". كما صوّتتْ كلية "الدراسات الشرقية والأفريقية" في جامعة لندن (SOAS)، بأغلبية 73 في المائة من طلابها وموظفيها، على مقاطعة إسرائيل أكاديميّاً. واعتبر أنصار المقاطعة، يومها، التصويت بمثابة ضربة قوية لإسرائيل، حيث تحتل كلية "سواس" مركزاً مرموقاً في ترتيب الكليات على المستوى العالمي، وتعتبر أحد أفضل معاهد الدراسات والأبحاث في العالم.
وترجع الأستاذة المتخصصة في السياسات الشرق أوسطية في جامعة "واريك"، والمناهضة لإسرائيل، نيكولا برات، نجاح حملة المقاطعة العالمية لكونها "تعطي المواطنين العاديين فرصة للتأثير على السياسة الدولية، وتدعو الأفراد العاديين إلى التدخل لأن السياسة الدولية فشلت بشكل واضح في إحلال السلام في إسرائيل وفلسطين".
اقرأ أيضاً: جونسون وزعامة المحافظين البريطانيين... طموح سياسي من بوابة إسرائيل