بريطانيا تهزم التشاؤم بأعلى معدل نمو بين مجموعة السبع

لندن
2CA83E7B-EE56-4367-A7F1-2798831341F6
موسى مهدي
صحافي بريطاني من أصل سوداني؛ محرّر في قسم الاقتصاد في "العربي الجديد".
18 فبراير 2017
30EA2033-C2A0-4F7E-929B-078C9744C53D
+ الخط -
على الرغم من المخاوف والمبالغات التي أبداها الإعلام البريطاني والعديد من خبراء الاقتصاد بشأن التداعيات السالبة لاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" على صعد المستقبل التجاري والاقتصادي لبريطانيا، فإنها تمكنت من تحقيق نجاحات اقتصادية وتجارية خلال العام الماضي.

ويكفي القول في هذا الصدد، إن الاقتصاد البريطاني حقق أكبر معدل نمو بين دول مجموعة السبع خلال العام الماضي 2016.

ويلاحظ أن بريطانيا حولت انخفاض سعر صرف الإسترليني إلى ثروة، حيث استخدمته ببراعة في تسويق منتجاتها وخدماتها وسياحتها. فالبريطانيون يخططون بهدوء ويحققون نجاحات في التحول من الكتلة الأوروبية إلى دولة مستقلة بقراراتها عن أوروبا، حتى قبل التوقيع رسمياً.

وعلى الرغم من أن بريطانيا جزيرة صغيرة من حيث المساحة وعدد السكان الذي لا يتجاوز 64 مليون نسمة، لكنها كبيرة من حيث الإرث التاريخي والثقافي وممارسة الديمقراطية والقدرة على التأثير وتطويع المناخ العالمي ببراعة لصالحهم، فهم لا يلجؤون للعويل والتهويل ولكنهم يدرسون، يحسبون ويخططون.

وحسب الإحصائيات التي تنشرها المؤسسات البحثية وصندوق النقد والبنك الدوليين، تملك بريطانيا خامس أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. ويقدر حجم الاقتصاد البريطاني في العام 2016 بحوالي 2.9 ترليون دولار.

ومن حيث قوة المركز المالي، تعد بريطانيا ثاني أكبر اقتصاد في العالم المالي، بعد الولايات المتحدة. وهي موطن للعديد من البنوك والشركات الكبرى في العالم. كما أن العاصمة لندن، ثاني أكبر مركز مالي في العالم بعد نيويورك.

ويرى العديد من خبراء المال أن هذه القوة المالية والاقتصادية ستكون إضافة لأوروبا بعد خروج بريطانيا، ولن تكون عليها، كما ستواصل لندن لعب دورها المالي وتعزيز مركزها التجاري القوي.

في هذا الصدد، يرى البروفسور ورجل الأعمال البريطاني جون ديفي، أن مركز بريطانيا المالي والاقتصادي لا علاقة له بأوروبا، كما تصور بعض المقالات، حيث يقول في تعليقات لـ"العربي الجديد"، إن لندن كانت عاصمة للمال قبل نشوء الاتحاد الأوروبي وستظل كذلك بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وفي الواقع، فإن أوروبا بحاجة إلى لندن، كما حدث إبان أزمة المال العالمية، إذ كان مسؤولو بنوك حي المال البريطاني يسافرون صباحاً لحل أزمة البنوك الفرنسية التي كانت على هاوية الإفلاس ويعودون مساءاً لترتيب تمويل عاصمة أوروبية أخرى.

وتشير الإحصاءات الأخيرة التي نشرها معهد الإحصاء البريطاني، إلى ان الاقتصاد البريطاني يتجه للنمو بخطوات واثقة خلال العام الجاري رغم التشاؤم الذي أبدته بعض بيوت الخبرة حول التداعيات السالبة لما بعد توقيع رئيسة الوزراء تيريزا ماي على "الفقرة 50" من معاهدة لشبونة، التي تعني عملياً سقوط العضوية البريطانية في الكتلة الأوروبية.

ووسط هذا الارتباك العالمي، الذي يخلقه وصول دونالد ترامب للسلطة في أميركا، تخطط بريطانيا بهدوء لإجراء تحولات كبرى في بنية الاقتصاد ومستويات الإنتاجية وكيفية الربط المباشر بين الامتياز الأكاديمي للجامعات البريطانية وبحوثها العلمية وتطوير الأفكار والنظريات الحديثة وتطيرها إلى منتجات تحقق فائض قيمة مرتفع، بدلاً من بيعها كبحوث. وذلك شبيه بالنمط الذي خلق الثراء في الولايات المتحدة.

ويرى اقتصاديون أن هذه الاستراتيجية ستعمل على بناء قطاع صناعي قوي في سنوات قليلة، كما سترفع من مستويات الإنتاجية المتدنية في بريطانيا، التي تقل حالياً عن معدل الإنتاجية في بعض الدول المنافسة مثل أميركا وبعض دول أوروبا.

وحسب المراجعة الأخيرة التي أجراها "بنك انكلترا" (البنك المركزي البريطاني)، فإن الاقتصاد في هذا البلد ربما سينمو بمعدل 2.0%، خلال العام الجاري، وهو المعدل نفسه الذي حققته بريطانيا في العام الماضي 2016.

 وحسب التعليق الأسبوعي للبرلماني البريطاني السابق والخبير الاقتصادي جون ريدوود، فإن القوة الاستهلاكية وثقة المستهلكين في المستقبل الاقتصادي، كانت وراء ارتفاع معدل النمو الاقتصادي. ويذكر أن الاقتصاد البريطاني استفاد من الطلب القوي في قطاع الخدمات، كما استفاد كذلك من التدفق الهائل في عدد السياح والمتسوقين خلال الصيف الماضي. وهو ما انعكس إيجاباً في ارتفاع معدل النمو الاقتصادي.

وعلى الصعيد الاستثماري، يتوقع الخبير الاقتصادي جون ريدوود أن يتواصل ارتفاع مؤشر "فوتسي 100" خلال العام الحالي، مستفيداً من تحسن ربحية الشركات البريطانية والشراكات التجارية واحتمال عودة مستثمرين كانوا قد ترددوا في وضع أموالهم في بريطانيا خلال الأشهر التي تلت استفتاء "بريكست".

ولكن على الرغم من هذا التفاؤل الذي تدعمه الأرقام، هنالك مخاوف من ارتفاع معدل التضخم وتداعياته السالبة على حياة المواطنين، خاصة ذوي الدخول المنخفضة والطبقة الوسطى.

وهنالك شبه إجماع بين الاقتصاديين على أن التضخم ربما يصل إلى 2.5% في المتوسط خلال العام الجاري 2017، إلا أن المعهد القومي البريطاني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية يرى أن التضخم سيرتفع إلى 3.5%.

ذات صلة

الصورة
مسيرة في برايتون وهوف دعماً لغزة/5 يونيو 2024(Getty)

سياسة

خرج الآلاف من مدينة برايتون وهوف (جنوب شرقي بريطانيا) يوم الأحد في مسيرة جنائزية صامتة، تكريماً لأرواح الشهداء الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
تظاهرة حاشدة في لندن (ربيع عيد)

سياسة

في الذكرى السنوية لحرب الإبادة الجماعية على غزة، خرج اليوم مئات الآلاف في العاصمة البريطانية، في تظاهرة تضامنية مع غزة والدعوة لمعاقبة إسرائيل على جرائمها
الصورة
تظاهرة سابقة في لندن أمام مقر الحكومة البريطانية (العربي الجديد)

سياسة

خرج العشرات في مدينة برايتون مساء اليوم الخميس في تظاهرة احتجاجية فجائية داخل محطة القطارات في المدينة، تنديدًا بالمجازر الإسرائيلية المستجدة بلبنان.
الصورة
المؤسس المشارك في حركة "بالستاين أكشن"، ريتشارد برنارد/سياسة/إكس

سياسة

يواجه ريتشارد برنارد، المؤسس المشارك في حركة "بالستاين أكشن"، ثلاث تهم تتعلق بدعم منظمة محظورة بموجب قانون الإرهاب في بريطانيا.
المساهمون