ونشرت صحيفة "ميل أون صنداي" تحقيقاً خاصاً بعملية "مفترق الطرق"، أو "كروس واي"، والتي تشمل قيام خمسين عسكرياً بريطانياً من الفيلق الثاني بتقديم التدريب العسكري في تقنيات الحرب غير النظامية لضباط من المعهد الملكي السعودي لقوات المشاة البرية.
ويشير مصطلح "الحروب غير النظامية" إلى تكتيكات محددة تستخدمها الجيوش النظامية في حروبها مع المجموعات غير النظامية، وهو الحال في اليمن، حيث تخوض القوات السعودية حرباً ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة إيرانياً.
غير أن الحرب السعودية في اليمن قد خلفت، حتى الآن، عشرات الآلاف من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، إضافة إلى تدمير العديد من مؤسسات البنى التحتية اليمنية، مثل المشافي والمدارس، كما أدى الحصار الذي تفرضه السعودية على الموانئ والممرات البرية والجوية إلى تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض في اليمن.
وتأتي التدريبات التي يقوم بها الفيلق الثاني لتؤكد الدور الذي تلعبه بريطانيا في دعم الحرب السعودية في اليمن، وبالتالي تورطها في المأساة اليمنية الحالية، والخروق السعودية لحقوق الإنسان.
وعلق البرلماني عن حزب المحافظين ووزير التنمية السابق، أندرو ميتشل، على التدخل البريطاني بأنه "تورط معيب".
وطالب ميتشل، مساء أمس الأحد، الحكومة البريطانية بتقديم المزيد من الأجوبة في مجلس العموم عن الدور الذي تلعبه بريطانيا في حرب اليمن، وقال: "تورط بريطانيا معيب في الدور السعودي في اليمن، والذي يشمل خروقاً لمواثيق جنيف". وأضاف: "لا شك لدي بأن البرلمان سيطلب المزيد من التوضيحات حول هذه المهمة التدريبية بسبب المخاوف الشديدة من الكارثة الإنسانية في اليمن".
وكانت صفحة الفيسبوك الخاصة بالفيلق الثاني قد نشرت صوراً عن التدريبات بالخطأ في وقت مسبق هذا الشهر.
وفي إحدى الصور يظهر أحد المدربين البريطانيين أمام خريطة لليمن والمناطق المحيطة به، حيث يشرح طرق الهجوم الممكنة، إلا أن وزارة الدفاع البريطانية تذرعت بأن هذه التدريبات دفاعية، مشيرة إلى أن "المملكة المتحدة لا تدرب القوات المسلحة السعودية على الحرب غير النظامية، بل تدربها على كيفية مكافحتها".
وحاولت وزارة الدفاع البريطانية التعتيم على الخبر فور علمها بالأمر، إذ سحبت الصور من على الإنترنت بعد عشرين دقيقة من اتصال قام به أحد الصحافيين للاستفسار عن الأمر، إلا أن تحقيق صحيفة "ميل أون صنداي" يكشف أن التدريب البريطاني يشمل، أيضاً، تدريبات على التعامل مع الأجهزة المتفجرة من طرف الفيلق اللوجستي الملكي.
ولا يعتبر الدعم البريطاني للقوات السعودية بالأمر الجديد، فقد تحدثت تقارير سابقة عن وجود ضباط بريطانيين يعملون على تدريب القوات السعودية على استخدام الصواريخ الموجهة ومكافحتها، رغم الاتهامات الموجهة للسعودية.
وكانت التقارير قد ظهرت للعلن بعد طلبات وجهتها منظمات حقوق الإنسان العام الماضي لوزارة الدفاع للحصول على المعلومات وفقاً لقانون حرية المعلومات.
وتذرعت الحكومة البريطانية حينها بأن الطواقم البريطانية لا تتدخل مباشرة في توجيه الضربات أو اختيار الأهداف أو إدارة العمليات في اليمن.
وشملت تلك التدريبات السابقة ثلاث دورات، تمتد كل منها لثلاثة أسابيع، للقوات الجوية السعودية على استخدام الصواريخ، كما قدم وفد من القوات المدفعية البريطانية التدريب للجيش السعودي على توجيه الأهداف واستخدام الرادارات الكاشفة للأسلحة.
تضاف إلى ذلك دورة تدريبية على استخدام صواريخ كروز قدمتها القوات الجوية الملكية، وتستخدم في عمليات تدمير مراكز القيادة المحصنة.
وتكمن المخاوف في أن التدريبات البريطانية لا تشمل إلزام نظيرتها السعودية باحترام مواثيق حقوق الإنسان وتجنب قتل المدنيين.
وكشفت الوثائق حينها عن وجود نحو عشرين طياراً عسكرياً سعودياً في كل دورة أجرتها القوات البريطانية في السعودية، وحصل كل منهم على 90 ساعة من التدريبات المكثفة، بينما شملت التدريبات المدفعية 52 ساعة من العمل.
وكانت بريطانيا قد تعرضت لسيل من الانتقادات بسبب صفقات الأسلحة مع السعودية، والتي بلغت قيمتها المليارات من الجنيهات، وخاصة الطائرات المقاتلة والقنابل التي تستخدم في حملات القصف الجوي التي تنفذها السعودية في اليمن.