تمكنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، من توحيد موقف وزراء حكومتها من مفاوضات بريكست وحشد أصواتهم خلف خطة تشيكرز، وذلك رغم رفضها من قبل الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي.
وخلص اجتماع الحكومة البريطانية، أمس الإثنين، إلى أن الرفض الأوروبي لخطة تشيكرز "جزء من سياسة الاتحاد التفاوضية"، وأنه لن يؤدي إلى التخلي عنها في مؤتمر حزب المحافظين السنوي المقرر انعقاده الأسبوع المقبل.
ويشكل إجماع الوزراء البريطانيين على دعم موقف ماي دفعة قوية لها في وجه متشددي بريكست في حزبها، والذين تقدموا بخطة بديلة لتشيكرز، أمس، ترسم مستقبل بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي في إطار صفقة تجارة حرة على النموذج الكندي.
وقدمت رئيسة الوزراء لحكومتها، في أول اجتماع لها بعد قمة سالزبورغ، ملخصاً لمعطيات القمة، وأكدت على أن قادة عدد من الدول الأوروبية أكثر تفهماً للموقف البريطاني، ويمتلكون آراء بناءة بعيداً عن الأضواء، من دون أن تحدد هذه الدول.
وتسعى ماي لتجاوز المؤتمر السنوي للحزب بسلام، وهو الذي سيشهد نقاشات حادة حول سياساتها التفاوضية مع الاتحاد الأوروبي، وجدوى تمسكها بخطة تشيكرز، وربما مغزى استمرارها في زعامة الحزب، ولذلك فإنها تحاول تحقيق بعض الإنجازات التي تشكل ذخيرة لها خلال المؤتمر.
وبالإضافة إلى اصطفاف الوزراء إلى جانبها، خرج الاجتماع الحكومي باتفاق على نظام هجرة لمرحلة ما بعد بريكست، يمنح تأشيرات دخول للمهاجرين بناء على خبراتهم وثرائهم، ومن دون توفير معاملة تفضيلية لمواطني الاتحاد الأوروبي.
وتتوافق هذه السياسة مع أهداف بريكست التي وضعتها حكومتها للحد من تدفق العمالة الأوروبية إلى بريطانيا، وخاصة غير الماهرة منها.
وسيدخل نظام الهجرة الجديد، الذي ينتظر أن تقدمه ماي كإنجاز خلال المؤتمر الحزبي المنتظر، والذي اقترحه وزير الداخلية ساجد جاويد، في اتفاقيات التجارة الحرة التي ستوقعها بريطانيا بعد بريكست مع الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضاً مع الولايات المتحدة وكندا وغيرها.
ويعتمد نظام الهجرة العالمي على توصيات لجنة الهجرة الاستشارية المستقلة التي نشرت تقريرها الخاص بالهجرة إلى بريطانيا وتوصياتها لمرحلة ما بعد بريكست الأسبوع الماضي.
ويولي نظام الهجرة الأهمية لمصالح الاقتصاد والأعمال البريطانية، بحيث يسمح بانتعاش اقتصادي بعد بريكست، وبالتالي سيتم التركيز على استيراد الكفاءات التي يحتاجها سوق العمل البريطاني، ولكن مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام العمالة غير الماهرة، والتي تحتاجها قطاعات من العناية الاجتماعية والصناعات الزراعية وغيرها.
وبينما تنتظر بريطانيا أن يتقدم الاتحاد الأوروبي بمقترحاته الخاصة بعد رفضه خطة تشيكرز، وذلك بحلول منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، تقدم مؤيدو بريكست المشدد، والذين يتصدرهم بوريس جونسون وديفيد ديفيس وجاكوب ريس موغ، بخطتهم البديلة، والتي يعتقدون أنها تشكل الحل الأمثل للوضع الحالي.
ويسعى الثلاثي إلى الضغط على تيريزا ماي قبيل المؤتمر الحزبي لدفعها للتخلي عن خطة تشيكرز، وتبني الخطة التي أعلن عنها أمس في مؤتمر عقد في معهد العلاقات الاقتصادية، وتشمل تركيز بريطانيا على تجارة حرة بعيدة عن القوانين التنظيمية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.
وقال ريس موغ إن "على ماي إدراك أن لا أحد يدعم خطة تشيكرز، وأنها يجب أن تفكر ملياً بتغيير مسارها وتبني صفقة تجارة حرة على النموذج الكندي مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست".
وكان رد ماي خلال الاجتماع الحكومي أن "الحكومة لن تتخلى عن مسارها الحالي"، وشددت على أنها قالت منذ البداية إن المفاوضات ليست سهلة، وأنها ستمر بمراحل حرجة مثل الوضع الحالي.
وأضافت أنه "لا وجود لعلاقة مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي تمنع وجود الحدود الصلبة في الجزيرة الإيرلندية، وتحافظ على سيادة المملكة المتحدة على كامل أراضيها، وتحترم نتيجة الاستفتاء، وتحافظ على سير التجارة السلسة مع الاتحاد الأوروبي".
ومن جانبه، تعهد حزب العمال، خلال مؤتمره السنوي الجاري حالياً، بالتصويت ضد أي صفقة مبنية على خطة تشيكرز إن تم التوصل إليها عندما يتم تقديمها للبرلمان.
ويناقش أكبر أحزاب المعارضة البريطانية الخيارات المتاحة في حال فشل المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. ويوجد إجماع على ضرورة التوجه إلى انتخابات عامة، وإلا فيجب دعم جميع الخيارات الأخرى المتاحة، ولكن الخلاف الأكبر بين قيادات العمال يتركز حول إمكانية دعم البقاء في الاتحاد الأوروبي في أي استفتاء شعبي.