استبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصول رئيس حكومته بن علي يلدريم، إلى العاصمة البريطانية، باتصال هاتفي أجراه مع رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، تناول سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، كما قالت مصادر في الرئاسة التركية.
أما يلدريم، الذي وصل إلى لندن اليوم الأربعاء للمشاركة في مؤتمر رفيع المستوى حول الصومال، فقد أكد على أنه سيجري خلال زيارته محادثات ثنائية مع المسؤولين في بريطانيا، حسب بيان المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء التركية.
وتشهد العلاقات التركية البريطانية تقارباً واضحاً منذ إستفتاء "بريكست" في يونيو/حزيران الماضي، تكلل بزيارة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي إلى أنقرة، في يناير/كانون الثاني الماضي، وتأكيدها آنذاك على كون تركيا شريكاً لا غنى عنه، وحليفاً مقرباً لبريطانيا في عدة قضايا ذات أهمية دولية، تشمل التجارة والأمن والدفاع.
واعتبر المراقبون أن زيارة ماي إلى أنقرة، بعد عودتها من زيارة إلى واشنطن، ولقاءها مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، تعكس الأهمية التي توليها الحكومة البريطانية للعلاقات مع تركيا، وإمكانية تطوير هذه العلاقات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقد أوصى تقرير صادر عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، في مارس/آذار الماضي، بالدور المحوري الذي تقوم به أنقرة في تحقيق الاستقرار في المنطقة بصورة عامة، داعيًا حكومة بريطانيا إلى تفعيل توثيق التعاون بين البلدين.
وجاء في التقرير الذي استند في كثير من فقراته إلى التحقيقات التي أجرتها لندن بشأن محاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا منتصف يوليو/تموز الماضي، مبينًا أن المحاولة كانت تستهدف منظومة الديمقراطية التركية في المقام الأول.
وانطلاقًا من النتائج التي خلصت إليها تحقيقات اللجنة أشار التقرير إلى أهمية أنقرة كشريك دولي لبريطانيا، معتبرًا أن "تركيا تعد قوة إقليمية ذات أهمية مركزية" وأن "القرارات التي تتخذها أنقرة ستحدد مصير المنطقة".
وأوضح أن "الدور التركي هام لضمان استقرار المنطقة"، في ظل الجهود المبذولة لمكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، ومسألة اللاجئين.
كما تطرق التقرير إلى الموقف الرسمي البريطاني من محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث ذكر أن "الدعم السريع الذي قدمته وزارة الخارجية البريطانية لتركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، ساهم في خلق انطباع لدى أنقرة بأن بريطانيا حليف وصديق مقرب لها"، وهو ما يدفع إلى مزيد من التعاون الاستراتيجي بين الجانبين لاسيما في مجالات التجارة والصناعات الدفاعية والأمن.
وأوصى التقرير الحكومة البريطانية بضرورة رفع مستوى التعاون المشترك في العديد من المجالات، خاصة في ظل ما تمثله أنقرة من مكانة إقليمية متميزة فضلاً عما تتمتع به من شبكة علاقات وتحالفات أهلتها لأن تكون أحد أبرز اللاعبين المؤثرين في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تحتاج إليه بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتأتي الانعطافة في العلاقات البريطانية التركية لافتةً بعد استفتاء "بريكست"، وبدء لندن إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي. فقبل أيام قليلة من نتيجة الاستفتاء البريطاني الذي جرى في 23 يونيو/حزيران الماضي، ألمح وزير الخارجية البريطاني آنذاك، فيليب هاموند، إلى احتمال رفض بلاده لانضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.
وقال هاموند في معرض ردّه على أسئلة النواب بمجلس العموم في البرلمان البريطاني، "إن تركيا تحتاج إلى عشرات السنين لكي تقترب من عضوية الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن بلاده لها حق "الفيتو" بخصوص شروط انضمام أي دولة إلى الاتحاد الأوروبي.
أما بعد أن قرر 52 بالمائة من البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، فقد تغيرت لغة الساسة البريطانيين الذين شددوا على أهمية تركيا كشريك استراتيجي لبريطانيا بعد "بريكست".
ورغم الأجواء الدافئة بين أنقرة ولندن، إلا أن دوائر صنع القرار في تركيا تبدو مرتاحة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لاسيما وأن مواقف بريطانيا ما قبل "بريكست" كانت معارضة لانضمام أنقرة للاتحاد لعقود مقبلة، وربما حتى عام 3000، كما قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ديفيد كاميرون.
وربما شجع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، القيادة التركية على تجديد رغبتها في مواصلة مسيرتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بشكل مناسب وعلى أساس المعاملة بالمثل، كما قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في رسالة نشرها بمناسبة "يوم أوروبا" الذي يوافق 9 مايو/أيار.