في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في سان دييغو، منطقة تسمى "بغداد الصغرى". يعيش فيها عدد كبير من العرب والعراقيين الذين نجحوا في إنشاء مجتمع عراقي بديل ومتماسك
حول طاولة النرد، يجلس عدد من الرجال الكبار في السن. يحتسون الشاي ويتبادلون الأحاديث في أحد المتنزهات العامة القريبة من الشارع الرئيسي في مدينة الكاهون في مقاطعة سان دييغو الأميركية. يبدو المشهد عادياً في هذا الحي حيث تقطن أسر عراقية، وتتمركز أعمالها ومحالها التجارية، بالإضافة إلى المطاعم وأسواق البقالة.
التجوّل لدقائق عدة في هذه المنطقة، التي يطلق عليها اسم "بغداد الصغرى"، كفيل بإشعار المرء بدفء الأجواء العربية عموماً والعراقية خصوصاً. ما إن تبدأ السير حتى تقع عيناك على لافتات المحال المكتوبة باللغة العربية، ومعظمها مستوحى من البيئة العراقية مثل مطعم "علي بابا"، و"بين النهرين"، و"أسواق بابل" وغيرها. أما المواطنون، فيتحدثون بلهجة عراقية، ودائماً ما يتبادلون التحية والسجائر.
من خلف زجاج واجهة أحد محال المجوهرات، يدور نقاش بين صاحبه رائد وامرأتين حول سعر قطعة ذهب ترغبان بشرائها. "ليس هناك مجال للتفاوض على السعر مع التاجر الأميركي، بينما هذا ممكن مع التاجر العربي. من هنا، يفضل المتسوّق العراقي التعامل مع العربي الذي يتحدث لغته ويستوعب ثقافة المفاصلة" بحسب رائد.
قبل نحو ثلاث سنوات، جاء رائد إلى الولايات المتحدة. عمل في مهن مختلفة قبل أن يعود إلى مهنته الأصلية، ويتمكن من فتح محله "الكرادة"، نسبة إلى منطقة الكرادة في بغداد. أشكال المجوهرات المعروضة في محل رائد تختلف كثيراً عن تلك الموجودة في المحال الأميركية. هنا تجد العين الزرقاء، وكلمة "الله"، وغيرها من الموديلات المستوردة من دبي.
وعن سبب إقبال العراقيين على مجوهراته، يقول رائد: "يفضّل العرب إهداء المجوهرات في المناسبات كالزواج وغيرها. كما أنّ العراقيين يحبون الذهب". يضيف: "نميل إلى الذهب الأصفر بعكس الأميركيين الذين يفضلون اقتناء الذهب الأبيض والألماس".
على بعد خطوات من مجوهرات "الكرادة"، كان وسيم يرتاح قليلاً خارج محل الحلاقة الذي يملكه، وقد بدا مكتظاً بالزبائن خلال عطلة نهاية الأسبوع. يعيش وسيم وعائلته في سان دييغو منذ نحو خمس سنوات، ولديه خبرة طويلة في الحلاقة تعود إلى 23 عاماً خلت. يتحدث عن الصعوبات التي واجهته بعد وصوله إلى أميركا. يقول: "البداية هنا كانت صعبة. واجهتنا أولاً مشكلة اللغة. كما أنّ مزاولة أي مهنة تتطلب الحصول على رخصة. لذلك، عملت في مجالات مختلفة قبل أن أتمكن من فتح هذا المحل". يضيف: "انتسبت إلى أكاديمية لتعليم الحلاقة لمدة تسعة أشهر، وتقدمت إلى الامتحان اللازم لنيل الرخصة، واجتزته".
يتابع وسيم أنّ الوضع في بلاده بات صعباً جداً، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة. غاب الأمان والاستقرار والقانون وتغلغلت الطائفية، لافتاً إلى أنّ "الجميع في أميركا يحاسبون أمام القانون". ويشير إلى أنّ وجود الكثير من العراقيين والأقارب والمعارف في هذه المنطقة دفعه لاختيارها والعيش فيها، ما ساعده وعائلته على التأقلم بسرعة والالتزام بالقوانين.
معظم زبائن وسيم من العراقيين. يعزو السبب إلى ثقتهم بأبناء بلدهم في ما يتعلق بأصول الحلاقة. يقول: "يسلموننا رؤوسهم وهم مرتاحون لأنهم يعلمون أننا نعرف القصات التي تناسبهم. الحلاق العراقي يعرف القصات العربية، وهو يختلف مثلاً عن الحلاق الصيني أو الأميركي. عدا عن كون الأسعار هنا أقل بالمقارنة مع الصالونات الأخرى".
اقــرأ أيضاً
حول طاولة النرد، يجلس عدد من الرجال الكبار في السن. يحتسون الشاي ويتبادلون الأحاديث في أحد المتنزهات العامة القريبة من الشارع الرئيسي في مدينة الكاهون في مقاطعة سان دييغو الأميركية. يبدو المشهد عادياً في هذا الحي حيث تقطن أسر عراقية، وتتمركز أعمالها ومحالها التجارية، بالإضافة إلى المطاعم وأسواق البقالة.
التجوّل لدقائق عدة في هذه المنطقة، التي يطلق عليها اسم "بغداد الصغرى"، كفيل بإشعار المرء بدفء الأجواء العربية عموماً والعراقية خصوصاً. ما إن تبدأ السير حتى تقع عيناك على لافتات المحال المكتوبة باللغة العربية، ومعظمها مستوحى من البيئة العراقية مثل مطعم "علي بابا"، و"بين النهرين"، و"أسواق بابل" وغيرها. أما المواطنون، فيتحدثون بلهجة عراقية، ودائماً ما يتبادلون التحية والسجائر.
من خلف زجاج واجهة أحد محال المجوهرات، يدور نقاش بين صاحبه رائد وامرأتين حول سعر قطعة ذهب ترغبان بشرائها. "ليس هناك مجال للتفاوض على السعر مع التاجر الأميركي، بينما هذا ممكن مع التاجر العربي. من هنا، يفضل المتسوّق العراقي التعامل مع العربي الذي يتحدث لغته ويستوعب ثقافة المفاصلة" بحسب رائد.
قبل نحو ثلاث سنوات، جاء رائد إلى الولايات المتحدة. عمل في مهن مختلفة قبل أن يعود إلى مهنته الأصلية، ويتمكن من فتح محله "الكرادة"، نسبة إلى منطقة الكرادة في بغداد. أشكال المجوهرات المعروضة في محل رائد تختلف كثيراً عن تلك الموجودة في المحال الأميركية. هنا تجد العين الزرقاء، وكلمة "الله"، وغيرها من الموديلات المستوردة من دبي.
وعن سبب إقبال العراقيين على مجوهراته، يقول رائد: "يفضّل العرب إهداء المجوهرات في المناسبات كالزواج وغيرها. كما أنّ العراقيين يحبون الذهب". يضيف: "نميل إلى الذهب الأصفر بعكس الأميركيين الذين يفضلون اقتناء الذهب الأبيض والألماس".
على بعد خطوات من مجوهرات "الكرادة"، كان وسيم يرتاح قليلاً خارج محل الحلاقة الذي يملكه، وقد بدا مكتظاً بالزبائن خلال عطلة نهاية الأسبوع. يعيش وسيم وعائلته في سان دييغو منذ نحو خمس سنوات، ولديه خبرة طويلة في الحلاقة تعود إلى 23 عاماً خلت. يتحدث عن الصعوبات التي واجهته بعد وصوله إلى أميركا. يقول: "البداية هنا كانت صعبة. واجهتنا أولاً مشكلة اللغة. كما أنّ مزاولة أي مهنة تتطلب الحصول على رخصة. لذلك، عملت في مجالات مختلفة قبل أن أتمكن من فتح هذا المحل". يضيف: "انتسبت إلى أكاديمية لتعليم الحلاقة لمدة تسعة أشهر، وتقدمت إلى الامتحان اللازم لنيل الرخصة، واجتزته".
يتابع وسيم أنّ الوضع في بلاده بات صعباً جداً، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة. غاب الأمان والاستقرار والقانون وتغلغلت الطائفية، لافتاً إلى أنّ "الجميع في أميركا يحاسبون أمام القانون". ويشير إلى أنّ وجود الكثير من العراقيين والأقارب والمعارف في هذه المنطقة دفعه لاختيارها والعيش فيها، ما ساعده وعائلته على التأقلم بسرعة والالتزام بالقوانين.
معظم زبائن وسيم من العراقيين. يعزو السبب إلى ثقتهم بأبناء بلدهم في ما يتعلق بأصول الحلاقة. يقول: "يسلموننا رؤوسهم وهم مرتاحون لأنهم يعلمون أننا نعرف القصات التي تناسبهم. الحلاق العراقي يعرف القصات العربية، وهو يختلف مثلاً عن الحلاق الصيني أو الأميركي. عدا عن كون الأسعار هنا أقل بالمقارنة مع الصالونات الأخرى".
من جهتها، تقول رئيسة أعمال "جمعية كلدان - الشرق الأوسط للخدمات الاجتماعية"، بسمة كودة، إن هناك أكثر من 120 ألف عربي يعيشون في مقاطعة سان دييغو، من بينهم أكثر من 80 ألف عراقي. وقد زاد عدد العراقيين خلال السنوات العشر الأخيرة، ووصل ما بين 12 إلى 20 ألف عراقي إلى المقاطعة منذ العام 2007 حتى اليوم، إثر تسهيل إجراءات لجوء العراقيين إلى سان دييغو.
تشير المعلومات إلى أنّ مقاطعة سان دييغو تشهد نمواً هو الأسرع لأعداد اللاجئين العراقيين في البلاد، من بينهم الآشوريون والأكراد والصابئة المندائيون. ويقال إنّ منطقة الكاهون تضم ثاني أعلى نسبة من السكان الكلدان في الولايات المتحدة، بعد ديترويت في ولاية ميشيغان.
هاجرت نورا البرزنجي، وهي عراقية كردية، وأسرتها إلى أميركا في أواخر التسعينيات، حين كانت طفلة. تتحدث عن سبب ترك عائلتها للعراق. تقول: "تعرض أبي لضغوط ومضايقات كثيرة، بعد رفضه الانضمام إلى حزب البعث. وبسبب خوفه علينا، توجهنا إلى الأردن حيث مكثنا سنتين، ثم هاجرنا إلى الولايات المتحدة بمساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
ترى نورا ووالدتها حنان أنّ المجيء إلى أميركا قد غير مجرى حياة العائلة، لا سيما الابنة الصغرى فاطمة ولديها متلازمة داون. توضح حنان أنه بفضل المساعدات التي توفرها الحكومة هنا، التحقت فاطمة بإحدى أفضل المدارس. تقول: "كانت البداية هنا صعبة"، خصوصاً أنّ زوجها توفي بعد عام فقط من وصولهم إلى أميركا. تضيف: "تحملت مسؤولية تربية ست فتيات، كانت أكبرهن في العشرين من عمرها وأصغرهن فاطمة. فكرت بالعودة إلى العراق، لكن بناتي رفضن. بقيت ومضت الأيام".
استقرت العائلة في ولاية أوريغون الأميركية. توالت السنوات وكانت نورا تستعدّ للالتحاق بالجامعة قبل أن تزور وشقيقتها سان دييغو. بعدها، أقنعت الفتاتان والدتهما بالانتقال إليها. تقول نورا: "عندما زرت سان دييغو، فكرت بوالدتي، وقلت إنّ وجود عراقيين كثر هنا سيساعدها في هذه المرحلة من حياتها. كلّ ما يلزمها متوفّر. أشعر بالراحة وأنا في عملي ولا أقلق عليها".
وتجدر الإشارة إلى أن تمركز العراقيين في سان دييغو لم يأت من فراغ. تقول كودة: "بطبيعة الحال، نحاول دائماً الانتماء إلى المجتمع الخاص بنا. وبما أن سان دييغو تضم الكثير من العرب والعراقيين، فإن اللاجئ العراقي الذي يأتي إلى الولايات المتحدة غالباً ما يسعى للانضمام إلى بقية أفراد عائلته أو أصدقائه. يُضاف إلى ذلك التسهيلات الموجودة في ولاية كاليفورنيا تحديداً. إذ توجد برامج خاصة لمساعدة اللاجئين وتسهيل أمور حياتهم اليومية. على سبيل المثال، لا يوفر قانون ولاية نيفادا مترجماً للاجئ في الدوائر الرسمية، علماً أن هذا الأمر متوفر في كاليفورنيا".
تضيف كودة أنّ الحكومة تؤمن تسهيلات في المدارس، ويوجد مساعدون يتحدثون اللغة العربية، ومطلعون على الثقافة والعادات والتقاليد العربية. كذلك، تتشابه طبيعة البناء في سان دييغو مع طبيعة البناء في المدن العربية، ويقطن الكثير من العراقيين في شقق سكنية مجاورة لبعضها البعض، وكأنهم ما زالوا في العراق. ويحافظ هؤلاء العراقيين على عاداتهم وتقاليدهم، ويجتمعون في كنائسهم وجوامعهم يومي الأحد والجمعة.
إلى ذلك، يعدّ المطبخ العراقي مختلفاً عن الشامي أو الخليجي أو المغربي، الأمر الذي يؤكده مزاحم خدر الذي يملك محلاً في سوق "بيغ بير". يقول إن "العراقيين يحبّون الأكلات الدسمة، والأكلات الشعبية التي تعتمد على البرغل والدولما والكبة وغيرها". تفوح من المخبز رائحة الخبز العراقي الطازج "الصمون"، الذي يخبز في أفران حجرية، وتباع الأرغفة الأربعة منه بدولار واحد فقط. تصنع أيضاً أرغفة القرص الكبير، التي لا تجد إقبالاً من العراقيين وحدهم.
ويرى خدر أنّ رخص الأسعار يشجع ذوي الدخل المحدود على اللجوء إليه. ويبدو لافتاً أنّ معظم العاملين في السوق هم من العراقيين والعرب. يتابع خدر: "جئنا إلى أميركا بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها وطننا. لذلك، لم ننس روح التعاون العراقية ومساعدة جيران العراق. هنا، نحاول مساعدة الجميع".
ينظر هؤلاء العراقيون بحزن إلى الدمار الذي حل بوطنهم، بسبب توالي الحروب والطائفية وانتشار الفوضى والفساد. يقول خدر: "نحن أناس مسالمون، نعتمد في حياتنا على حماية الدولة. لكن في بلادنا فقد الأمان، وبالتالي فقدنا حماية الدولة ما أدى إلى تشردنا على مراحل عدة. إذا تشردنا مجدداً، ربما نعبر إلى البحر".
اقــرأ أيضاً
تشير المعلومات إلى أنّ مقاطعة سان دييغو تشهد نمواً هو الأسرع لأعداد اللاجئين العراقيين في البلاد، من بينهم الآشوريون والأكراد والصابئة المندائيون. ويقال إنّ منطقة الكاهون تضم ثاني أعلى نسبة من السكان الكلدان في الولايات المتحدة، بعد ديترويت في ولاية ميشيغان.
هاجرت نورا البرزنجي، وهي عراقية كردية، وأسرتها إلى أميركا في أواخر التسعينيات، حين كانت طفلة. تتحدث عن سبب ترك عائلتها للعراق. تقول: "تعرض أبي لضغوط ومضايقات كثيرة، بعد رفضه الانضمام إلى حزب البعث. وبسبب خوفه علينا، توجهنا إلى الأردن حيث مكثنا سنتين، ثم هاجرنا إلى الولايات المتحدة بمساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
ترى نورا ووالدتها حنان أنّ المجيء إلى أميركا قد غير مجرى حياة العائلة، لا سيما الابنة الصغرى فاطمة ولديها متلازمة داون. توضح حنان أنه بفضل المساعدات التي توفرها الحكومة هنا، التحقت فاطمة بإحدى أفضل المدارس. تقول: "كانت البداية هنا صعبة"، خصوصاً أنّ زوجها توفي بعد عام فقط من وصولهم إلى أميركا. تضيف: "تحملت مسؤولية تربية ست فتيات، كانت أكبرهن في العشرين من عمرها وأصغرهن فاطمة. فكرت بالعودة إلى العراق، لكن بناتي رفضن. بقيت ومضت الأيام".
استقرت العائلة في ولاية أوريغون الأميركية. توالت السنوات وكانت نورا تستعدّ للالتحاق بالجامعة قبل أن تزور وشقيقتها سان دييغو. بعدها، أقنعت الفتاتان والدتهما بالانتقال إليها. تقول نورا: "عندما زرت سان دييغو، فكرت بوالدتي، وقلت إنّ وجود عراقيين كثر هنا سيساعدها في هذه المرحلة من حياتها. كلّ ما يلزمها متوفّر. أشعر بالراحة وأنا في عملي ولا أقلق عليها".
وتجدر الإشارة إلى أن تمركز العراقيين في سان دييغو لم يأت من فراغ. تقول كودة: "بطبيعة الحال، نحاول دائماً الانتماء إلى المجتمع الخاص بنا. وبما أن سان دييغو تضم الكثير من العرب والعراقيين، فإن اللاجئ العراقي الذي يأتي إلى الولايات المتحدة غالباً ما يسعى للانضمام إلى بقية أفراد عائلته أو أصدقائه. يُضاف إلى ذلك التسهيلات الموجودة في ولاية كاليفورنيا تحديداً. إذ توجد برامج خاصة لمساعدة اللاجئين وتسهيل أمور حياتهم اليومية. على سبيل المثال، لا يوفر قانون ولاية نيفادا مترجماً للاجئ في الدوائر الرسمية، علماً أن هذا الأمر متوفر في كاليفورنيا".
تضيف كودة أنّ الحكومة تؤمن تسهيلات في المدارس، ويوجد مساعدون يتحدثون اللغة العربية، ومطلعون على الثقافة والعادات والتقاليد العربية. كذلك، تتشابه طبيعة البناء في سان دييغو مع طبيعة البناء في المدن العربية، ويقطن الكثير من العراقيين في شقق سكنية مجاورة لبعضها البعض، وكأنهم ما زالوا في العراق. ويحافظ هؤلاء العراقيين على عاداتهم وتقاليدهم، ويجتمعون في كنائسهم وجوامعهم يومي الأحد والجمعة.
إلى ذلك، يعدّ المطبخ العراقي مختلفاً عن الشامي أو الخليجي أو المغربي، الأمر الذي يؤكده مزاحم خدر الذي يملك محلاً في سوق "بيغ بير". يقول إن "العراقيين يحبّون الأكلات الدسمة، والأكلات الشعبية التي تعتمد على البرغل والدولما والكبة وغيرها". تفوح من المخبز رائحة الخبز العراقي الطازج "الصمون"، الذي يخبز في أفران حجرية، وتباع الأرغفة الأربعة منه بدولار واحد فقط. تصنع أيضاً أرغفة القرص الكبير، التي لا تجد إقبالاً من العراقيين وحدهم.
ويرى خدر أنّ رخص الأسعار يشجع ذوي الدخل المحدود على اللجوء إليه. ويبدو لافتاً أنّ معظم العاملين في السوق هم من العراقيين والعرب. يتابع خدر: "جئنا إلى أميركا بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها وطننا. لذلك، لم ننس روح التعاون العراقية ومساعدة جيران العراق. هنا، نحاول مساعدة الجميع".
ينظر هؤلاء العراقيون بحزن إلى الدمار الذي حل بوطنهم، بسبب توالي الحروب والطائفية وانتشار الفوضى والفساد. يقول خدر: "نحن أناس مسالمون، نعتمد في حياتنا على حماية الدولة. لكن في بلادنا فقد الأمان، وبالتالي فقدنا حماية الدولة ما أدى إلى تشردنا على مراحل عدة. إذا تشردنا مجدداً، ربما نعبر إلى البحر".