وقالت مصادر مقربة من العبادي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكومة المركزية تسعى إلى إرساء قواعد عسكرية لها في كركوك، بهدف منع استيلاء أربيل على المحافظة".
ووفقاً للمصدر نفسه، فإن الحكومة مدعومة من كتل سياسية شيعية وسنية اتفقت على الخطوة، ويجري الإعداد لقواعد عدة في الزاب والرياض وأم الخناجر والحويجة. ويدفع هذا التوجه الحكومة إلى تأجيل تحرير مناطق جنوب غرب المحافظة من تنظيم "داعش" بهدف إكمال الاستعدادات ولتكون حملة تحريرها غطاء لدخول ما لا يقل عن 50 ألف جندي عراقي بما يمنع أي تفرد كردي في المحافظة.
وأوضح المصدر أن القواعد المقرر أن تعتمد على الفرقتين السادسة عشرة والتاسعة وجهاز مكافحة الإرهاب وفرقة التدخل السريع ستكون حاضرة لمنع أي خطوة أحادية من أربيل تجاه كركوك بعد فشل تحقيق سيادة بغداد على المحافظة على الرغم من الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين".
ولأول مرة منذ احتلال العراق 2003 تبدو الأحزاب الإسلامية السنية والشيعية متوافقة بشكل كامل حيال كركوك. وبحسب مصادر سياسية عراقية مقربة من التحالف الوطني فإن "نقطة الاتفاق الحالية هي كركوك ومنع الأكراد من تحقيق هدفهم بضمها إلى كردستان". وفي السياق، قال عضو التيار الصدري، حسين البصري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الهدف هو إبقاء كركوك عراقية لا كردية ولا تركمانية ولا عربية. واتفق الجميع على عدم السماح لأي طرف بفرض وصاية عليها". ولفت إلى أن "الأكراد لا يوافقون على أي صيغة سوى ضم كركوك لأربيل وهذا مستحيل".
من جهته، حذّر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شاخوان عبد الله، في حديثه مع "العربي الجديد"، من أن "تشعل الحكومة المركزية فتيل أزمة تخلف تداعيات خطيرة للغاية وصراعا دمويا، إذا ما حاولت بالفعل إدخال القوات المشارِكة في معركة الحويجة إلى كركوك".
وعلى الرغم من تصاعد حدة الخلافات بين المركز والإقليم، إلا أنّ الأمين العام لوزارة البيشمركة، جبار أمين الياور، أكد استعداد قواته للمشاركة في عملية تحرير الحويجة، إذا ما قررت الحكومة العراقية انطلاقها في أي وقت، نائياً بوزارته عن الخلافات السياسية مع بغداد.
بدوره، قال النائب عن محافظة كركوك، خالد المفرجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء تأخير عملية تحرير بلدة الحويجة جنوب غربي المحافظة تعود إلى نية القوات العسكرية النظامية التابعة للحكومة المركزية، البقاء في مدينة كركوك التي تتولى قوات البشمركة والأسايش الكردية حفظ الأمن فيها، حتى بعد الانتهاء من تحرير البلدة". وأكد، أنّ "حكومة إقليم كردستان التي تعتبر كركوك محافظة كردية تابعة لها، ترفض ذلك". وأكد أنّ "تلك الخلافات تسببت بإطالة أمد وجود التنظيم في الحويجة التي ما زال عشرات الآلاف من أهلها يرزحون تحت قبضة داعش"، محملاً الحكومة المركزية "مسؤولية تحويل البلدة إلى بؤرة لتجمع عناصر التنظيم الهاربين من المناطق المحرّرة في مدينة الموصل".
وانسحبت قوات الجيش العراقي من كركوك عام 2014 إثر اجتياح تنظيم "داعش" مناطق واسعة من مدن شمال وغرب العراق بما فيها محافظة كركوك، إلا أن قوات كردية تمكنت من السيطرة على المدينة بشكل كامل، ما جعل بغداد لا تملك أي سلطة على المحافظة الواقعة على بعد 250 كيلومتراً. وتعد خامس أكبر مدن العراق من حيث السكان بواقع مليون ونصف المليون نسمة، وتمتلك نحو ربع مخزون العراق من النفط. ويقطنها حسب الأكثرية كل من التركمان والأكراد والعرب والسريان والأشوريين وفيها مسلمون ومسيحيون وديانات قديمة مثل الصابئة واليزيدية والكاكائية والزرادشتية بينما اختفى اليهود منها بعد حرب عام 1948.
وتقدر تقارير محلية وجود نحو 30 ألف عنصر أمن كردي من البيشمركة والأسايش يتسلمون الوظائف السابقة التي كان الجيش والشرطة يشغلانها في المحافظة، فضلاً عن سيطرتهم على الدوائر والمؤسسات الرسمية مثل منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة.