بعد يوم واحد من قصف تركي أودى بحياة ضابطين عراقيين من قوات حرس الحدود، على مقربة من الحدود العراقية التركية ضمن محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، أفاد مسؤولون حكوميون ومحليون في أربيل وبغداد بأن بغداد قررت تعزيز قوات حرس الحدود بوحدات إضافية لنشرها على تخوم بلدات زاخو وسوران وسيدكان التي شهدت يوم أمس القصف التركي.
يأتي ذلك بعد بيان عراقي غاضب ندد بالهجوم التركي، وألغى إثره وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، زيارة كانت مقررة إلى بغداد غداً الخميس، كما استدعى سفير أنقرة ببغداد، فاتح يلديز، على خلفية مقتل الضابطين.
وتدخل العملية العسكرية التركية في شمال العراق على الحدود المتاخمة لتركيا بعد أيام شهرها الثالث، والتي أطلقت عليها اسم "مخلب النمر"، لتتبع واستهداف مسلحي حزب "العمال الكردستاني" في مناطق حفتانين وبرادوست وزاخو وقنديل.
وتقول أنقرة إنّ على بغداد منع استخدام الحزب أراضيها لتنفيذ اعتداءات تستهدفها من خلالها، مؤكدة أن عملياتها الحالية في عمق الأراضي العراقية من "مبدأ الدفاع عن النفس".
ووفقا لمصادر حكومية في بغداد، فإن السلطات العراقية قررت تعزيز القوات الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية ضمن قوات حرس الحدود الموجودة في الإقليم بوحدات إضافية، لنشرها في مناطق متاخمة على الحدود لمنع تمدد حزب "العمال" أو الجيش التركي داخل الأراضي العراقية أكثر، مع ضمان حماية المدنيين والسكان في تلك المنطقة.
وكشفت المصادر لـ"العربي الجديد"، عن وصول وفد رفيع من وزارة الدفاع العراقية إلى دهوك لمناقشة القيادات المحلية هناك بتطورات الأوضاع، لافتة إلى أن "قوات حرس الحدود الموجودة أصلا في تلك المناطق هي من العراقيين الكرد الذين يعلمون بالمنطقة أكثر من غيرهم".
ونفى مسؤول عراقي بالوقت ذاته وجود أي اجتماع بين الضابطين العراقيين اللذين قتلا يوم أمس بالغارة التركية مع مسلحي حزب "العمال"، كاشفا عن أن "بغداد ستصدر تفاصيل جديدة حول القضية".
من جانبه، قال قائممقام قضاء سوران شمال أربيل عاصمة إقليم كردستان، كرمانج عزت، لـ"العربي الجديد"، إن "حرس الحدود العراقي الاتحادي عزز من انتشاره في المناطق التي يوجد فيها الجيش التركي وعناصر حزب العمال"، مبينا أن "حادثة مقتل الضابطين العراقيين دفعت للتخطيط لزيادة نقاط حرس الحدود لمنع دخول القوات التركية إلى عمق مناطق كردستان".
وأضاف أن "هذه الخطوة تأتي بهدف تعزيز النقاط العسكرية، ضمن خطط الحكومة العراقية لحماية المدنيين من صدامات بين القوات التركية وحزب "العمال"، خاصة بمنطقة زاخو"، متحدثا عن إصابة راعي أغنام على يد مسلحي حزب "العمال" بسبب إطلاقهم النار في الهواء وبشكل عشوائي، ضمن رفضهم لأي تقدم عسكري حكومي في المناطق التي يوجدون فيها.
والأربعاء، نقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) بيانا لقيادة العمليات المشتركة في بغداد، أكدت فيه "التواصل مع إقليم كردستان لمعرفة أسباب الاعتداء التركي السافر"، وفقا للبيان الذي نقل عن المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي قوله إن "هناك تواصلا وتشاورا مع المسؤولين في إقليم كردستان بشأن الاعتداء التركي السافر بطائرة مسيرة، والذي أسفر عن استشهاد ضابطين في حرس الحدود".
وأشار إلى أن "هناك تفاصيل أخرى سوف يتم التشاور بها مع الإقليم لمعرفة ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الاعتداء، وكيف تقوم جهة معينة باستهداف قادة عسكريين داخل الحدود العراقية"، وفقا للبيان.
ولم يصدر عن الجانب التركي لغاية الآن أي تعليق، لكن وزارة الدفاع نشرت صورا لعملية قصف داخل العراق اليوم الأربعاء قالت إنها استهدفت مسلحي حزب العمال في منطقة الزاب القريبة من الحدود مع تركيا.
Irak kuzeyi Zap bölgesinde tespit edilen 2 PKK'lı terörist daha icra edilen hava harekâtıyla etkisiz hale getirildi.
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) August 11, 2020
Hiçbir şehidimizin kanı yerde kalmadı, kalmayacak! #İyikivarsınEren
Seni ve tüm şehitlerimizi unutmadık! 🇹🇷
Allah’tan rahmet diliyoruz. pic.twitter.com/hUxHBg9F4V
القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، ماجد شنكالي، أكد أهمية تعزيز العراق حدوده عسكريا مع تركيا، وأن "يصعّد من خطواته لأجل إنهاء الانتهاك لأراضينا"، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "قيادة قوات الحدود هي التي تمسك المنطقة الحدودية مع تركيا، وأن دعم هذه المناطق خلال هذه الفترة ضروري جدا، ولا سيما بعد الحوادث الأخيرة والتدخل التركي السافر بالشأن العراقي، وتصعيد القصف الذي أودى بحياة ضباط عراقيين".
وشدد: "نحن مع تعزيز قوات الحدود لمنع التدخل التركي بالمنطقة، ويجب أن تتم بموازاة ذلك ممارسة ضغوط أخرى على أنقرة، منها تجارية لوقف الانتهاكات، إذ إن الرد القوي من العراق هو الرد المناسب لوقفها"، مستبعدا "أي نية عراقية نحو الخيار العسكري، لكن سيكون هناك تصاعد بالرد، والذي بدأ بإلغاء العراق زيارة وزير الدفاع التركي"، موضحا أنه "يجب أن تكون هناك ضغوط سياسية وتجارية، وقد يكون هناك تشنج وتوتر كبيران في العلاقات بين البلدين، ومن المهم أن تكون هناك قوات عراقية على الحدود لردّ أي اعتداء".
ودعا الحكومة العراقية إلى "العمل على إخراج قوات حزب "العمال الكردستاني" من العراق، حتى لا يعطي حجة لتركيا لاقتحام الأراضي العراقية".
وفي بغداد، حذر النائب عن "تيار الحكمة"، البرلماني علي البديري، الحكومة العراقية من الاستجابة لضغوط من قبل بعض الأطراف تدفعها نحو الخيار العسكري، وقال لـ"العربي الجديد": "لا نفضل أي توجه نحو خيارات عسكرية، لأن نتائجه ستكون وخيمة للطرفين، يجب أن يحل الموضوع سياسيا"، مؤكدا أن "هناك أطرافا عراقية تدفع الحكومة العراقية باتجاه التصعيد العسكري".
ودعا الحكومة إلى أن "تتخذ خطوات سياسية بعيدة عن العنف لحل هذا الملف، وأن العسكرة على الحدود لن تكون نتائجها جيدة، لكن بذات الوقت تجب المحافظة على السيادة الوطنية"، مشيرا إلى أن "هناك حلولا كثيرة لدى الحكومة، وهي نقاط ضاغطة على تركيا، منها الورقة الاقتصادية والتجارية، أو اللجوء إلى الأمم المتحدة، ما قد يسهم في إيقاف أي تجاوز لها على العراق".
وشدد على "ضرورة إخراج أي قوات مصنفة كجهات إرهابية عاملة داخل العراق، ومنها حزب "العمال""، مشيرا إلى أن "البرنامج الحكومي أقر عدم السماح لأي جهة تستخدم أرض العراق لممارسة أعمال إرهابية تجاه أي دولة جارة للعراق، ما يحتم على الحكومة اتخاذ خطوات لوقف تلك الجهات التي تستخدم أراضينا لضرب تركيا".