يأتي ذلك مع اتساع حدة الخلافات بين الحكومة العراقية وزعمات داخل مليشيات "الحشد" مرتبطة بطهران، أبرزها أبو مهدي المهندس، الذي أصدر، مساء أمس الخميس، قرارا بتشكيل "قوة جوية للحشد الشعبي"، وهو ما عادت السلطات العراقية لنفيه وعبر بيان رسمي نشر على الموقع الإلكتروني لهيئة الحشد الشعبي نفسها.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء تحسين الخفاجي إن التحقيقات الجارية حول استهداف مستودعات السلاح التابعة للحشد "توصلت إلى نتائج مهمة"، مبينا أن هذه النتائج "ستعلن قريبا"، وأنها "دفعت العراق إلى اتخاذ قرارات من بينها اعتبار الاعتداء على أي جهة تعمل في العراق اعتداء على سيادة البلاد".
وأضاف الخفاجي في حديث لراديو محلي عراقي يبث من مدينة البصرة، جنوبي العراق: "تم كذلك اتخاذ قرار بمنح الحشد الشعبي مخازن خاصة تابعة للجيش العراقي مبردة ومجهزة لتفريغ مخازنه الموجودة في المدن". كاشفا عن أن نتائج التحقيق "ستعلن بعد اكتمالها، وعلى ضوء نتائج التحقيق سيتم اتخاذ القرار"
في المقابل، قالت مصادر مقربة من مليشيات الحشد الشعبي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن أطرافا سياسية، بينها زعيم "ائتلاف دولة القانون"، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، تقود وساطات لتخفيف حدة الخلافات الحالية بين أبو مهدي المهندس، المصنف على أنه القائد الميداني لمليشيات الحشد الشعبي في العراق، وبين رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي من جهة أخرى.
وتسعى تلك الوساطات، بحسب المصادر ذاتها، إلى وقف رفض المهندس تنفيذ أوامر حكومية وتحدي أخرى، من بينها اعطاؤه أوامر باستهداف طائرات مسيرة في الأجواء العراقية ورفض الالتزام بتوصيات خلية الأزمة حيال التصريح بشأن حادثة استهداف مخازن أسلحة "الحشد"، وتحريك وحدات وفصائل مسلحة من "الحشد" دون العودة إلى الحكومة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الخلافات تسببت باتساع الشرخ الحاصل بين الفصائل المدعومة من إيران بشكل كامل، مثل كتائب "حزب الله" وحركة "النجباء" و"الخراساني" و"سيد الشهداء"، ومليشيات أخرى تصنف نفسها على أنها من ضمن محور "الممانعة" الإقليمي، وترتبط بطهران، وبين الحكومة العراقية وفصائل أخرى مرتبطة بالنجف، أبرزها "سرايا السلام" بزعامة مقتدى الصدر و"فرقة العباس" القتالية.
وفي السياق، قال المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة العميد يحيى رسول إن اللجان التي شكلت بأمر رئيس الوزراء للتحقيق في استهداف مقرات "الحشد" ما زالت مستمرة في عملها، مضيفا في تصريح صحافي، أن "هذه التحقيقات بعد أن تكتمل ستعرض نتائجها على القائد العام للقوات المسلحة (عادل عبد المهدي)، وهو له الحرية الكاملة بالإعلان عن هذه النتائج، حسب ما تقرره القيادة العسكرية والقائد العام للقوات المسلحة".
وقالت مصادر حكومية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس الوزراء بانتظار اكتمال التحقيقات ليعلن موقفه النهائي تجاه الجهات المتورطة بعمليات القصف، موضحة أن عبد المهدي رفض الانصياع للضغوط التي مورست عليه من قبل قادة بـ"الحشد" من أجل دفعه لاتخاذ قرارات متسرعة.
ويلمح برلمانيون وسياسيون وقادة بـ"الحشد الشعبي" إلى احتمال وقوف الكيان الصهيوني وراء قصف مقرات الفصائل المسلحة مطالبين بالاعتماد على روسيا وإيران في تعزيز منظومة الدفاع الجوي العراقية.
وقال رئيس كتلة مليشيا "بدر" في البرلمان، حسن شاكر الكعبي، إن أميركا تقصدت جعل العراق فقيرا من ناحية التسليح، مبينا أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين بغداد وواشنطن أصبحت بلا فائدة.
ودعا الحكومة العراقية إلى "التوجه نحو روسيا وإيران والكوريتين وأي دولة أخرى يمكن أن تساهم في تطوير منظومة الدفاع الجوي العراقية".