انقلبت المعادلة المفروضة من طرف الاحتلال الإسرائيلي، أن يسلم إخطاراً بالإخلاء في حق الفلسطينيين، لأن يتوصل هو بهذا الإخطار، إذ اضطرت بلدية "الياسرية" غرب مدينة "الخليل"، لتسليم إخطار لجنود الاحتلال، يقضي بإخلائهم من إحدى المناطق الحيوية المغلقة في داخل حدود البلدية.
وبررت البلدية خطوتها الأولى في تاريخ مواجهة الفلسطينيين لجنود الاحتلال، أن هؤلاء يتسببون في تعطيل خدمات طواقم البلدية، وحرمان الآلاف من المواطنين هناك من الماء والكهرباء.
واعتاد الفلسطينيون على أن تُسلم سلطات الاحتلال أصحاب الأراضي والمساكن وأهالي القرى التي تحتلها، إخطارات بالهدم والإخلاء، لكن كثرة الضغط في هذه الحالة، أفرزت خطوة غير مسبوقة.
وتأتي رداً على الحصار المستمر الذي تفرضه قوات الاحتلال على القرى والبلدات في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، في محاولة مستمرة منها، لعزل هذه المناطق عن بعضها بعضاً، وفرض سياسة العقاب الجماعي على الأهالي، بسبب تواصل رشق دوريات الجيش الإسرائيلي بالحجارة، ونقاط التفتيش العسكرية المرابطة حول محيط القرى المحتلة.
اقرأ أيضاً: إسرائيل قتلت 21 طفلاً فلسطينياً منذ بداية العام الجاري
بدوره، يقول رئيس بلدية الياسرية، عاطف العواودة، لـ"العربي الجديد"، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منذ بداية الهبّة الجماهيرية، فرضت حصاراً وإغلاقاً لمداخل القرى والبلدات، في الحدود الخارجية لبلدية "الياسرية". لكنها حسب المتحدث ذاته، أقدمت، في الأسبوع الماضي، على فرض إغلاق داخل الحدود، وبدأت بعمليات قطع أواصر القرى، وشرعت في فرض عمليات تضييق على الخدمات الأساسية للبلدية التي تقدمها للأهالي".
ويضيف "قبل يومين فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاقاً عند إحدى شبكات الكهرباء الرئيسية التي تديرها البلدية، ومنعت الطواقم التابعة لها من العمل على صيانة أحد المحولات، أو تغييره".
اقرأ أيضاً: "الشعبية" تدعو لإعادة تفعيل قرار "لاهاي" بعدم شرعية الاستيطان
وبحسب العواودة قرر أن يُخطر جنود الاحتلال بضرورة إخلاء المكان، أو السماح لطواقم البلدية بأداء عملها، لما يشكله تواجدهم هناك من تعطيل للحياة، وحرمان أكثر من 23 ألف فلسطيني من الخدمات الأساسية.
في المقابل، رفض ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤول عن الدورية العسكرية المعنية، تسلّم الإخطار، إذ أبلغ رئيس البلدية حرفياً "ما لم تتوقف عمليات إلقاء الحجارة في منطقة بيت عوا، سيتم الضغط على جميع السكان".
وأوضح العواودة أن "الضابط رفض تسلّم الإخطار وطالبه بتقديم شكوى ضده، ثم قام جنود الاحتلال بطردهم من المكان تحت تهديد السلاح".
لكن وبحسب رئيس البلدية، أيضاً، بعد ثلاث ساعات من الإخطار، جنود الاحتلال أخلوا المكان، لكنهم يواصلون إغلاق المناطق الجنوبية التابعة لبلدة "الياسرية"، منذ أكثر من عشرين يوماً، ويحرمون العشرات من التجمعات من المياه التي تضخ إليهم عبر صهاريج متنقلة بفعل الوضع.
إخطار البلدية هذا ـ ولو أنه سابقة هي الأولى من نوعها تصدر عن بلدة فلسطينية، لكن يبدو أنه لن يتوقف عند هذا الحد، بل ستقوم البلدية بتقديم شكوى ضد ضباط الاحتلال عند الارتباط الفلسطيني، ومتابعة القضية من الناحية القانونية عند الجهات الدولية، بعد رفض الضابط تسلّم الإخطار، وتأكيده قيامهم بعمليات عقاب جماعية في منطقة لم تجر فيها عمليات رشق للحجارة.