وأحبطت المحكمة العليا في بريطانيا، اليوم الإثنين، مسعى الفريق الأول الركن السابق العراقي، عبد الواحد شنان الرباط، لمقاضاة بلير، على خلفية الغزو الأميركي ــ البريطاني للعراق عام 2003.
واستندت الدعوى القضائية، التي رفعها الرباط على مبدأ أن "جريمة العدوان" معترف بها في القانون الإنكليزي، تحديداً في إنكلترا وويلز، غير أن المحكمة العليا قالت إنه "بينما يوجد المبدأ بالفعل بموجب القانون الدولي، إلا أنه لا يوجد في القانون المحلي في الوقت الراهن".
ورأى محامو الفريق الركن السابق أن "القاضي قام بسابقة خطيرة في فترات تشهد حالات من انعدام الأمن على مستوى العالم"، داعين البرلمان إلى "تفعيل قانون لجعل المحاسبة واضحة في المستقبل".
وقد طالب الرباط أيضاً بمحاكمة وزير الخارجية السابق، جاك سترو، والمدعي العام السابق، اللورد بيتر غولدسميث، مع العلم بأن محكمة ويستمنستر الابتدائية رفضت طلب الرباط العام الماضي، المقيم في العاصمة العمانية مسقط، ولا يحمل جواز سفر، ويعجز عن القدوم إلى بريطانيا.
ومن شأن هذه الخطوة تعزيز موقف بلير، الذي لم يتهمه تقرير "تشيلكوت" العام الماضي بارتكاب جرائم حرب، بسبب قرار الغزو، علماً بأن رئيس لجنة التحقيق في غزو العراق جون تشيلكوت، قال لشبكة "بي بي سي"، الأسبوع الماضي، إن "بلير لم يكن صريحاً مع الأمة، بشأن قراراته في الفترة السابقة على حرب العراق".
وأضاف في أول لقاء له منذ نشر تقريره قبل عام مع المحطة البريطانية، بأن "الأدلة التي قدمها بلير للجنة التحقيق كانت عاطفياً صادقة، لكنه اعتمد على معتقدات ولم يعتمد على حقائق"، لافتاً إلى أن "بلير كان واقعاً تحت ضغط عاطفي كبير خلال جلسات التحقيق وكان يعاني. وفي مثل تلك الحالة الذهنية، تقع فريسة غرائزك".
يذكر أنه قد تم منع إصدار حكم جنائي ضد بلير في العام الماضي، لتمتعه بالحصانة ضد التهم الجنائية في وقت إصدار الحكم، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وحجة المحكمة أن "المحاكمة من شأنها أن تكشف معلومات سرية محمية بموجب قانون الأسرار الرسمية".
وكان بلير قد مَثل يوم 29 يناير/ كانون الثاني 2010 أمام لجنة التحقيق البريطانية لتقديم الحيثيات التي استند إليها للمشاركة في الحرب، التي قادتها الولايات المتحدة وقتل فيها 179 جندياً بريطانيا.
وقد دافع بقوة عن القرار الذي اتخذه عام 2003 بإرسال أكثر من أربعين ألف جندي بريطاني للمشاركة في غزو العراق، زاعماً أن تقييم المخاطر التي كانت تفرضها "الدول المارقة" تغير بشكل جذري بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
ولطالما دافع بلير عن الاتهامات الموجهة إليه بالزعم أن الشرق الأوسط لم يكن ليصبح أكثر استقراراً لو تُرك صدام حسين في السلطة، وهو قادر على تطوير أسلحة دمار شامل. والحجة الثانية أن إيران وتنظيم "القاعدة" هما المسؤولان عن "حمام الدم" المتواصل في العراق منذ 2003.
وتضمن تقرير لجنة "تشيلكوت" انتقادات لكامل الفريق السياسي والعسكري الذي شارك بلير قرار الحرب، لا سيما وزير الخارجية آنذاك جاك سترو، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية "إم آي 6" السير ريتشارد ديرلوف، ورئيس لجنة الاستخبارات المشتركة، السير جون سكارليت، ووزير الدفاع، جيف هون، ووزيرة التنمية الدولية، كلير شورت. وكان سترو قد قال إن "العواقب التي نجمت عن قرار التدخل العسكري ضد العراق ستعيش معي لبقية حياتي".
وتضمّنت أبرز خلاصات تقرير اللجنة التالي: "الغزو لم يكن الخيار الأخير. لم تكن هناك حاجة للحرب في عام 2003. المعلومات الاستخبارية قدمت على أنها يقين من دون تقديم ما يبررها. التخطيط لمرحلة ما بعد الغزو كان غير كافٍ على الإطلاق. الحرب كانت فاشلة. بريطانيا قوّضت سلطة مجلس الأمن الدولي. عملية اتخاذ القرار كانت قانونية وغير مرضية. كان على لجنة الاستخبارات المشتركة تحذير بلير من قبول محدودية المعلومات الاستخبارية حول أسلحة الدمار الشامل العراقية. بلير تجاهل التهديد الذي قد يشكله الغزو على المملكة المتحدة. كان على بلير توقع مشاكل ما بعد الغزو. بلير بالغ في قدرته على التأثير في الولايات المتحدة".
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)