وفور وصوله، علق ولايتي في تصريحات صحافية، على وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التوقيت ذاته في روسيا، قائلا إن ذلك لن يؤثر على مهمته التي وصفها بـ"الاستراتيجية".
ونقلت وكالات إيرانية عن ولايتي قوله أيضا إنه "يجب عدم إيلاء الاهتمام بشخص كنتنياهو"، معتبرا أنه "كثير السفر ويدلي دائما بتصريحات بلا أساس وتفتقد للمنطق، ما يعني أن وجوده في موسكو من عدمه لا يغير شيئا"، حسب وصفه.
فحوى الرسالتين
وكانت الخارجية الإيرانية قد أكدت أن مضمون الرسالتين يؤشر لأهمية واستراتيجية العلاقات الإيرانية الروسية. وذكر عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي، اليوم، أن العنوان الرئيس الذي تحمله الرسالتان يتعلق بانتهاك الولايات المتحدة الأميركية للاتفاق النووي وانسحابها منه وإعادة فرض العقوبات على طهران.
ونقلت وكالة "تسنيم" عن بروجردي قوله إن زيارة ولايتي لموسكو "هامة للغاية، وتأتي في توقيت جيد"، مضيفًا أن إيران "جدية في مسألة استمرار تعاونها مع العالم على أساس المصالح المتبادلة، ورغم شكوكها ومخاوفها من الدول الأوروبية، إلا أنها ستقبل استمرار التعاون معها إذا ما أمنت مصالح طهران وضمنت حصولها عليها والوقوف بوجه المطالب الأميركية المتزايدة".
إلا أن بروجردي أكد أن الأمر مختلف مع الصين وروسيا، "فالتعاون معهما سيبقى مستمرا، كون كل واحدة منهما تمثل قوة سياسية وعسكرية كبرى، كما أنهما عضوان في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يعني أن توجه السياسة الخارجية الإيرانية نحو الشرق في الوقت الراهن أمر منطقي".
وأكد المصدر نفسه أن ولايتي سيزور الصين بعد روسيا، مبيناً أن طهران مهتمة باستمرار العلاقات معهما، لافتاً إلى أن الزيارة ستسفر عن نتائج اقتصادية وسياسية إيجابية.
وذكر أيضا أنه "يجب أن تكون العلاقات بين طهران وموسكو جيدة، ولا سيما أن بين الطرفين تعاونا كبيرا في العراق وسورية، فقد شكّل الطرفان غرفة عمليات في المكانين واستطاعا الوصول لنتيجة شاهدها العالم برمته ألا وهي القضاء على داعش".
أما في ما يتعلق بمسألة دعوات البعض في الداخل الإيراني لعدم الثقة بروسيا، إذ إن عددا من المسؤولين والنواب أبدوا قلقهم من سياسة إيران الخارجية إزاء موسكو أخيرا، رأى بروجردي أن "ذلك تفكير أميركي منحرف، فالمبادئ التي تقوم عليها العلاقات الدولية تستند للمصالح المشتركة ويجب استغلال الفرص".
وتابع بالقول إن التعاون الإيراني الروسي "أسفر عن نتائج مثمرة، من قبيل ما حصل في سورية، واستكمال بناء مفاعل بوشهر الذي كان من المفترض أن تنهيه ألمانيا لكنها تخلت عن المشروع بعد انتصار الثورة الإسلامية، فتسلمته موسكو".
تأكيد على استراتيجية العلاقات
أما في طهران، فالتقى المساعد الأول لرئيس مجلس الشورى الإسلامي حسين أمير عبد اللهيان بسفير روسيا لدى إيران لوان جاغاريان، وقال له إن "السياسات الأميركية الرامية لمنع تصدير النفط الإيراني باءت بالفشل، مؤكدا له أنه على روسيا أن توصي بالتزام السعودية باتفاق أوبك".
واعتبر عبد اللهيان أن العلاقات الإيرانية الروسية "استراتيجية"، وأن اللقاءات بين الطرفين تجري على أرفع المستويات، مشيرا كذلك إلى وجود ضغوطات على طهران تأتيها من نواح مختلفة وتهدف لإبعاد الأنظار عن الفشل الأميركي في المنطقة، واصفا التعاون بين البلدين في سورية بالإيجابي.
من جهتها، نشرت وكالة "تسنيم" الإيرانية المحسوبة على التيار المحافظ، تقريرا مفصلا وموسعا، اليوم، يعتبر أن تقوية العلاقات الاستراتيجية مع روسيا يحقق المصالح القومية، وأن زيارة ولايتي الحالية إلى موسكو ستفتح فصلا جديدا ومختلفا في هذه العلاقات، وهو ما سيؤثر على مواجهتهما للولايات المتحدة الأميركية.
ورأت "تسنيم" أن روسيا والصين طرفان في الاتفاق النووي ولم يبحثا مع إيران مواضيع غير نووية على عكس الباقين الذين تطرقوا لعناوين ثانية، كما أكدت موسكو وبكين على ضرورة استمرار التعاون الاقتصادي والتجاري مع طهران رغم الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
تحفظات على العلاقات
يأتي كل هذا في الوقت الذي تستعد فيه طهران لدخول العقوبات الأميركية العائدة إليها حيز التنفيذ العملي في شهري أغسطس/ آب ونوفمبر/ تشرين الثاني القادمين، وكان الرئيس حسن روحاني قد بعث برسائل لنظرائه في عدة دول أكد فيها موقف بلاده مما فعلته أميركا، وأن طهران ما زالت ملتزمة بالاتفاق النووي.
ورغم أن روسيا اتخذت موقفًا واضحًا دعمت فيه استمرار الاتفاق وانتقدت الخطوة الأميركية، إلا أن موقفها خلال اجتماع أوبك الأخير وموافقتها للرغبة السعودية الرامية لرفع إنتاج النفط في وقت تحاول فيه واشنطن تصفير عداد الصادرات النفطية الإيرانية، أثار امتعاض البعض في إيران.
فضلا عن ذلك، أبدى مسؤولون إيرانيون تحفظهم وتخوفهم من التواصل الروسي الإسرائيلي الرامي لإخراج إيران من سورية، وخاصة من مناطق الجنوب، حتى أن عبد اللهيان نفسه قال أخيرًا إنه لا يحق لأي طرف التدخل في مسألة حضور المستشارين الإيرانيين في هذا البلد، وإن هذا ملف يخص طهران ودمشق، على حد تعبيره.
وفي وقت سابق، انتقد مسؤولون إيرانيون موقفا لولايتي نفسه، إذ ذكر أنه على إيران أن توجه نظرتها للشرق لا للغرب، قاصدا بذلك روسيا والصين، ودافع عن موسكو التي رأى أنها رفضت مشروعا أممياً بريطانياً يهدف لإدانة إيران في اليمن.
بل واعتبر ولايتي أن بوتين استطاع الفصل بين الملف النووي من جهة، والملفين الصاروخي والإقليمي اللذين تستخدمهما أطراف غربية، مثل فرنسا، للضغط على طهران، كما أكد أن روسيا لا تريد فرض إملاءاتها على بلاده، وأن تعاون الطرفين معا ضروري للغاية، وخاصة في المسائل العسكرية الدفاعية.
وردّ على ذلك في حينه مستشار الرئيس الإيراني حميد أبو طالبي، فقال إن "سياسة لا شرقية ولا غربية استراتيجية ثمينة تؤكد على مفهوم السياسة الخارجية المستقلة، والسعي لتغيير ذلك والدعوة للاستدارة نحو الشرق تخالف شعارات الثورة الإسلامية ورؤية الإمام الخميني، وتتسبب بانقسام المجتمع لمدافعين ومعترضين على التوجه نحو الشرق أو الغرب".