يضيق الاحتلال الإسرائيلي الخناق على أهالي مخيم الفوار للاجئين الفلسطينيين جنوبي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، ويغلق بوتيرة شبه يومية بوابة الحديد المنصوبة عند المدخل الوحيد للمخيم، منغصاً حياة أهاليه، وطامعاً في فرض رحلة تهجير جديدة عليهم.
ويعيش في مخيم الفوار نحو 12 ألف نسمة، ما يعدّ اكتظاظاً سكانياً في مساحة لا تتجاوز الكيلومتر المربع. ويبحث الاحتلال الإسرائيلي من خلال سلسلة من الإجراءات والعقوبات على وضع حد للتزايد السكاني، ومحاولة أهالي المخيم التمدد والبناء في أراضي بلدات فلسطينية مجاورة مثل دورا ويطا والسموع. كما يخشى من أن يتوسع اللاجئون ضمن أراضٍ تحيط بالمخيم مصنفة (C) بالأساس وفق اتفاقية أوسلو الموقعة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وهي أراضٍ يمنع الفلسطينيون من البناء فيها.
ويقع مدخل مخيم الفوار على مقربة من الخط الاستيطاني المعروف بشارع رقم (60)، مثلث طرق يؤدي لعدد من مستوطنات الاحتلال المقامة على أراضي الفلسطينيين في مدينة الخليل. ويبحث الاحتلال عن مربع أمني لحماية المستوطنين في تلك المستوطنات التي يمر الشارع عبرها، ما يجعل المخيم الصغير المكتظ بسكانه نقطة استراتيجية يريد الاحتلال تفريغها للحصول على نقطة أمنية لمستوطنات سوسيا، وعتنئيل، وحجاي، وكريات أربع، وغيرها من البؤر الاستيطانية التي تتصل بعضها ببعض عبر مثلث الطرق.
ويقول الناشط في مخيم الفوار أمين البايض لـ"العربي الجديد": "الاحتلال الإسرائيلي يضيق الخناق على أهالي المخيم بغرض تصعيب حياتهم وتفريغه من سكانه، والحد أيضاً من التزايد السكاني والتوسع العمراني، وعند مدخل المخيم ثمة نقطة عسكرية دائمة للاحتلال، وبوابة حديد تغلق بشكل شبه يومي، وجنود ينكّلون بالأهالي وضيوفه".
ويوضح البايض أن "تلك البوابة تؤخر وصول الموظفين إلى عملهم، وطلبة الجامعات لدوامهم الدراسي، إضافة إلى تصعيب وصول الحالات المرضية والإنسانية إلى مستشفيات مدينة الخليل لتلقي العلاج، كما تعرقل حركة مرور البضائع التجارية للمخيم"، واصفاً أن ما يحصل "عقاب جماعي ويتذرع الاحتلال بأن البوابة تردع عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة التي تتعرض لها مركبات المستوطنين المارة على الخط الاستيطاني".
لكن البايض يؤكد أن "جنود الاحتلال يغلقون البوابة، سواء كان هنالك عمليات رشق حجارة أم لا، والغرض من تلك الاجراءات بعيد عن حماية المستوطنين، فالاحتلال قلق من تزايد عمليات شراء أهالي المخيم لأراضٍ مجاورة مصنفة بتصنيف (C) للبناء فيها، وهذا التمدد قد يعيق مخططات الاحتلال بربط مستوطنات جنوب الضفة الغربية ببعضها بعضاً، وفي نهاية المطاف يخشى من تملك الأهالي وتوسيع رقعة المخيم وازدياد عدد سكانه، وهذا يؤثر من الناحية السياسية".
ويشير البايض إلى أن "مطامع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بموقع المخيم الاستراتيجي، يأتي في أساسها أيضاً قربه من ينابيع الفوار التي يحاول سرقتها، لكن عزل المخيم مهمة صعبة لأن الفلسطيني يرفض الرحيل عن أرضه، لكن بالنهاية تعقد تلك الإجراءات حياة الأهالي وتصعبها كثيرا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها".
وينجح جنود الاحتلال بتنغيص حياة أهالي المخيم، وعرقلة نشاطهم اليومي في أغلب الأحيان، لكنه لا ينجح بردع عمليات رشق الحجارة، أو تخلي الأهالي عن منازلهم لأنهم بالأساس لن يتجرعوا مرارة التهجير مرة أخرى، وفي المقابل تتواصل عمليات استهداف مخيم الفوار من خلال إجراءاته التعسفية.
وينصب جنود الاحتلال كاميرات مراقبة على المدخل الرئيس للمخيم، حيث يتواجدون على الدوام. وفي حال اندلاع المواجهات يستهدفون منازل المخيم بوابل كثيف من قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وعند منتصف الليل يتكرر المشهد مرة أخرى ويمطر الجنود المنازل بقنابل الغاز، ويقتحمونها ويخربون محتوياتها، كما يعتقلون الصغار.
يحاول الاحتلال أن يفرض حالة الفقر على الأهالي، بمنعه أكثر 70 في المائة من الرجال من الحصول على تصاريح للعمل داخل المستوطنات، بحجة تواصل عمليات رشق الحجارة واستهداف مركبات المستوطنين وتعريض حياتهم للخطر.