وأضاف بيسكوف للصحافيين أن بوتين التقى في المقر مع الأسد، واستمع الجانبان إلى "التقارير العسكرية حول الوضع في مناطق مختلفة من البلاد"، مضيفا أن بوتين أشار، خلال حديثه مع الأسد، إلى أنه "يمكن الآن القول بكامل الثقة إنه تم اجتياز مسافة كبيرة في طريق استعادة كيان الدولة السورية ووحدة الأراضي للبلد"، مضيفاً أن "بوتين كان قد أشار إلى أنه رأى مظاهر استعادة الحياة السلمية في شوارع دمشق".
بدوره، شكر الأسد، وفق بيسكوف، بوتين على الزيارة، وروسيا على "المساعدة في مكافحة الإرهاب واستعادة الحياة السلمية في سورية"، وفق زعمه.
وتعتبر هذه الزيارة الثانية لبوتين إلى سورية بعد زيارته أواخر 2017 في قاعدة حميميم العسكرية التابعة لروسيا في اللاذقية الساحلية، وتأتي في ظل مشهد سياسي ضبابي تشهده المنطقة، عقب اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في العراق، وتواصل الهجمات التي تشنها قوات النظام، بمساندة من الطيران الروسي، على محافظة إدلب شمالي غرب سورية.
ويرى مراقبون أن زيارة بوتين إلى دمشق لم تكن مدرجة على جدول أعماله من قبل، وقد أدرجت فيما يبدو على عجل، بعد اغتيال سليماني، وتصاعد الحديث عن إمكانية نشوب حرب إقليمية، وذلك في محاولة لتجنيب سورية تداعيات مثل هذه المواجهات، عبر الطلب من النظام الابتعاد عن المحور الإيراني في هذه الفترة، لأن انخراطه في حروب إيران المحتملة مع الولايات المتحدة من شأنه الإطاحة بكل الجهود الروسية التي بذلت على مدار السنوات الماضية، من أجل تمكين النظام من استعادة قسم كبير من الأراضي من يد المعارضة، فضلا عن جهود روسيا لإعادة تعويم النظام السوري على الساحة الدولية.
وسبق أن ذكرت مصادر إعلامية أن القوات الروسية بصدد السيطرة على كامل الحدود السورية مع لبنان، في أقرب وقت ممكن، عبر نشر قوات من الشرطة العسكرية الروسية، وذلك بهدف السيطرة على كامل المنافذ الحدودية الرسمية وغير الرسمية بين البلدين، وخاصة في منطقتي القصير والقلمون، في ضوء مزاعم إسرائيلية بأن هذه الحدود يمر منها السلاح الإيراني إلى "حزب الله" اللبناني.
كما أن زيارة بوتين تعد فرصة للتوافق مع الأسد، وربما مجرد إبلاغه، بالخطط الروسية المتعلقة بالوضع في إدلب، حيث من المقرر أن يتوجه بوتين من دمشق إلى العاصمة التركية أنقرة من أجل لقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لافتتاح مشروع الغاز الروسي- التركي، ومناقشة ملفات سياسية مشتركة، وفي مقدمتها الوضع في إدلب.
وأعلن أردوغان أنه سيناقش مع بوتين وقف إطلاق النار في إدلب شمالي سورية، إلى جانب مواضيع في المنطقة، مضيفا، في مقابلة تلفزيونية ليل الأحد- الاثنين: "سأبحث مع بوتين موضوع إدلب. وآمل أن ننجح في وقف إطلاق النار"، مشيرا إلى أن بلاده ستستضيف قمة رباعية حول سورية في فبراير/ شباط المقبل في مدينة إسطنبول، تضم ألمانيا وبريطانيا وروسيا، إلى جانب تركيا.
وسبق أن وقعت تركيا وروسيا عددا من التفاهمات بشأن وقف إطلاق النار في إدلب، وكذلك إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والمعارضة، كما تحتفظ تركيا بـ12 نقطة مراقبة عسكرية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، بموجب تفاهمات أستانة، فيما تشتكي تركيا من "حركة نزوح ضخمة جديدة من إدلب تتضمن 250 ألف سوري باتجاه الحدود التركية جراء الاشتباكات"، وفق أردوغان، الذي أكد أن بلاده ليس بإمكانها استقبال لاجئين جدد من سورية.