كشفت مقتطفات من كتاب مرتقب لمستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، نشرتها وسائل إعلام أميركية، أن الرئيس دونالد ترامب طلب المساعدة من الرئيس الصيني شي جين بينغ للفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات عام 2020.
وذكر بولتون في كتابه، أنّ ترامب، وخلال قمة مع شي، في يونيو/ حزيران من العام الماضي، حوَّلَ المحادثة بشكل مفاجئ إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، ملمّحًا إلى "قدرات الصين الاقتصادية للتأثير في الحملات الجارية"، وملتمسًا من شي أن يضمن أنه سيفوز.
وفي المقتطفات التي نشرتها صحف "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال"، كتب بولتون أنّ ترامب شدد على أهمية المزارعين الأميركيين، وكيف أنّ "زيادة الصين مشترياتها من فول الصويا والقمح" يمكن أن تؤثر في النتيجة الانتخابية في الولايات المتحدة.
وقال بولتون "كنت أودّ أن أطبع كلمات ترامب نفسها، لكنّ عملية المراجعة الحكومية المسبقة للنشر قرّرت عكس ذلك"، في إشارة إلى إخضاع مسوّدة كتابه للتدقيق من قبل وكالات أميركية قبل أشهر.
واعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، في وصفه لحلقات عدّة من سلوكيات ترامب، أنّ "إعاقة العدالة بدت كأنّها أسلوب حياة لم نتمكّن من تقبّله"، وفق المقتطفات.
وقال بولتون أيضاً إنّ الرئيس الأميركي عبّر عن استعداده لوقف تحقيقات جنائية وإسداء "معروف شخصي لطغاة يحبهم".
وبحسب بولتون فإنه في نوفمبر 2018، تعرض ترامب لانتقادات بسبب دفاعه في بيان عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إثر جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول. لكن وفقًا لكتاب بولتون، كان الهدف الرئيسي من هذا الدفاع والجدل حوله هو إبعاد الأنظار عن قصة استخدام نجلة ترامب إيفانكا بريدها الإلكتروني الشخصي للأعمال الحكومية. وقال ترامب، وفقًا لكتاب بولتون، "سيحول ذلك الانتباه عن إيفانكا".
ولم يُجب البيت الأبيض على الفور على طلب بالتعليق على المقتطفات التي نشرت.
وعلى الرغم من انتقادات ترامب العلنية للصحافيين، نسب كتاب بولتون للرئيس الأميركي تصريحات من أكثر أحاديثه مدعاة للتوقف. فخلال اجتماع انعقد في نيوجيرزي في صيف 2019، قال ترامب، حسب رواية بولتون، إنّ الصحافيين يجب إيداعهم السجون حتى يكشفوا عن مصادرهم: "هؤلاء يجب إعدامهم. إنهم حثالة"، حسبما ورد في مقتطفات أخرى.
وأمضى بولتون، السياسيّ المحافظ المثير للجدل، 17 شهراً مستشاراً للأمن القوميّ في البيت الأبيض، قبل استقالته في سبتمبر/ أيلول الماضي. وهو رفض الإدلاء بشهادته خلال محاكمة ترامب في مجلس الشيوخ بهدف عزله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قائلاً إنه لن يفعل ذلك إلا إذا أجبره على ذلك قاض.
وبعد الاستقالة تحوّلت العلاقة بين ترامب وبولتون إلى عداوة علنية، ويتوقّع مراقبون أن يتضمّن كتاب بولتون معلومات حساسة حول أسلوب إدارة الرئيس الأميركي للبلاد.
وتصور المقتطفات رئيساً يسخر منه كبار مستشاريه ويعرّض نفسه لاتهامات بعدم الأهلية أشد بكثير من تلك التي دفعت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون للسعي لمساءلته وعزله العام الماضي. ولم يقُل بولتون صراحةً إنْ كانت أفعال ترامب التي كشف عنها تستوجب توجيه اتّهام إلى الرئيس، لكنّه ذكر أنّه أبلغ وزير العدل وليام بار بها، وأنّه كان ينبغي على مجلس النوّاب إجراء تحقيق.
وقال أيضاً إنّ الديمقراطيّين ارتكبوا "سوء تصرّف" بحصر الاتّهام بشكلٍ ضيّق بأوكرانيا، في وقتٍ كانت تجاوزات ترامب الشبيهة بما فعله مع كييف موجودةً على نطاق سياسته الخارجية بالكامل. وكتب بولتون "لو لم يُركّز مجلس النواب على الجوانب الأوكرانيّة وحسب في تضارب المصالح الشخصيّة لترامب (...) لكانت هناك فرصة أكبر لإقناع الآخرين بأنّ "جرائم كبرى وجنحاً" قد تمّ ارتكابها.
وأعلنت دار نشر "سايمن أند شوستر" الأميركية، الجمعة، أن مستشار الأمن القومي السابق قرر تحدي البيت الأبيض ونشر كتاب مذكرات، يكشف فيه ما يعتبره تجاوزات ارتكبها ترامب تتعدى قضية أوكرانيا وقد تعرضه أيضاً للمساءلة.
وكان ترامب قد حذر بولتون سابقاً من نشر مذكراته فيما هو لا يزال رئيساً في البيت الأبيض، وحاول محاموه ثني بولتون عن ذلك بزعم أن أجزاء كبيرة من مادة الكتاب مصنفة سرية للغاية. لكن الناشر "سايمون وشوستر" قال إنه سيمضي قدماً بنشر المذكرات.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد رفعت، الثلاثاء، دعوى قضائية لمنع بولتون من نشر الكتاب الذي يُتوقّع أن يرسم فيه صورة قاتمة جداً عن ترامب وطريقة حكمه.
والدعوى التي رُفعت أمام محكمة فيدرالية في واشنطن، تطلب منع نشر الكتاب بدعوى أنّ بولتون لم يحز على موافقة على النصّ بأكمله، مما يجعل مؤلَّفه "في انتهاك واضح للاتفاقات التي وقّع عليها كشرط لتوظيفه ولاطّلاعه على معلومات سرية للغاية".
ومن المقرّر أن ينشر كتاب بولتون وعنوانه "ذا رووم وير إت هابند: وايت هاوس ميموار" (المكان الذي حدث فيه ذلك: مذكرات البيت الأبيض) في الـ23 من الشهر الجاري.
وتروّج دار نشر "سايمن أند شوستر" للكتاب بعبارة "هذا هو الكتاب الذي لا يريدك دونالد ترامب أن تقرأه".
ويوثّق بولتون في كتابه ما يعتبره مخالفات تستدعي الإقالة ارتكبها ترامب، وتتعدى الضغوط التي مارسها على أوكرانيا للتحقيق بشأن منافسه الديمقراطي جو بايدن، وأدّت إلى اتهامه من قبل الديمقراطيين ومحاكمته في الكونغرس.
وتعتبر إدارة ترامب أنّ بولتون خرق القواعد الأساسية للسريّة برفضه انتظار موافقة مجلس الأمن القومي على النص. ووفقاً لملف الدعوى، فإنّ مجلس الأمن القومي وجد "كمّاً كبيراً من المعلومات المصنّفة سريّة طلب من المدّعى عليه حذفها"، لكنّ الأخير "استاء على ما يبدو من وتيرة مراجعة مجلس الأمن القومي" للنصّ.
كما ورد في الملف أنّ المدّعى عليه: "من دون أن يعطي أي إشعار لمجلس الأمن، كشفت تقارير صحافية أنه يعتزم ودار النشر إصدار الكتاب في 23 يونيو/ حزيران، من دون إنجاز عملية المراجعة التي تسبق النشر".
وتابع الملف أنه "ببساطة، المدّعى عليه أبرم اتفاقاً مع الولايات المتحدة كشرط لتوليه أحد أكثر المناصب حساسية وأهمية في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الأميركية، ويريد الآن التملّص من هذا الاتفاق".
(العربي الجديد، فرانس برس)