وندّد مجلس الأمن، في البيان الذي اعتمده أمس الخميس، بالتدهور الكبير والمستمر للوضع الإنساني في اليمن، حيث هناك "22.2 مليون شخص بحاجة لمساعدة"، أي "أكثر بـ 3.4 ملايين مقارنة مع السنة الماضية".
وجاء في البيان الرئاسي "أن مجلس الأمن يعبّر عن قلقه الشديد إزاء الأثر الإنساني المدمر للنزاع على المدنيين".
كما ندد مجلس الأمن الدولي "بمستوى العنف في اليمن بما يشمل الهجمات بدون تمييز في مناطق مأهولة بكثافة والأثر الذي يخلفه ذلك على المدنيين، وهو ما تسبب بسقوط ضحايا مدنيين وإلحاق أضرار بمواقع مدنية". وأوضح البيان أنّ "مجلس الأمن يدعو كل الأطراف إلى احترام وحماية المدارس والمؤسسات الطبية والموظفين".
كما ترافق هذا التطور مع تأكيد دبلوماسيين ومسؤولين يمنيين لوكالة "رويترز" أن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، كان على اتصال مباشر مع مسؤولين سعوديين في سلطنة عمان بشأن حل شامل للصراع. وقال دبلوماسي للوكالة "هناك مشاورات بين الحوثيين والسعوديين دون ممثل للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. من الواضح أن هناك رغبة من الحوثيين والتحالف في التوصل لاتفاق شامل". وأضافت المصادر أن الاتفاق سيبدأ بهدنة لوقف القتال على مستوى البلاد، وسيتم التوقيع لاحقاً على اتفاق سلام يتناول المصالح السياسية للأطراف المتحاربة.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية كشفت لـ"العربي الجديد" عن تصوّر أعدّته دوائر مصرية سيادية لإخراج المملكة العربية السعودية من المأزق اليمني. وقالت المصادر إن التصوّر الذي أعده النظام المصري، "يتضمّن اعترافاً بنفوذ الحوثيين في عدد من المناطق، واعتماد نظام قائم على المشاركة معهم"، لافتةً إلى أنّ "هذا التصوّر جاء بعد عقْد الجانب المصري، عبر جهاز الاستخبارات العامة، لقاءات عدة مع قيادات حوثية زارت القاهرة بشكل غير معلن".
وأوضحت المصادر أن هذا التصوّر "حظي بموافقة حوثية مبدئية، إذ أكّد ممثلوهم، خلال اللقاءات التي عُقدت في القاهرة، استعدادهم للتعاطي معه بشكل إيجابي وجاد، حال أعلنت السعودية موقفاً واضحاً منه"، مشيرةً إلى أنه طُرح على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، التي استغرقت 3 أيام، قبل توجهه إلى بريطانيا.
وكشفت المصادر عن أن بن سلمان أبدى تجاوباً مع المقترح المصري، إذ أكّد خلال اجتماعاته في القاهرة، "استعداد السعودية، خلال الفترة المقبلة، لتبنّي وجهات نظر جديدة، ربما يكون بعضها مناقضاً لمواقف سابقة للمملكة"، مشيراً إلى أن "كثيراً من السياسات والمواقف التي اتخذتها الرياض، في وقت سابق، أدّت إلى توسُّع النفوذ الإيراني في المنطقة، وليس العكس، وهو ما يستوجب إعادة النظر في كثير من السياسات والمواقف السعودية".
على الرغم من التسريبات بشأن المفاوضات، أكدت مصادر متطابقة قريبة من قيادات في قوات الشرعية لـ"العربي الجديد"، أن "استعدادات تجري على أكثر من محور، لموجة جديدة من العمليات العسكرية، بما في ذلك محافظات الجوف وصعدة وحجة"، التابعة عسكرياً للمنطقتين العسكريتين الخامسة والسادسة، بالإضافة إلى جبهة نِهم، الواقعة شرق العاصمة صنعاء.
ووفقاً للمصادر، "تهدف قوات الشرعية إلى تحقيق مزيد من التقدّم في محافظة الجوف المحاذية لمحافظتي صعدة وعمران"، حيث تسلّم القيادة العسكرية فيها رسمياً أخيراً، اللواء هاشم الأحمر، بعد تعيينه قائداً للمنطقة العسكرية السادسة. وتسعى الشرعية إلى تقدّم من شأنه أن ينقل المعركة إلى محافظة عمران، شمال صنعاء، فمن شأن أي تقدّم فيها أن يمثّل تحولاً ميدانياً محورياً، باعتباره يهدد طريق الحوثيين بين العاصمة صنعاء ومعقل الجماعة في محافظة صعدة.
وبالتزامن، واصل "التحالف" غاراته الجوية المكثفة في محافظتي صعدة وحجة، مع التركيز على المناطق القريبة من الحدود السعودية، والتي تشهد هي الأخرى، مواجهات وهجمات للحوثيين باتجاه الجانب السعودي بوتيرة يومية، فيما تسعى القوات اليمنية الحكومية المدعومة من التحالف للتقدّم في المرحلة المقبلة، في الجزء الشمالي الغربي على الأقل، وتحديداً في منطقتي "ميدي" و"حرض" بمحافظة حجة.
وكانت وتيرة التصعيد العسكري قد عادت نسبياً منذ أسابيع على صعيد الغارات الجوية، التي أكّد سكان في صنعاء لـ"العربي الجديد"، أن وتيرة ضرباتها استؤنفت منذ نحو أسبوعين، وركزت على مواقع شمال العاصمة، بالإضافة إلى الغارات شبه اليومية في المحافظات الحدودية ومختلف مناطق سيطرة الحوثيين، الذين يقابلون استعدادات الشرعية بتحركات وحملات تجنيد وتعبئة مستمرة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وأبرزها صنعاء.
في غضون ذلك، لا يزال الغموض يسيطر في ما يتعلّق بالساحل الغربي، ومحافظة الحديدة على وجه التحديد، فعلى الرغم من التحركات المستمرة للشرعية والقوات المدعومة إماراتياً في الجزء الجنوبي من الساحل الغربي، إلّا أنّ الموقف الدولي يبدو صارماً في ما يتعلّق بالتمسّك بأهمية إبقاء ميناء الحديدة مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية والواردات التجارية، وهو ما يقتضي وقف التصعيد العسكري باتجاه بالمدينة.
الجدير بالذكر أنّ التصعيد العسكري يتزامن مع اقتراب إكمال عمليات التحالف ثلاث سنوات على انطلاقها في الـ26 من مارس/ آذار 2015، وهي المناسبة التي بدأ الحوثيون تحضيرات لإحيائها، باعتبارها ذكرى ما يصفونه بـ"العدوان"، وبمناسبة مرور ثلاث سنوات من "الصمود" في وجه عمليات التحالف.
ويعد التصعيد مؤشراً على أن الحرب قد تستمر لمرحلة مقبلة، على غير ما كان متوقعاً بأن تكون دافعاً للعودة إلى الحلّ السياسي، الذي تشدد أغلب الأطراف الدولية على اعتباره خياراً وحيداً.