وقال أبو عصام، رجل في الخمسين من العمر، لـ"العربي الجديد"، "هذه هدنة رعب أكثر من أيام القصف، فالشخص يخرج من منزله يحاول الحصول على ما يسد به رمقه، والقليل مما يقبل الاشتعال للطبخ والتدفئة، والمشكلة أن السوق القريب منا قد دمر، ما يضطرنا إلى الانتقال إلى منطقة أخرى للبحث عن دكان أو بسطة فيها ما يؤكل، في ظل خوف يسكن الواحد من خرق للهدنة بقذيفة مدفعية أو غارة جوية".
ولفت إلى أن هذه "الخروقات تجعل الشخص يفكر ألف مرة قبل الخروج، كما أن الهدنة بلا إدخال مواد غذائية ومساعدات لا تعني شيئا، صحيح أننا خرجنا من المنزل لكننا لم نجد ما نأكله".
من جهتها، قالت أم محمد، ربة أسرة مكونة من خمسة أطفال، لـ"العربي الجديد"، "أول يوم من الهدنة أخذت الأبناء من القبو إلى منزلنا، اغتسلوا وغيروا ملابسهم، لكن فيما نحن هناك سقطت قذيفة بالقرب منا، لا أستطيع أن أصف الرعب الذي عشته في تلك اللحظة، وبعدها عدت إلى القبو، لا أخرج سوى لقضاء حاجة ضرورية"، لافتة إلى أنها "لا تثق بالهدنة، ولا تشعر بأنها غيرت واقع الحياة في الغوطة، فخمس ساعات مقابل 19 ساعة قصف".
وأضافت "أشعر بضغط إضافي خلال الهدنة، أطفالي يريدون الخروج للعب في الشارع وعلى أنقاض المنازل المدمرة، وهذا يجعلني في قلق دائم".
أما سامي وأصدقاؤه، فقد وجدوها فرصة للاجتماع مجددا، بعد مرور أكثر من أسبوع على انقطاع أخبارهم عن بعضهم البعض، اليوم التقوا وصنعوا كرة قدم من بعض أكياس النايلون وقطع القماش، ليلعبوا بها، مع أنهم يفتقدون صديقهم عامر الذي قتل قبل أيام في إحدى الغارات، بحسب ما قاله سامي لـ"العربي الجديد".
ويعرب ناشطون عن مخاوفهم من استغلال النظام وحلفائه للهدنة لتحديد مناطق تجمعات المدنيين، جراء خروج الأطفال للعب في الشارع، ومحاولة الناس تأمين احتياجاتهم، فقد تتحول تلك المناطق لأهداف الطائرات والقصف، خاصة أن طيران الاستطلاع لا يغادر سماء الغوطة.