17 نوفمبر 2024
بين يدي رئيس الوزراء اليمني الجديد
جاء التغيير الوزاري الذي أجراه الرئيس عبد ربه منصور هادي، قبل أيام، بإقالة رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، وإحالته للتحقيق، سابقه سياسية خطيرة، معبرة عن أزمة سياسية كبيرة غير معلنة في أروقة الشرعية "المهاجرة". لكن القرار أيضاً في شقه الثاني، وهو تعيين معين عبد الملك سعيد بديلا عنه، ليكون أول رئيس وزراء لليمن منتمٍ لثورة فبراير، ومن خارج أطر المحاصصات الحزبية، وخارج نطاق التقاسمات السياسية في المشهد السياسي اليمني المعتاد عليها، يعد مؤشرا إيجابيا.
قد تساعد رئيس الحكومة المعين، معين عبد الملك، خلفيته السياسية المستقلة، وخلفيته الأكايمية تكنوقراطيا، كثيرا في التخفف من إرث الصراعات السياسية وتجاذباتها، لكنه في الوقت نفسه، بقدر إيجابية استقلاله السياسي وتكنوقراطيته بقدر ما يمثل ذلك أيضاً عقبة أمامه في مشهد مليء بالمماحكات السياسية وألاعيبها وتعقيداتها في مرحلةٍ تاريخيةٍ، ربما تكون الأسوأ في تاريخ اليمن السياسي الراهن. فمعين ذو الأربعة عقود شاب وحديث عهد بالسياسة اليمنية وتقلباتها، وهو القادم من أروقة الأكاديميا إلى سوق السياسة ذي الرمال المتحرّكة، والتحالفات المتقلبة، وفي ظرفٍ بالغ الخطورة والحساسية، تشهده اليمن والمنطقة كلها، ما يعني أنه قد يكون الرجل المناسب في الزمان الخطأ.
ومع هذا، أمام الرجل فرصة تاريخية للنجاح، وكذلك عقبات كبرى ستعمل على إفشاله،
وإحراق مستقبله السياسي في حال سمح لها بإعاقته وإيقاف برنامجه الإداري لإصلاح الخلل الكبير في أداء الشرعية وإنقاذها من أزماتها المتلاحقة قبل تلاشيها واندثارها.
وفي هذه العجالة، توضع بين يدي رئيس الوزراء اليمني الجديد، الدكتور معين عبد الملك، جملة من القضايا ذات الأولوية القصوى، فيما يتعلق بوضع الشرعية الراهن، ومن أين يمكن البدء بمصفوفة العمل ومواجهة التحدّيات والعراقيل الماثلة أمامه.
أولى هذه التحديات: إعادة تشكيل الحكومة، بحيث تضم نخبةً من الكفاءات المشهود لها بالنزاهة، وتقليص عدد حقائبها إلى ثمان أو عشر حقائب وزارية سيادية وخدمية، بحيث يكون الدكتور معين رئيس حكومة أزمة، أو حكومة حرب مصغرة لإدارة المعركة، والحكومة، في أهم قطاعاتها، كالأمن والصحة والدفاع والتعليم والاقتصاد والخارجية والاتصالات والنقل، ودمج كل الوزارات المتقاربة، العمل في وزارة واحدة، كالإعلام والثقافة والسياحة، والتعليم بالتعليم العالي والمهني، والأوقاف والعدل، والصناعة والتجارة والتعاون الدولي وغيرها.
ثانيا: عودة الحكومة أولا إلى الداخل، أي إلى العاصمة عدن، وعدم السماح ببقاء أي مسؤول خارج الوطن، وتوفير كل الظروف الأمنية لعودة الجميع، بالإسراع بدمج كل الفصائل المسلحة في إطار مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، وعدم السماح ببقاء المليشيات المسلحة خارج إطار أجهزة الدولة. عدا عن ذلك، تسلم الحكومة كل المرافق السيادية، كالمطارات والموانئ والمعابر البرية، وكذلك حقول النفط والغاز والبدء بتأهيل هذه المنشآت وتشغيلها، باعتبارها أهم الموارد الرافدة لخزينة الدولة.
ثالثا: إعادة صياغة العلاقة الاستراتيجية بين الحكومة اليمنية الشرعية ودول التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بحيث يكون هناك نوع من الندية والشراكة في هذه المعركة التي لا تستهدف اليمن فحسب، بل المنطقة كلها. وبالتالي يجب أن يكون هناك تعريف محدد وواضح لمهام كل طرف في هذا التحالف على حدة واختصاصاته، فتجربة أربع سنوات أثبتت فشل الصيغة السابقة لهذا التحالف الذي تعامل مع الشرعية تابعا له، وليس شريكا، فكان الفشل مصير كل الانتصارات الكبيرة التي تحققت.
رابعا: إعادة النظر في كل القرارات التي صدرت في كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها السلك الدبلوماسي الذي فشل فشلا ذريعا في هذه المرحلة، وعدم نجاحه في المعركة الدبلوماسية
الراهنة بالتعريف بالقضية اليمنية في عواصم القرار وكل المحافل الدولية الأخرى التي حققت فيها سلطة الأمر الواقع الانقلابية نجاحا أكبر من الشرعية.
خامسا: إعلان حالة تقشّف قصوى في كل مؤسسات الدولة ومرافقها ومرتبات مسؤوليها الخيالية، والتي يتم تسليمها بالعملة الصعبة التي يحتاج السوق اليمني في الداخل إليها بصورة ماسّة، فضلا عن إيقاف طباعة أي عملة جديدة من دون غطاء ائتماني واضح، يعزّزه الإسراع في تدوير عجلة الصادرات والواردات المتوقفة حاليا.
هذه خمس نقاط رئيسية إذا ما تم البدء بها سيكون من السهل جدا التعاطي مع أي تداعيات جانبية ترافق هذه التحديات، وكلنا أمل بقدرة رئيس الحكومة المعين، معين عبد الملك، في التعاطي الجيد معها، بحكم علاقاته الجيدة مع الجميع في الداخل والخارج. وهذه النقاط الخمس الرئيسية يكاد يجمع حولها مراقبون ومهتمون عديدون بالشأن اليمني، والتي بدون البدء بها لن يتحقق أي تحريك للأزمة التي تعيشها الشرعية، وتجعلها عاجزة أمام التحالف والمجتمع الدولي وأمام الانقلاب الذي سقط مبكرا، ولم يبق عليه سوى حالة العجز والفشل اللذين تدار بهما الشرعية نفسها، فهل سيتمكّن المهندس معين عبد الملك من تحدّيها، والبدء بها. هذا ما نتمناه، ونتركه للأشهر القليلة المقبلة، ليتم من خلالها تقييم مؤشّرات نحاج رئيس الوزراء الجديد أو فشله.
قد تساعد رئيس الحكومة المعين، معين عبد الملك، خلفيته السياسية المستقلة، وخلفيته الأكايمية تكنوقراطيا، كثيرا في التخفف من إرث الصراعات السياسية وتجاذباتها، لكنه في الوقت نفسه، بقدر إيجابية استقلاله السياسي وتكنوقراطيته بقدر ما يمثل ذلك أيضاً عقبة أمامه في مشهد مليء بالمماحكات السياسية وألاعيبها وتعقيداتها في مرحلةٍ تاريخيةٍ، ربما تكون الأسوأ في تاريخ اليمن السياسي الراهن. فمعين ذو الأربعة عقود شاب وحديث عهد بالسياسة اليمنية وتقلباتها، وهو القادم من أروقة الأكاديميا إلى سوق السياسة ذي الرمال المتحرّكة، والتحالفات المتقلبة، وفي ظرفٍ بالغ الخطورة والحساسية، تشهده اليمن والمنطقة كلها، ما يعني أنه قد يكون الرجل المناسب في الزمان الخطأ.
ومع هذا، أمام الرجل فرصة تاريخية للنجاح، وكذلك عقبات كبرى ستعمل على إفشاله،
وفي هذه العجالة، توضع بين يدي رئيس الوزراء اليمني الجديد، الدكتور معين عبد الملك، جملة من القضايا ذات الأولوية القصوى، فيما يتعلق بوضع الشرعية الراهن، ومن أين يمكن البدء بمصفوفة العمل ومواجهة التحدّيات والعراقيل الماثلة أمامه.
أولى هذه التحديات: إعادة تشكيل الحكومة، بحيث تضم نخبةً من الكفاءات المشهود لها بالنزاهة، وتقليص عدد حقائبها إلى ثمان أو عشر حقائب وزارية سيادية وخدمية، بحيث يكون الدكتور معين رئيس حكومة أزمة، أو حكومة حرب مصغرة لإدارة المعركة، والحكومة، في أهم قطاعاتها، كالأمن والصحة والدفاع والتعليم والاقتصاد والخارجية والاتصالات والنقل، ودمج كل الوزارات المتقاربة، العمل في وزارة واحدة، كالإعلام والثقافة والسياحة، والتعليم بالتعليم العالي والمهني، والأوقاف والعدل، والصناعة والتجارة والتعاون الدولي وغيرها.
ثانيا: عودة الحكومة أولا إلى الداخل، أي إلى العاصمة عدن، وعدم السماح ببقاء أي مسؤول خارج الوطن، وتوفير كل الظروف الأمنية لعودة الجميع، بالإسراع بدمج كل الفصائل المسلحة في إطار مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، وعدم السماح ببقاء المليشيات المسلحة خارج إطار أجهزة الدولة. عدا عن ذلك، تسلم الحكومة كل المرافق السيادية، كالمطارات والموانئ والمعابر البرية، وكذلك حقول النفط والغاز والبدء بتأهيل هذه المنشآت وتشغيلها، باعتبارها أهم الموارد الرافدة لخزينة الدولة.
ثالثا: إعادة صياغة العلاقة الاستراتيجية بين الحكومة اليمنية الشرعية ودول التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بحيث يكون هناك نوع من الندية والشراكة في هذه المعركة التي لا تستهدف اليمن فحسب، بل المنطقة كلها. وبالتالي يجب أن يكون هناك تعريف محدد وواضح لمهام كل طرف في هذا التحالف على حدة واختصاصاته، فتجربة أربع سنوات أثبتت فشل الصيغة السابقة لهذا التحالف الذي تعامل مع الشرعية تابعا له، وليس شريكا، فكان الفشل مصير كل الانتصارات الكبيرة التي تحققت.
رابعا: إعادة النظر في كل القرارات التي صدرت في كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها السلك الدبلوماسي الذي فشل فشلا ذريعا في هذه المرحلة، وعدم نجاحه في المعركة الدبلوماسية
خامسا: إعلان حالة تقشّف قصوى في كل مؤسسات الدولة ومرافقها ومرتبات مسؤوليها الخيالية، والتي يتم تسليمها بالعملة الصعبة التي يحتاج السوق اليمني في الداخل إليها بصورة ماسّة، فضلا عن إيقاف طباعة أي عملة جديدة من دون غطاء ائتماني واضح، يعزّزه الإسراع في تدوير عجلة الصادرات والواردات المتوقفة حاليا.
هذه خمس نقاط رئيسية إذا ما تم البدء بها سيكون من السهل جدا التعاطي مع أي تداعيات جانبية ترافق هذه التحديات، وكلنا أمل بقدرة رئيس الحكومة المعين، معين عبد الملك، في التعاطي الجيد معها، بحكم علاقاته الجيدة مع الجميع في الداخل والخارج. وهذه النقاط الخمس الرئيسية يكاد يجمع حولها مراقبون ومهتمون عديدون بالشأن اليمني، والتي بدون البدء بها لن يتحقق أي تحريك للأزمة التي تعيشها الشرعية، وتجعلها عاجزة أمام التحالف والمجتمع الدولي وأمام الانقلاب الذي سقط مبكرا، ولم يبق عليه سوى حالة العجز والفشل اللذين تدار بهما الشرعية نفسها، فهل سيتمكّن المهندس معين عبد الملك من تحدّيها، والبدء بها. هذا ما نتمناه، ونتركه للأشهر القليلة المقبلة، ليتم من خلالها تقييم مؤشّرات نحاج رئيس الوزراء الجديد أو فشله.