وعلى الرغم من أن قادة إسرائيل، وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش غادي أيزنكوط، أعلنوا رسمياً، في محاولة لتخفيف الأضرار التي تلحقها الجريمة بالاحتلال، أن "حادثة الخليل"؛ وفق تعبيرهم، لا تمثل أخلاقيات الجيش، وأن الحادثة استثنائية سيتم فحصها وتقديم الجندي للمحاكمة. إلا أن هذا الموقف، مع مسارعة أقطاب اليمين الأكثر تطرفاً، وفي مقدمتهم وزير التربية والتعليم زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينت، إلى الادعاء بأن الجندي القاتل لا يتحمل مسؤولية جنائية وأن تصرفه كان سليماً، لا يعكس حقيقة الموقف الشعبي في إسرائيل.
ضغوط اليمين المتطرف
كما سارعت جهات واسعة في إسرائيل، وفي مقدمتها منظمات يمينية متطرفة، منها منظمة "لا فاميليا" و"إم ترتسو"، إلى اتهام نتنياهو ووزير الأمن ورئيس الأركان، بأنهم يتركون الجندي ويتخلون عنه تحت ضغط جمعيات اليسار، داعين إلى منح الجندي القاتل وسام البطولة.
وفي هذا الصدد، بيّن استطلاع للرأي العام أجراه معهد "مينا تسيمح ويوئيل جيفع"، أنّ 57 في المائة من الإسرائيليين، يعارضون اعتقال الجندي القاتل وتقديمه للمحاكمة، فيما أعلنت بلدية بيت شيمش، القريبة من القدس، عزمها تنظيم مهرجان شعبي حاشد تأييدا للجندي.
ووفقاً للاستطلاع المذكور، فإنه مقابل 57 في المائة قالوا إنّه ليس هناك ما يدعو لاعتقال الجندي القاتل والشروع في تحقيق، أيد 32 بالمائة فقط فتح تحقيق في ملابسات الجريمة، الخاصة بقتل الشريف، من دون أي رفض لقتل القصراوي.
كما اعتبر 42 في المائة من المشاركين في الاستطلاع المذكور، أنّ سلوك الجندي القاتل كان مسؤولاً، فيما قال 24 بالمائة إنّ سلوك الجندي كان طبيعياً بالنظر إلى الضغوط التي تصرف فيها.
وتأتي نتائج الاستطلاع على هذه الصورة، مع أن التحقيق العسكري الأوّلي لجيش الاحتلال، أقرّ بأن الجندي القاتل وصل إلى مكان الجريمة بعد 6 دقائق من محاولة الطعن، التي ادعى الاحتلال أن الشهيدين حاولا تنفيذها، وبعد أن تأكد ضباط الجيش في الموقع أن الشريف لم يكن يحمل حزاماً ناسفاً ولا كان يشكل خطراً على أحد.
وأثبتت أشرطة تصوير من الموقع أن الجنود تصرفوا بنوع من اللامبالاة، بعد إطلاق النار على الشهيد القصراوي والشريف، قبيل وصول القاتل.
كما بينت أشرطة التصوير أن الجندي نفسه كان توجه بداية إلى أحد الجنود وقدم له المساعدة، وبعد ذلك قام بإطلاق الرصاص على الشهيد الشريف وإعدامه ميدانياً.
وأيضاً بيّنت الصور من موقع جريمة إعدام الشريف، أن الجندي القاتل سارع بعد إطلاق الرصاص على الشهيد إلى مصافحة الناشط اليهودي المتطرف، المستوطن باروخ مارزل.
وتشهد المستوطنات الإسرائيلية ومدن داخل إسرائيل، نشاطاً وحراكاً شعبياً، للضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن الجندي القاتل واعتباره بطلاً.
وتخللت ذلك اتهامات لرئيس أركان الجيش بأنه تخلى عن جندي مقاتل، ومطالبة الجنرال أيزنكوط بالاستقالة من منصبه.
وشهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية، أمس الأحد، جدالاً صاخباً بين نتنياهو وبينت، الذي اتهم رئيس الحكومة بالتخلي عن الجنود في المعركة. فيما وجه وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، اتهامات لقطاعات في اليمين المتطرف بأنّها تمارس ضغوطاً على الجيش وتسعى إلى التدخل في استقلاليته.
حملات إعلامية لصالح القاتل
وعلى خطٍ موازٍ، أطلق اليمين حملات إعلامية لصالح الإفراج عن الجندي القاتل، وبعدما تبيّن زيف ادعاءات الجندي من أنه خشي أن يكون الشريف يحمل حزاما ناسفاً، أبرزت الصحف الإسرائيلية منشوراً على "الفيسبوك" لجندي يُدعى درور زيخرمان، ادعى أن قائده العسكري قتل في عملية مشابهة عام 2005 لأنه لم يطلق النار على فلسطيني كان يعتزم تنفيذ عملية انتحارية، وأن قائده منعه من إطلاق النار عليه، مما أتاح المجال للشاب لتفجير الحزام الناسف وقتل قائده.
وذكرت الصحف العبرية، أن المنشور الذي نشره درور زيخرمان، تعبيراً عن تأييده للجندي القاتل، ومطالباً بتغيير أوامر إطلاق النار؛ قد حصد آلاف "الإعجابات".
اقرأ أيضاً: محاولات إسرائيلية للتستر على جريمة إعدام الشريف بالخليل