تاء مربوطة

19 يونيو 2015
عاملات أجنبيات يطالبن بحقوقهن (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

لنتخيّل أننا نعيشُ مع رب أو ربة العمل، ونرى المدير أو المديرة لحظة الاستيقاظ، أو في ثياب النوم أو خلال عطلة نهاية الأسبوع. لا داعي لتخيّل مثل هذه المواقف. إلا أن هذه المشاهد التي يصعب تخيّلها في حياتنا، ما هي إلا حياة وواقع مجموعة من النساء العاملات، غالبيتهن نساء أجنبيات يمتهنّ العمل المنزلي.

تطولُ لائحة الانتهاكات بحق هؤلاء النساء. تبدأ قبل قدومهن إلى لبنان بحثاً عن فرصة عمل. هذا وجه حداثي للعبودية بعرّابه نظام الكفالة الذي تعيش تحت رحمته هؤلاء النساء. أيضاً، فإن أيادي هذا النظام الأخطبوطي باتت تطاول مواطنين ومواطنات من جنسيات أخرى، لا سيما اللاجئين/ات السوريين/ات الذين باتوا هم أيضاً بحاجة إلى "كفيل" في حال أرادوا الحصول على إقامة أو تجديدها في لبنان. ليس آخر أوجه هذه الانتهاكات التعميم الذي أصدره الأمن العام الشهر الماضي، والذي يوجب فيه على "المستقدم" أن يضيف نصاً في العقد يتعهد فيه بأن ليس لعاملته "أي علاقة زواج أو ارتباط من أي نوع في لبنان".

ينطوي هذا التعميم على ذهنية فيها جملة مواقف واتجاهات تمييزية وعنصرية وأبوية حيال العاملات الأجنبيات في لبنان. وفي محاولة لتفكيك هذه المواقف، نُلاحظ ما يلي:
- موقفا تمييزيا عنصريا قائما على اللون والعرق والجنسية والوضع الاجتماعي والاقتصادي. هذه بالمبدأ جملة توصيفية، لكنها في الثقافة اللبنانية تصبح جملة وصمية تصنيفية. بكلام آخر، لماذا لا يخطر في بالنا تلقائياً، حين يقال النساء العاملات الأجنبيات، أولئك القادمات مثلاً من بريطانيا أو الدنمارك للعمل في لبنان. ألسن نساء وعاملات وأجنبيات؟

- موقفا تمييزيا جندريا. تواجه النساء العاملات في المنازل تمييزاً مزدوجاً لكونهن نساء، ويعملن في الدور المنزلي الرعائي، الذي يشكل بحد ذاته إشكالية في تحديد هويته، كونه عملا يتطلب وقتاً وجهداً وخبرة، وبالتالي بحاجة إلى تثمين وتقدير وتقييم.

- موقفا أبويا ذكوريا، يتجسد في قرار الأمن العام الأخير. هذا القرار سلب النساء كل حقوقهن، إذ تطرق إلى حياتهن الشخصية، بحجة "حمايتهن" من أوضاع معيشية غير مستقرة "خشية" عليهن وعلى أولادهن الذين قد يولدون في لبنان.

ربما نسيت مؤسسة الأمن العام التي تحدثت بلسان حال الثقافة السائدة في لبنان، أن حماية النساء مطلوبة، بل هي أساسية لتحسين أوضاعهن، على أن تحصل من خلال التثقيف والتمكين وحفظ الكرامة وتوفير الخدمات. تتقاطع إذاً عوامل وأنظمة القمع والتمييز والهيمنة وأدواتها عند هذه الفئة من النساء، في تمييز مركّب لا يقتصر على جنسهن فحسب.

اقرأ أيضاً: الرجل لم يدخل المنزل بعد
دلالات
المساهمون