يُحيلنا تصريح مدير "المتحف البريطاني" السابق، نيل ماكغريغور، الذي أدلى به أمس وتناقلته الصحف البريطانية، إلى أسئلةٍ من نوع من يقرأ التاريخ وكيف؟ وما علاقة التاريخ الثقافي بالتاريخ السياسي؟ وكيف يُمكن أن يُستخدم منبر ثقافي، كالمتحف مثلاً، لتغذية الخطاب الرسمي والروايات التي يجري تناقلها عن اللحظات الأساسية التي غيّرت وجه العالم الحديث.
ماكغريغور قال على هامش معرض "ألمانيا - ذكريات أمة" الذي افُتتح في برلين أمس، إن نظرة بريطانيا الضيّقة للتاريخ "خطِرة ومؤسفة"، من حيث أنها لا تنظر إلّا إلى الوجه المشرق في تاريخها. ولم ينس ماكغريغور أن يقارن بين نظرة ألمانيا إلى تاريخها واعترف الرواية الرسمية فيها بالصفحات السوداء في عمر البلاد منذ القرون الوسطى إلى اليوم، مؤكّداً أن "بريطانيا تنسى ماضيها، ألمانيا تواجهه".
يضيف ماكغريغور "في بريطانيا نستخدم التاريخ ليريحنا، وليجعلنا نشعر بأننا أقوى، وليذكّرنا أننا في أعماقنا أشخاص طيّبون"، ويتابع "ربما نقول شيئاً صغيراً عن تاريخ تجارة العبيد، وبعض الحروب هنا وهناك. لكن الفصول الحقيقية والمتدالوة هي تلك المشرقة في تاريخ البلاد".
يلفت ماكريغور إلى أن ألمانيا أعطت صوتاً لأسوأ فصل في تاريخها، ووضعت مَعلماً اسمه "ماهانميل" (Mahnmale)، أي "تمثال العار القومي"، في برلين، والذي يُجسّد فظائع النازية، ليكمل أنه ليس في بريطانيا شيء من هذا القبيل، ولا حتى كلمة مثل هذه.
تُرى، لو أرادت بريطانيا أن تكشف عن وجه قبيح لبسته في تاريخها القريب أو البعيد، فعن أي جانب ستكشف؛ أهو موقفها من اللاجئين والمهاجرين في السنة الأخيرة مثلاً، أم أنها ستملك الشجاعة لتذهب إلى لحظات أبعد في تاريخها؛ "وعد بلفور" ربما، عندما بدأت تراجيديا "الشرق الأوسط" في القرن العشرين؟