لم يكن قد مضى عام على اندلاع الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، حتى تم التوصل لأول اتفاق هدنة في سورية، قبل أن تلحق به عشرات الاتفاقات من الهدن ووقف إطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة في مختلف أرجاء البلاد، بوساطات محلية وإقليمية ودولية. غير أن جميعها لم يحقق سوى نجاح محدود، بسبب عدم توفر الإرادة المطلوبة لدى طرفي الصراع، فضلاً عن الجهات الإقليمية والدولية الداعمة لهما.
اقرأ أيضاً: كسر هدوء الهدنة السورية في يومها الثاني
أبرز تلك الاتفاقات، بحسب التسلسل الزمني:
- ديسمبر/ كانون الأول 2012، وافق النظام السوري على السماح لمراقبي جامعة الدول العربية بالإشراف على سحب القوات والأسلحة الثقيلة من المدن الرئيسية، لكن العملية لم تتم، وحملت الجامعة النظام المسؤولية.
- أبريل/ نيسان 2012، بذلت المجموعة الدولية محاولة أخرى، عبر نشر مراقبين تابعين للأمم المتحدة، ولكنهم فشلوا، وانسحبوا بعد شهرين بسبب تدهور الوضع الأمني.
- أكتوبر/ تشرين الأول 2012، أعلن الجانبان، النظام والمعارضة المسلحة، التزامهما بوقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام خلال عيد الأضحى، بناء على اقتراح من المبعوث الدولي والعربي إلى سورية في حينها الأخضر الإبراهيمي، والذي أراد أن تكون الهدنة مقدّمة لإطلاق عملية سياسية. لكن الهدنة لم تتطور إلى أبعد من ذلك، ولم يتم الالتزام بها، إذ أكّدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 69 شخصاً خلال الهدنة.
- يناير/ كانون الثاني 2014، عقدت هدنة في حي برزة بدمشق بين النظام وممثلين عن الحي من المدنيين والكتائب المسلحة، تنص على وقف إطلاق النار، وانسحاب جيش النظام والمليشيات الموالية له بشكل كامل من أطراف الحي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين من أبناء برزة، وإصلاح البنى التحتية وإعادة الخدمات إلى الحي.
- مايو/ أيار 2014، تم بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة إخلاء مدينة حمص القديمة من مقاتلي المعارضة الذين اتجهوا إلى ريف حمص الشمالي.
- يونيو/ حزيران 2014، جرى التوصل لسلسلة اتفاقات لوقف لإطلاق النار في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة دمشق، لم تصمد سوى لأيام قليلة.
- سبتمبر/ أيلول 2014، الاتفاق على هدنة في حي القابون بدمشق نص على انسحاب الجيش النظامي من غالبية المباني التي كان يُسيطر عليها، على أن يحتفظ الجيش الحر بسلاحه، ويكون مسؤولاً عن جميع شؤون الحي، إضافة الى الإفراج عن جميع معتقلي الحي، وقد أُفرج فعلياً عن عدد قليل منهم، ووعد النظام بتقديم تعويضات للأهالي المتضرّرين الذين فقدوا ممتلكاتهم.
- أكتوبر/ تشرين الأول 2014، حاول وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا التوسط لتحقيق وقف لإطلاق النار في محيط مدينة حلب، غير أن مساعيه باءت بالفشل بعد عدة أشهر بسبب اعتقاد كل طرف بأن المبعوث الدولي يعمل لمصلحة الطرف الثاني، وأن الهدنة بصيغتها المطروحة لن تخدم مصالحه.
-27 أغسطس/ آب 2015، جرى التوصل إلى اتفاق حول هدنة إنسانية قصيرة لمدة 48 ساعة بدأ سريانها في بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب، بالتزامن مع هدنة مماثلة في الزبداني بريف دمشق، وذلك بناء على اتفاق جرى التوصل إليه في تركيا بين حركة "أحرار الشام" ووفد إيراني.
- سبتمبر/ أيلول 2015، انتهت المفاوضات بين المعارضة السورية المسلّحة من جهة وبين قوات النظام وحزب الله اللبناني، من جهة ثانية، برعاية أممية، إلى اتفاق هدنة لوقف المعارك في مدينة الزبداني بريف دمشق وقريتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام بريف إدلب.
ونص الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين ثم هدنة لمدة ستة أشهر، تشمل الزبداني وكفريا والفوعة ومدينة إدلب ومناطق في ريفها. وقضى الاتفاق بإخراج جميع المسلّحين والراغبين من المدنيين من منطقة الزبداني باتجاه إدلب، مقابل خروج عشرة آلاف شخص من الفوعة وكفريا، يشملون الأطفال دون الـ 18 عاماً، والنساء والمسنين فوق الخمسين، بالإضافة إلى الجرحى.
كما نص الاتفاق على إطلاق النظام سراح خمسمائة معتقل لديه. على أن ينفذ الاتفاق برعاية الأمم المتحدة، وتشكل مجموعة عمل لضمان تنفيذ بنوده.
- ديسمبر/ كانون الأول 2015، تم التوصل إلى هدنة في حي الوعر بمدينة حمص بعد حصار دام أكثر من عامين للحي الواقع شمال غربي المدينة. وجرى الاتفاق برعاية الأمم المتحدة. وتم بموجبه خروج مسلحي المعارضة من الحي تجاه ريف إدلب، وذلك مقابل فك الحصار وإدخال المساعدات الإغاثية، بالإضافة إلى تسوية أوضاع المقاتلين الراغبين في تسليم سلاحهم.
وبدأ تطبيق الاتفاق بمغادرة نحو ثلاثمائة مقاتل من قوات المعارضة، ونحو مائة من عائلاتهم للحي، وهو آخر المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة.
كما شهدت مناطق في ريف دمشق مثل محيط مخيم اليرموك، والمعضمية وريف حماة، وتحديداً في بلدتي قلعة المضيق في الريف الشمالي الغربي وكفرنبودة، هدناً مؤقتة، غير أنها لا تزال عرضة للانتهاكات بالقصف والعمليات العسكرية، من جانب قوات النظام.
- وأخيراً جاءت الهدنة المتبوعة بقرار دولي، مع صمودها لأكثر من يومين حتى الآن، رغم بعض الخروقات. وبدأ تطبيقها في 27 فبراير/ شباط الجاري عند الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، بعد اتفاق صاغته كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية في 22 فبراير/شباط الجاري، نص على وقف إطلاق النار بين النظام السوري وقوات المعارضة السورية، تمهيداً لاستئناف مفاوضات تفضي إلى حل سياسي في البلاد.
اقرأ أيضاً: المعارضة السورية: أميركا رصدت 52 خرقا للهدنة من النظام