تجارة الرقيق في ليبيا... الخلفيات والمستجدات

طرابلس

عبد الله الشريف

avata
عبد الله الشريف
02 ديسمبر 2017
5036DA61-0E2A-41B2-924B-5102CF91AF39
+ الخط -
لا يزال الجدل قائما حول وجود أسواق لبيع العبيد في ليبيا منذ أن بثت شبكة "سي إن إن" الأميركية قبل أسبوعين شريطا استطاعت مراسلتها في أفريقيا التقاطه، ويظهر لقطات لبيع الرقيق عن طريق المزايدة بين تجار البشر.

ورغم التعهد بالتحقيق من قبل سلطات حكومة الوفاق بطرابلس في الواقعة، إلا أن بيانات تلت هذا الإعلان من جهات ليبية مسؤولة شككت في صحة تقرير القناة، كما جاء في بياني مجلسي النواب والدولة، مطالبين المجتمع الدولي بضرورة حلّ مشكلة المهاجرين في دولهم الأصلية قبل أن تتم المتاجرة في ظروف حياتهم وتحويلهم إلى عبيد.

واتّهم بيانا المجلسين أطرافا دولية بالسعي لتوطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا وشرعنة تدخل سافر في ليبيا تحت ذريعة حمايتهم.

ورغم أن توقيع دول العالم على معاهدة جنيف لتحريم الرقّ والعبودية كان عام 1927، وقبلها أول مؤتمر عالمي لتحريم بيع العبيد والاسترقاق الذي نظمته عصبة الأمم المتحدة في عام 1906، إلا أن تجارة العبيد لا تزال نشيطة في بعض المناطق النائية في العالم، لاسيما في أفريقيا.

وانضمت كل الدول العربية عام 1969 لاتفاقيات تحريم تجارة العبيد، لكن تصريحات لمنظمات دولية قالت إنّ تجارة العبيد لا تزال تمارس في دول مثل موريتانيا والسودان، ويبدو أن هذا الاستمرار الخفيّ شكل أرضية خصبة لنشاط هذه التجارة مجددا في ليبيا إثر انهيارها السنوات الماضية ودخولها في مرحلة صراع على السلطة وانقسام في أجهزتها السياسية والأمنية.


ويلفت بعض المراقبين الانتباه إلى اختلاف مفهوم الرقيق والعبيد بين الدول الغربية والمفهوم المحلي له؛ فقوانين تلك الدول تعتبر نشاط عصابات تهريب البشر نوعا من الاستعباد، لاسيما أن ظروف تهريبهم مأساوية وكثيرا ما يموت الكثير منهم في عرض الصحراء أو البحر.

وقالت تقارير سابقة، إنّ ناجين من الموت أنقذتهم منظمات دولية اضطروا للعمل والسخرة لدى مهربي البشر مقابل الحفاظ على حياتهم، كما تم استغلال بعضهم جنسيا أو أخذ أقرباء لهم رهينة ريثما تدفع أسرهم فدية مالية.

وفي مقابل الحملة الشديدة على ليبيا والمطالبة بوقف تجارة العبيد فيها، أعلنت منظمات دولية من بينها مفوضية اللاجئين الأممية الأسبوع الماضي عن تراجع أعداد المهاجرين عبر ليبيا إلى النصف تقريبا، وهو التصريح الذي عدّته ليبيا تكذيبا لمزاعم وجود انتهاكات بحق المهاجرين على أراضيها، فيما رأى آخرون أن كشف فضيحة أسواق العبيد هو الذي دفع المهاجرين إلى الإحجام عن السفر عبرها.

وبحسب تقرير مفوضية اللاجئين الأخير، فإن حركة وصول المهاجرين إلى أوروبا انطلاقًا من ليبيا عرفت تراجعًا كبيرًا في الفصل الثالث من السنة 2017 من 11500 مهاجر إلى نحو 6300 مهاجر في الشهر، ليصل العدد الإجمالي إلى 21700 مهاجر، إلا أن التقرير  يتحدث عن المسافرين عبر قوارب الموت في البحر دون الإشارة إلى تواجد عشرات الآلاف منهم لا يزالون داخل مراكز الاحتجاز سواء الرسمية أو التي في ملكية عصابات التهريب.

ووفقاً للمصادر التاريخية، فإن تجارة العبيد والقرصنة عبر البحر في ليبيا، كانت المصدر الوحيد للدخل، وتعتبر بلدات مرزق وسط الصحراء وتاورغاء الساحلية أبرز تلك الأسواق إلى غاية أربعينيات القرن الماضي، وفصلت هذه المصادر حتى في أسعار العبيد في تلك الآونة إذ كانت طريقة الاستبدال بالطعام أو الحيوانات مقابل تسلم العبد.

وفي عهد نظام معمر القذافي نشطت الهجرة غير الشرعية التي صنفها العالم ضمن تجارة البشر؛ فبعد أن ضرب العالم حصارا خانقا على نظامه في تسعينيات القرن الماضي، سهّل القذافي الطريق للمهاجرين عبر البلاد، وصولا إلى البحر كوسيلة للضغط على أوروبا من خلال مدن الغرب الليبي التي تمتلك عدة نقاط ساحلية يتوفر فيها الإقلاع، بالإضافة للعامل الجغرافي في هذه النقاط، حيث توفر الخلجان المتكاثرة وسيلة حماية طبيعية للمهربين، وهي ذات النقاط التي تنشط اليوم فيها هذه التجارة.

دوليا، لا تقتصر محاربة هذه التجارة على تخليص المهاجرين من خطر الاستعباد، بل تذهب إلى محاربة خطر استفادة الجماعات الإرهابية منها لتمويل نشاطاتها وإعادة لملمة صفوفها في ظل غياب حقيقي لأي سلطة رادعة في البلاد.

ذات صلة

الصورة
عناصر من قوات الامن الليبية في طرابلس 26 أغسطس 2024 (محمود تركية/فرانس برس)

سياسة

قُتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا" في مدينة الزاوية الليبية، غرب طرابلس، على يد مسلحين مجهولين، وهو مطلوب دولياً وأحد قادة المجموعات المسلحة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
الشرطة العسكرية 1

تحقيقات

يكشف تحقيق "العربي الجديد" عن انتهاكات متنوعة تمارسها قوات الشرطة العسكرية، التابعة للجيش الوطني، أحد تشكيلات المعارضة السورية بحق الموقوفين
الصورة
تحقيق تهريب السوريين

تحقيقات

للمرة الثانية يضطر السوريون إلى ترك كل ما يملكون وراء ظهورهم للنجاة بحياتهم، فراراً من حرب السودان، إذ يسلكون دروباً صحراوية شديدة الخطورة للانتقال إلى مصر