يشعر اللاجئ السوري الكردي محمود جمعة شيخو بالسعادة والرضا، على الرغم من إنفاقة كل مدخراته، في شراء وحدة سكنية مؤقتة في مخيم قوشتبه "جنوب أربيل"، بعد أن نجح في توفير مكان مناسب لأسرته المؤلفة من زوجة وثلاثة أطفال سينعمون بأول شتاء دافئ لهم منذ نزوحهم عن مدينة عين العرب "كوباني" عام 2014، إثر الصراع بين وحدات حماية الشعب الكردية وتنظيم الدولة الإسلامية.
انتقلت أسرة اللاجئ شيخو قبل 10 أيام إلى ما يعرف بالقسم الإماراتي في المخيم، والذي يضم وحدات سكنية مؤقتة مجهزة بخدمات تختلف تماماً عن الجانب المخصص للخيم، والذي أمضى فيه شيخو أكثر من عامين كانا الأصعب في رحلة النزوح، إذ لا يجدي قماش الخيمة نفعاً في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة والرياح اللاهبة في الصيف والأمطار والعواصف في الشتاء.
صفقة رابحة
دفع اللاجئ شيخو أربعة آلاف دولار أميركي لشراء الوحدة السكنية المؤلفة من قاعة كبيرة مقسمة إلى غرفتين ومطبخ صغير ملحق به حمام ومرافق صحية ومؤثث بأجهزة كهربائية حديثة مع إمدادت الماء الصافي والصرف الصحي وسخان كهربائي، وجميعها بنيت بالقوالب الكونكريتية "البلوك" وتم تسقيفها بصفائح عازلة للحرارة ومياة الأمطار وتعد بحسب مقاييس المخيم (وحدة سكنية مثالية).
ويؤكد شيخو لـ"العربي الجديد" أن الكثيرين من سكان الخيام نافسوه على شراء منزله الحالي، ولكن صداقتة القديمة مع مالكها السابق والتدخل من وسيط ساهما في نجاح صفقة البيع، معرباً عن أمله في كسب بعض المال من عمله في مجال الحدادة من أجل إضافة غرفة أخرى وشراء المزيد من الأثاث للوحدة السكنية.
تواصل معد التحقيق مع المالك السابق للمنزل، وهو لقمان علي عبدي، والذي أكد أن السعر الذي حصل عليه كان بمثابة صفقة رابحة للمشتري، خصوصاً أن فصل الشتاء يشهد إقبالاً كبيراً على شراء الوحدات السكنية الموجودة في المخيم المقسم إلى ثلاثة أنواع من السكن تتوزع بين الخيم الكاملة والخيم النصفية والمنازل المشيدة.
حصل البائع عبدي على فرصة عمل جيدة خارج المخيم وتشمل راتباً وسكناً ومخصصات طعام في معمل لتعبئة المياه المعدنية داخل مدينة أربيل، ولم يعد بحاجة إلى وحدته السكنية في المخيم، والتي حصل عليها باعتباره من أوائل من سكنوا مخيم قوشتبه بعد افتتاحه بداية عام 2014.
في حديثة لـ"العربي الجديد" يستغرب عبدي من استهجان بعضهم عمليات البيع والشراء في الوحدات التي يرون أنها لا تعود لهم ولا يمتلكون حق التصرف بها، مشيراً إلى إنفاقه الكثير من المال في عمليات الإضافة والصيانة داخل منزلة السابق، وأن بيعه يأتي ضمن ممارسات مماثلة تجرى داخل المخيم.
ولا تتضمن عملية بيع الوحدات السكنية، بحسب اللاجئ عبدي، أي أوراق رسمية سواء كانت عقوداً أو وثائق ملكية، وتقتصر على الاتفاق الشفهي وتسليم الثمن كاملاً وبحضور شهود من المقربين والأصدقاء ومختصين في مجال البناء، ومن بينهم اللاجئ السوري حسين خورشيد مارديني، والذي يسمى في المخيم بـ"المعلم" لخبرته في مجال البناء والترميم وتقييم أسعار الوحدات السكنية المؤقتة التي كان حاضراً في كل صفقة بيع وشراء لها، وتعتمد أحكامه على مجموعة معايير منها مدى نظافة الوحدة وحجم الإضافات التي جرت عليها.
يؤكد مارديني لـ"العربي الجديد" أن القسم الإماراتي في مخيم قوشتبة هو الوحيد الذي تتم فيه عمليات البيع والشراء، وذلك لمتانته وحداثته قياساً بباقي أجزاء المخيم، مبيناً أن أسعار الوحدات السكنية تبدأ من 2500 دولار أميركي وتتجاوز الـ 4500 دولار أميركي في بعض الوحدات التي حافظ ساكنوها عليها وقاموا بصيانتها باستمرار وأضافوا إليها غرفاً وخدمات صحية متكاملة.
وبحسب مارديني، فإن عمليات البيع والشراء تنشط وترتفع مع دخول فصل الشتاء المعروف بالبرودة الشديدة وكثرة الأمطار في هذه المنطقة، وهو ما يدفع ساكني الجزء القديم إلى البحث عن عروض البيع في منطقة المخيم الإماراتي والمساومة فيها، وهو ما لا يجدي نفعاً، إذ يبقى السعر الأصلي ثابتاً بسبب كثرة الطلب على هذه الوحدات السكنية قياساً بقلة المعروض منها للبيع.
ويبيّن اللاجئ مارديني أن المشترين هم جميعاً من ساكني الخيام وممن يزاولون أعمالاً جيدة خارج المخيم ويحصلون على دخل مالي يسمح لهم بشراء الوحدات السكنية من مالكيها الذين لم تعد ظروف المخيم تناسبهم بعد حصولهم على فرص عمل مغرية تحملهم على مغادرته وعدم العودة إلية ثانية، مشيراً إلى أن التخفيض المستمر في حجم المعونة المقدمة من منظمة الغذاء العالمي، والتي كانت سابقاً تبلغ 30 دولاراً أميركياً للفرد الواحد وأصبحت الآن أقل من 10 دولارات والتراجع المستمر في الخدمات المقدمة داخل المخيم تساهم في زيادة عدد الراغبين في الخروج منه.
اقــرأ أيضاً
عمليات البيع غير قانونية
بالرجوع إلى السجلات الرسمية المتوفرة لدى آسيا حاج حسن، العاملة في مؤسسة بارازاني الخيرية، وهي أكبر مؤسسة خيرية تنشط في الإقليم والمشرفة على مخيم قوشتبة، فإن أكثر من 7858 فرداً يعيشون في أقسام المخيم الثلاثة، وهي الإماراتي الذي يحتوي أقل من ثلث هذا العدد (قرابة 2300 لاجئ) وهو عبارة عن وحدات سكنية حديثة، وقسم آخر مخصص للمنظمة العالمية لشؤون اللاجئين وهي خيم النصفية ذات بناء جزئي، في حين بقي نصف عدد ساكني المخيم يعيشون في الجزء القديم المؤلف من الخيم فقط.
وذكرت الشابة العاملة في المجال الإغاثي أن اللاجئ لا يملك حق بيع وحدتة السكنية أو التصرف بها عبر منحها لأقربائه أو الحصول على بدل إيجار منها، لأنه حصل عليها بموجب خطة شملت اللاجئين بحسب فترة إقامتهم في المخيم، وفي حال إخلاء أي وحدة وفراغها من ساكنيها فإنها تمنح لعائلة أخرى تعيش في الجزء القديم، وبحسب جدول انتظار يشمل جميع ساكني ذلك الجزء.
وتصر الناشطة حاج حسن على أن جميع تعاملات البيع تتم بشكل شخصي وغير معلن لأن القائمين بها يعلمون جيداً أنها غير قانونية وأن الوحدة السكنية تبقى مسجلة باسم شاغلها القديم ولا يحصل المشتري على إثبات رسمي بأنه الحائز الأصلي لها، وبالتالي يتم إخراجه منها وإعادتة إلى الجزء القديم في أول مسح يتم في القاطع الذي يسكنه أو في حال ورود بلاغ بخصوص عملية بيع أو تغيير حاصل في ساكني الوحدة السكنية، وهو ما يعني ضياع المبلغ الذي دفعه المشتري في عملية لا أساس أو سند شرعياً لها.
الأمن يحذر الطرفين
يؤكد ضابط شرطة عامل في مخيم قوشتبه أنهم لا يسمحون بأي ممارسات تخل بالنظام وتخالف الشروط المطبقة هنا ومنها موضوع المتاجرة بالعقارات، مع التأكيد بأن دورهم بالأساس يتمثل في المحافظة على النظام واستقرار الأمن في داخل المخيم ومساندة عمل المنظمة الإغاثية المشرفة على الإدارة.
ويتحدث الضابط الذي يحمل رتبة ملازم أول، مشترطاً عدم ذكر اسمه لعدم تخويله بالحديث مع وسائل الإعلام، بأنهم يعملون على فرض النظام وعدم السماح بكل أنواع التجاوزات ورصد جميع التحركات المشبوهة أو عمليات السرقة أو وجود العناصر المتطرفة بين سكان المخيم، لافتاً إلى أنهم في ذات الوقت يساندون المنظمة الإغاثية التي تعمل على رصد حالات المتاجرة بالعقارات ويرافقونها في حالات تنفيذ عمليات الإخلاء بحق من يثبت حصولهم على الوحدات السكنية خارج لائحة التوزيع المطبقة داخل المنظمة.
ويحذر الضابط كلا الطرفين من إجراءات قانونية تترتب على البائع الذي تصرف بوحدة سكنية ليست ملكاً له ومشترٍ سيفقد أمواله في عملية نصب تعرض لها وهو أمر لا يعرفه اللاجئ محمود شيخو المحتفل مع عائلتة بمنزل جديد ودافئ أنفق في شرائه كل ما يملكة من أموال ولا يتخيل أن يتركة و يعود مرة ثانية إلى خيمتة المهترئة.
اقــرأ أيضاً
انتقلت أسرة اللاجئ شيخو قبل 10 أيام إلى ما يعرف بالقسم الإماراتي في المخيم، والذي يضم وحدات سكنية مؤقتة مجهزة بخدمات تختلف تماماً عن الجانب المخصص للخيم، والذي أمضى فيه شيخو أكثر من عامين كانا الأصعب في رحلة النزوح، إذ لا يجدي قماش الخيمة نفعاً في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة والرياح اللاهبة في الصيف والأمطار والعواصف في الشتاء.
صفقة رابحة
دفع اللاجئ شيخو أربعة آلاف دولار أميركي لشراء الوحدة السكنية المؤلفة من قاعة كبيرة مقسمة إلى غرفتين ومطبخ صغير ملحق به حمام ومرافق صحية ومؤثث بأجهزة كهربائية حديثة مع إمدادت الماء الصافي والصرف الصحي وسخان كهربائي، وجميعها بنيت بالقوالب الكونكريتية "البلوك" وتم تسقيفها بصفائح عازلة للحرارة ومياة الأمطار وتعد بحسب مقاييس المخيم (وحدة سكنية مثالية).
ويؤكد شيخو لـ"العربي الجديد" أن الكثيرين من سكان الخيام نافسوه على شراء منزله الحالي، ولكن صداقتة القديمة مع مالكها السابق والتدخل من وسيط ساهما في نجاح صفقة البيع، معرباً عن أمله في كسب بعض المال من عمله في مجال الحدادة من أجل إضافة غرفة أخرى وشراء المزيد من الأثاث للوحدة السكنية.
تواصل معد التحقيق مع المالك السابق للمنزل، وهو لقمان علي عبدي، والذي أكد أن السعر الذي حصل عليه كان بمثابة صفقة رابحة للمشتري، خصوصاً أن فصل الشتاء يشهد إقبالاً كبيراً على شراء الوحدات السكنية الموجودة في المخيم المقسم إلى ثلاثة أنواع من السكن تتوزع بين الخيم الكاملة والخيم النصفية والمنازل المشيدة.
في حديثة لـ"العربي الجديد" يستغرب عبدي من استهجان بعضهم عمليات البيع والشراء في الوحدات التي يرون أنها لا تعود لهم ولا يمتلكون حق التصرف بها، مشيراً إلى إنفاقه الكثير من المال في عمليات الإضافة والصيانة داخل منزلة السابق، وأن بيعه يأتي ضمن ممارسات مماثلة تجرى داخل المخيم.
ولا تتضمن عملية بيع الوحدات السكنية، بحسب اللاجئ عبدي، أي أوراق رسمية سواء كانت عقوداً أو وثائق ملكية، وتقتصر على الاتفاق الشفهي وتسليم الثمن كاملاً وبحضور شهود من المقربين والأصدقاء ومختصين في مجال البناء، ومن بينهم اللاجئ السوري حسين خورشيد مارديني، والذي يسمى في المخيم بـ"المعلم" لخبرته في مجال البناء والترميم وتقييم أسعار الوحدات السكنية المؤقتة التي كان حاضراً في كل صفقة بيع وشراء لها، وتعتمد أحكامه على مجموعة معايير منها مدى نظافة الوحدة وحجم الإضافات التي جرت عليها.
يؤكد مارديني لـ"العربي الجديد" أن القسم الإماراتي في مخيم قوشتبة هو الوحيد الذي تتم فيه عمليات البيع والشراء، وذلك لمتانته وحداثته قياساً بباقي أجزاء المخيم، مبيناً أن أسعار الوحدات السكنية تبدأ من 2500 دولار أميركي وتتجاوز الـ 4500 دولار أميركي في بعض الوحدات التي حافظ ساكنوها عليها وقاموا بصيانتها باستمرار وأضافوا إليها غرفاً وخدمات صحية متكاملة.
وبحسب مارديني، فإن عمليات البيع والشراء تنشط وترتفع مع دخول فصل الشتاء المعروف بالبرودة الشديدة وكثرة الأمطار في هذه المنطقة، وهو ما يدفع ساكني الجزء القديم إلى البحث عن عروض البيع في منطقة المخيم الإماراتي والمساومة فيها، وهو ما لا يجدي نفعاً، إذ يبقى السعر الأصلي ثابتاً بسبب كثرة الطلب على هذه الوحدات السكنية قياساً بقلة المعروض منها للبيع.
ويبيّن اللاجئ مارديني أن المشترين هم جميعاً من ساكني الخيام وممن يزاولون أعمالاً جيدة خارج المخيم ويحصلون على دخل مالي يسمح لهم بشراء الوحدات السكنية من مالكيها الذين لم تعد ظروف المخيم تناسبهم بعد حصولهم على فرص عمل مغرية تحملهم على مغادرته وعدم العودة إلية ثانية، مشيراً إلى أن التخفيض المستمر في حجم المعونة المقدمة من منظمة الغذاء العالمي، والتي كانت سابقاً تبلغ 30 دولاراً أميركياً للفرد الواحد وأصبحت الآن أقل من 10 دولارات والتراجع المستمر في الخدمات المقدمة داخل المخيم تساهم في زيادة عدد الراغبين في الخروج منه.
عمليات البيع غير قانونية
بالرجوع إلى السجلات الرسمية المتوفرة لدى آسيا حاج حسن، العاملة في مؤسسة بارازاني الخيرية، وهي أكبر مؤسسة خيرية تنشط في الإقليم والمشرفة على مخيم قوشتبة، فإن أكثر من 7858 فرداً يعيشون في أقسام المخيم الثلاثة، وهي الإماراتي الذي يحتوي أقل من ثلث هذا العدد (قرابة 2300 لاجئ) وهو عبارة عن وحدات سكنية حديثة، وقسم آخر مخصص للمنظمة العالمية لشؤون اللاجئين وهي خيم النصفية ذات بناء جزئي، في حين بقي نصف عدد ساكني المخيم يعيشون في الجزء القديم المؤلف من الخيم فقط.
وتصر الناشطة حاج حسن على أن جميع تعاملات البيع تتم بشكل شخصي وغير معلن لأن القائمين بها يعلمون جيداً أنها غير قانونية وأن الوحدة السكنية تبقى مسجلة باسم شاغلها القديم ولا يحصل المشتري على إثبات رسمي بأنه الحائز الأصلي لها، وبالتالي يتم إخراجه منها وإعادتة إلى الجزء القديم في أول مسح يتم في القاطع الذي يسكنه أو في حال ورود بلاغ بخصوص عملية بيع أو تغيير حاصل في ساكني الوحدة السكنية، وهو ما يعني ضياع المبلغ الذي دفعه المشتري في عملية لا أساس أو سند شرعياً لها.
الأمن يحذر الطرفين
يؤكد ضابط شرطة عامل في مخيم قوشتبه أنهم لا يسمحون بأي ممارسات تخل بالنظام وتخالف الشروط المطبقة هنا ومنها موضوع المتاجرة بالعقارات، مع التأكيد بأن دورهم بالأساس يتمثل في المحافظة على النظام واستقرار الأمن في داخل المخيم ومساندة عمل المنظمة الإغاثية المشرفة على الإدارة.
ويتحدث الضابط الذي يحمل رتبة ملازم أول، مشترطاً عدم ذكر اسمه لعدم تخويله بالحديث مع وسائل الإعلام، بأنهم يعملون على فرض النظام وعدم السماح بكل أنواع التجاوزات ورصد جميع التحركات المشبوهة أو عمليات السرقة أو وجود العناصر المتطرفة بين سكان المخيم، لافتاً إلى أنهم في ذات الوقت يساندون المنظمة الإغاثية التي تعمل على رصد حالات المتاجرة بالعقارات ويرافقونها في حالات تنفيذ عمليات الإخلاء بحق من يثبت حصولهم على الوحدات السكنية خارج لائحة التوزيع المطبقة داخل المنظمة.
ويحذر الضابط كلا الطرفين من إجراءات قانونية تترتب على البائع الذي تصرف بوحدة سكنية ليست ملكاً له ومشترٍ سيفقد أمواله في عملية نصب تعرض لها وهو أمر لا يعرفه اللاجئ محمود شيخو المحتفل مع عائلتة بمنزل جديد ودافئ أنفق في شرائه كل ما يملكة من أموال ولا يتخيل أن يتركة و يعود مرة ثانية إلى خيمتة المهترئة.