تجار باسم الدين

28 يونيو 2017
تغلغل الفساد في صفوف المهتمين بالحجاج (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -

في ثاني أيام عيد الفطر، توفي ثمانية معتمرين أردنيين، جراء انقلاب الحافلة التي كانت تقلهم داخل الأراضي الأردنية، بعد عودتهم من الأراضي المقدسة، فيما جرح 38 معتمراً. تكفّل الحادث بسرقة فرحة العيد من مئات العائلات الأردنية، وتحويل منازل بعضهم إلى مأتم وأخرى لفها بقلق انتظار تطورات الحالة الصحية للجرحى، كما أنه نغص على عموم الأردنيين عيدهم وهم يتابعون أخبار الحادث، الذي أشارت تفاصيله إلى قصة فساد كبيرة تتورط فيها وزارات ومؤسسات رسمية.

تكفي زيارة الأردنيين العائدين من أداء مناسك العمرة أو حتى فريضة الحج، لتلمس حجم المهانة التي يلاقيها المعتمرون أو الحجاج في رحلتهم الإيمانية، فهم يعودن حاملين قصصاً عن سوء المعاملة التي لاقوها من قبل الشركات التي خرجوا معها، والأعطال التي تتعرض لها الحافلات التي أقلتهم، ورداءة الطريق البري داخل الحدود الأردنية، والغش الذي تعرضوا له في أماكن الإقامة، وكلها تفاصيل تنسيهم الحديث عن المشاعر التي عاشوها.

في جميع الحوادث التي تتعرض لها حافلات المعتمرين والحجاج، يجري البحث عن ضحية تحمل المسؤولية الكاملة، وغالباً ما يتم تحميلها للسائق الذي تقود التحقيقات إلى أنه ارتكب مخالفة مرورية قاتلة، أو واصل القيادة لمسافات طويلة من دون استراحة، وبذلك تتم تبرئة الفاسدين وإبعاد الشبهات عن المتواطئين من الرسميين.

في الحادث الأخير، تبدو فرصة البحث عن "كبش فداء" ضئيلة بل تكاد تكون معدومة، وتورط أي جهة في حرف التحقيقات لصالح تبرئة الفاسدين أو التستر على المتورطين، ستكون عواقبها وخيمة. الحافلة التي تعرضت للحادث، تعمل على خط داخلي، ومغادرتها في رحلة عمرة تشكل مخالفة لتعليمات مضى على تطبيقها 11 عاماً، تقضي بعدم تسيير حافلات الخطوط الداخلية في رحلات العمرة والحج. الإجابة عن أسئلة من نوع: كيف عبرت الحافلة الحدود الأردنية -السعودية؟ لماذا تمنح شركة الحج والعمرة ترخيصاً لمزاولة العمل رغم ارتكابها مخالفة جسيمة؟ تقود إلى الجهات المسؤولة عن الحادث. المعتمرون الثمانية، ماتوا ضحية المتواطئين مع الفساد من سماسرة ولوبيات المتاجرة الرخيصة باسم الدين، وهو ما يجب محاربته، حتى يتوقف نزيف الأرواح.

المساهمون