وذكر عضو "مجلس بابل" محمد الحلي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "المجلس عقد جلسة سرّية لتدارس أزمة النازحين من محافظة الأنبار". وكشف أن "الجلسة تمخّضت عن مقررات عدة، أبرزها منع دخول أيّة عائلة نازحة إلى المحافظة، بسبب قلة المخصصات المالية المتاحة لنا ولأسباب أمنية أخرى". وأضاف أنّه "تم اتخاذ قرار بتجنيد الشباب من النازحين بين 18 و50 عاماً، وتدريبهم في صفوف الحشد الشعبي، بغية إرسالهم إلى الأنبار بعد انتهاء التدريب ليدافعوا عن مدنهم".
وأوضح أنّه "سيتم التنسيق بين الحشد الشعبي والشرطة المحليّة لإعداد خطة لتدريب النازحين، فيما سيتم إصدار بطاقة موحّدة لهم، لمعرفة من المشمول بالتدريب ومن غير المشمول". ولفت إلى أنّه "سيتم إخراج كل من يرفض القرار وإعادته إلى الأنبار، من دون السماح له بالخروج منها".
وذكر مصدر أمني عراقي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومات المحلية لمحافظات بابل والنجف وكربلاء والبصرة، اتفقت على تجنيد النازحين الشباب وزجهم في المعارك مع داعش، ضمن الخطوط الأولى للمعركة، على الرغم من أنهم فرّوا أصلاً من التنظيم، وكان بإمكانهم الانضمام إليه أو حتى الخضوع لحكمهم". وأوضح المصدر العراقي الذي يشغل رتبة مقدم في وكالة شؤون الاستخبارات العسكرية، أن "المليشيات هي من تقف وراء هذا القرار المخالف للقانون والدستور".
اقرأ أيضاً: داعش وعام على دولته الإسلامية
من جهته، انتقد "مجلس عشائر الأنبار"، قرار "مجلس محافظة بابل"، مؤكّداً أنّه "مجرّد حجة للضغط على النازحين وإخراجهم من المحافظة". وقال عضو المجلس الشيخ محمود الجميلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النازحين من أهالي الأنبار وغيرها من المحافظات العراقية هم ضيوف لدى المحافظات التي نزحوا إليها، ومن المفترض أن تحسن تلك المحافظات معاملتهم".
وأشار إلى أنّ "هناك محاولات لاظهار صورة سيئة عن أهالي الأنبار واعتبار أنّهم غير قادرين على القتال، لكّن على الجميع إدراك أنّ أهل الأنبار يقاتلون داعش منذ عام ونصف العام بسلاحهم البسيط، ولولا صمودهم لدخل التنظيم إلى بغداد".
وأضاف أنّ "الجميع يعلم أنّ الحكومة لم ولن تسلح العشائر الأنبارية على الرغم من تسليحها للحشد الشعبي"، داعياً عشائر المحافظات الجنوبيّة إلى "التدخل ومنع الضغوطات على النازحين". ولفت إلى أنّ "الكثير من العوائل في بابل بدأت بحزم أمتعتها للخروج من المحافظة بسبب تلك الضغوط التي لا مبرر لها".
ويتواجد ما بين 80 الى 100 ألف نازح عراقي من محافظة الأنبار في مدن الجنوب، تحديداً في بابل والبصرة وكربلاء، تمّت كفالتهم من قبل أصدقاء أو أقرباء لهم. بدورها، وصفت رئيسة منظمة "الحياة لحقوق الإنسان العراقية" (وهي منظمة مجتمع مدني) ابتهال الزيدي، تلك الإجراءات بأنّها "تعسفيّة وغير مقبولة".
وأكّدت الزيدي، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّها "تلقت اتصالات كثيرة من النازحين في محافظة بابل، وأنّهم يشكون من تلك الإجراءات، وأنّ التجنيد فرض عليهم على الرغم من أنّ الكثير منهم مرضى ولا يستطيعون التدريب"، مبيّنة أنّها "أجرت اتصالاتها مع الجانب الحكومي ومجلس بابل، لكنّها لم تحصل على وعود لحل هذه الأزمة". وذكرت أنّه "يتحتم على الجميع من مسؤولين وقادة ومنظمات مجتمع مدني وشيوخ عشائر الوقوف مع النازحين في محنتهم، وإبداء المساعدة لهم، لا أن تضيف أعباءً أخرى على كاهلهم". وكانت محافظة النجف، قد منعت دخول نازحي الأنبار إليها، كما اتخذت محافظة كربلاء نفس القرار، في وقت تضيّق فيه المليشيات الخناق على النازحين في بغداد، الأمر الذي زاد من معاناتهم لشكل كبير.
اقرأ أيضاً النخيب العراقية: الحدود بيد المليشيات بغطاء حكومي