أكدت مصادر ليبية مسؤولة وجود تحضيرات عسكرية تجري في ليبيا استعداداً لانهيار وشيك للمفاوضات العسكرية بين طرفي النزاع، بينما تعيش العاصمة طرابلس، اليوم السبت، هدوءً تاماً، بعد يوم طغى فيه ضجيج المدفعية والصواريخ على كلّ شيء.
وبينما أعلنت إدارة مطار معيتيقة بطرابلس عودته إلى العمل، بعد تعليق رحلاته لساعات إثر تعرضه لقصف صاروخي عنيف بـ"أكثر من 50 صاروخ غراد"، بحسب عملية "بركان الغضب"، طاولت أضرارها حي شرفة الملاحة المحاذي للمطار والمكتظ بالسكان، اعترفت قيادة قوات حفتر بمسؤوليتها عن قصف المطار، واتهمت قوات الحكومة بقصف الأحياء السكنية سيما منطقة الهضبة.
وفي وقت زعم المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي الليلة الماضية، أن قوات حفتر أسقطت "ست طائرات تركية مسيّرة"، نفى قادة قوات الحكومة صحة ذلك.
في غضون ذلك، دانت السفارة الأميركية الهجوم على مطار معيتيقة والأحياء السكنية، محمّلة حفتر "المسؤولية عن تلك الهجمات"، مضيفة في بيان في وقت متأخر من مساء أمس أنها "هجمات تستحق الشجب بشكل خاص لأنها وقعت أثناء اجتماع الليبيين من جميع أنحاء البلاد في جنيف، برعاية أممية".
لكن تصريحات قادة قوات الحكومة هذه المرة لم تكتفِ بنفي تصريحات الجانب الآخر، بل حملت رسائل تجاوزت حدث الأمس، فقد أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، محمد قنونو، أنه "لأجل أن يكون هناك سلام في مستقبل ليبيا، أصبح من الواجب إسكات منصات الصواريخ، وإبعاد خطرها عن المدنيين"، مطالباً المواطنين بــ"الابتعاد عن أماكن تواجد المرتزقة والعصابات الغازية"، مؤكداً أن "الإدانات الأممية لن توقف قصف المدنيين في طرابلس من قبل مليشيات حفتر"، بحسب إيجاز صحافي نشرته الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب".
من جانبها، أكدت مصادر ليبية مقربة من حكومة الوفاق ومطلعة على نتائج الجولة الثانية من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف، أن الغرفة الرئيسة لعمليات "بركان الغضب" أنهت استعداداتها العسكرية لما قد يترتب على انهيار المفاوضات العسكرية، وأن ممثلي الحكومة في تلك المفاوضات نقلوا صورة سلبية للحكومة عن شكل تعاطي ممثلي حفتر مع كل التنازلات التي قدموها من أجل وقف إطلاق النار.
وعن المسودة التي أعلنتها البعثة الأممية في ليبيا بشأن اتفاقهما مع ممثلي حفتر على "وقف مستدام لإطلاق النار"، قالت المصادر إن "ممثلي الحكومة في المفاوضات العسكرية أكدوا أنها فُرضت من قبل البعثة، وإن ممثلي حفتر لم يكونوا بالشكل المأمول في التعاطي معها".
وبحسب المصادر نفسها، فإن وفد الحكومة وسفراء دول كبرى كانت قريبة من مجريات مفاوضات جنيف العسكرية، باتوا على قناعة بأن حفتر لن يقبل بوقف إطلاق النار، وأنه يحاول كسب الوقت لتحشيد عسكري أكبر لمعاودة حروبه.
اقــرأ أيضاً
ويأتي بيان المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق متزامناً مع تصريحات قنونو، ومؤكداً أن القصف الذي طاول طرابلس أمس "يثبت للجميع أن هذه العصابات المسلحة المدعومة من جهات دولية لا تعرف معنى الحلول السياسية، ولا الهدنة، ولا أن يكون وقف إطلاق النار إلا إجباراً لا خياراً"، مشددة على أن الردّ "سيكون قريباً".
وتعكس تصريحات لوزير الداخلية بالحكومة فتحي باشاغا، متوازية مع تصريحات قنونو، انزعاجاً كبيراً من الدور الروسي الداعم لحفتر، فللمرة الأولى، توجه الحكومة اتهامات مباشرة لروسيا بالوقوف وراء القصف الذي طاول طرابلس أمس، إذ قال الوزير، في مقابلة أجراها معه تلفزيون ليبي محلي ليل أمس الجمعة، أن الهجمات التي استهدفت مطار معيتيقة وأحياء مدنية "تقف خلفها روسيا".
وأضاف: "لدينا معلومات مؤكدة أن الروس هم من يقفون وراء هجمات اليوم على معيتيقة وأبوسليم"، وأن "الروس يريدون تدمير ليبيا وحفتر يريد السلطة".
وفي تماهٍ مع معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، قال باشاغا إن "لا خيار أمام الحكومة إلا الهجوم على مليشيات حفتر، وإبعادها عن طرابلس"، وهي تصريحات، وإن اعتبرها الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، "مهمة وواقعية"، إلا أنه يرى أنها "مغازلة لواشنطن التي ترى في التغول الروسي في ليبيا خطراً على مصالحها"، سيما وأنه جاء بعد بيان السفارة الأميركية.
ويؤكد البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "خرق حفتر يوم أمس سيسرّع من انهيار المفاوضات في كل مساراتها، وليس العسكري فقط، لكن موقف الحكومة الحالي جاء متأخراً جداً، فقد كسب حفتر من الوقت ما يكفيه للتسليح والجهوزية للقتال مجدداً".
ويعتبر البرق أن لاتهامات باشاغا لروسيا بالوقوف وراء اعتداءات حفتر يوم أمس، تأثيرات سلبية على مجريات التهدئة بين روسيا وتركيا الحالية، مؤكداً أن تركيا، الحليف الوحيد للحكومة، يجب أن تستفيد من مواقف الحكومة في ليبيا، وتصريحات الوزير عكس ذلك.
وكان المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة قد حذر في مؤتمر صحافي أمس الجمعة في جنيف، من أن "هناك مخاطر من أن تتحول الحرب الليبية إلى حرب إقليمية على الأرض الليبية، بسبب وجود أطراف غير ليبية تشترك من قريب أو من بعيد بهذا القتال".
وعن إمكانية اشتعال مسرح القتال مجدداً، يعتبر الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ، أن كل الظروف مواتية، ليس على صعيد المفاوضات بمساراتها الثلاثة فقط، بل على الصعيد الميداني أيضاً.
ويوضح عبد الحفيظ لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر كان يكدّس الأسلحة، وفي ذات الوقت ينصب منظومات متقدمة في محيط طرابلس لاستهداف أي دعم عسكري يصل للحكومة، محكماً مراقبته للمنافذ البحرية والجوية"، مشيراً إلى أنه نشر وحدات باتجاه مدن غرب طرابلس، وتحديداً مدينتي زوارة الحدودية مع تونس والزاوية المجاورة لطرابلس، والتي ستكون منطلقاً لهجوم بحري على ساحل طرابلس.
لكن كل ذلك لا يكفي، بحسب عبد الحفيظ، لإنجاز حفتر لنصر عسكري سريع، مؤكداً أن "المعركة، إذا اشتعلت مجدداً، ستطول أكثر من المتوقع، بعد أن باتت مرتبطة بدولتين كبريين مثل روسيا وتركيا".
وعن السيناريوهات المتوقعة، يرى الخبير الأمني أن إصرار البعثة الأممية على إنفاذ مسارات الحل الثلاثة يبدو وراءه وعود دولية، ما يعني وجود تحرك من أجل منع انزلاق ليبيا إلى أتون الخلافات التركية الروسية، يؤكده الظهور الأميركي من خلال بيان السفارة أمس. ويضيف أن سيناريو عودة القتال أيضاً لا يزال مرجحاً بشكل كبير، في ظلّ إصرار قوات الحكومة على شنّ هجوم على مواقع حفتر جنوب العاصمة، استباقاً لأي عملية عسكرية يخطّط لها، في ظل استمرار تحشيده لمزيد من القوات، واستقباله آلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر القادمة من الإمارات.
وفي وقت زعم المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي الليلة الماضية، أن قوات حفتر أسقطت "ست طائرات تركية مسيّرة"، نفى قادة قوات الحكومة صحة ذلك.
لكن تصريحات قادة قوات الحكومة هذه المرة لم تكتفِ بنفي تصريحات الجانب الآخر، بل حملت رسائل تجاوزت حدث الأمس، فقد أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، محمد قنونو، أنه "لأجل أن يكون هناك سلام في مستقبل ليبيا، أصبح من الواجب إسكات منصات الصواريخ، وإبعاد خطرها عن المدنيين"، مطالباً المواطنين بــ"الابتعاد عن أماكن تواجد المرتزقة والعصابات الغازية"، مؤكداً أن "الإدانات الأممية لن توقف قصف المدنيين في طرابلس من قبل مليشيات حفتر"، بحسب إيجاز صحافي نشرته الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب".
من جانبها، أكدت مصادر ليبية مقربة من حكومة الوفاق ومطلعة على نتائج الجولة الثانية من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف، أن الغرفة الرئيسة لعمليات "بركان الغضب" أنهت استعداداتها العسكرية لما قد يترتب على انهيار المفاوضات العسكرية، وأن ممثلي الحكومة في تلك المفاوضات نقلوا صورة سلبية للحكومة عن شكل تعاطي ممثلي حفتر مع كل التنازلات التي قدموها من أجل وقف إطلاق النار.
وعن المسودة التي أعلنتها البعثة الأممية في ليبيا بشأن اتفاقهما مع ممثلي حفتر على "وقف مستدام لإطلاق النار"، قالت المصادر إن "ممثلي الحكومة في المفاوضات العسكرية أكدوا أنها فُرضت من قبل البعثة، وإن ممثلي حفتر لم يكونوا بالشكل المأمول في التعاطي معها".
وبحسب المصادر نفسها، فإن وفد الحكومة وسفراء دول كبرى كانت قريبة من مجريات مفاوضات جنيف العسكرية، باتوا على قناعة بأن حفتر لن يقبل بوقف إطلاق النار، وأنه يحاول كسب الوقت لتحشيد عسكري أكبر لمعاودة حروبه.
ويأتي بيان المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق متزامناً مع تصريحات قنونو، ومؤكداً أن القصف الذي طاول طرابلس أمس "يثبت للجميع أن هذه العصابات المسلحة المدعومة من جهات دولية لا تعرف معنى الحلول السياسية، ولا الهدنة، ولا أن يكون وقف إطلاق النار إلا إجباراً لا خياراً"، مشددة على أن الردّ "سيكون قريباً".
وتعكس تصريحات لوزير الداخلية بالحكومة فتحي باشاغا، متوازية مع تصريحات قنونو، انزعاجاً كبيراً من الدور الروسي الداعم لحفتر، فللمرة الأولى، توجه الحكومة اتهامات مباشرة لروسيا بالوقوف وراء القصف الذي طاول طرابلس أمس، إذ قال الوزير، في مقابلة أجراها معه تلفزيون ليبي محلي ليل أمس الجمعة، أن الهجمات التي استهدفت مطار معيتيقة وأحياء مدنية "تقف خلفها روسيا".
وأضاف: "لدينا معلومات مؤكدة أن الروس هم من يقفون وراء هجمات اليوم على معيتيقة وأبوسليم"، وأن "الروس يريدون تدمير ليبيا وحفتر يريد السلطة".
وفي تماهٍ مع معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، قال باشاغا إن "لا خيار أمام الحكومة إلا الهجوم على مليشيات حفتر، وإبعادها عن طرابلس"، وهي تصريحات، وإن اعتبرها الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، "مهمة وواقعية"، إلا أنه يرى أنها "مغازلة لواشنطن التي ترى في التغول الروسي في ليبيا خطراً على مصالحها"، سيما وأنه جاء بعد بيان السفارة الأميركية.
ويؤكد البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "خرق حفتر يوم أمس سيسرّع من انهيار المفاوضات في كل مساراتها، وليس العسكري فقط، لكن موقف الحكومة الحالي جاء متأخراً جداً، فقد كسب حفتر من الوقت ما يكفيه للتسليح والجهوزية للقتال مجدداً".
ويعتبر البرق أن لاتهامات باشاغا لروسيا بالوقوف وراء اعتداءات حفتر يوم أمس، تأثيرات سلبية على مجريات التهدئة بين روسيا وتركيا الحالية، مؤكداً أن تركيا، الحليف الوحيد للحكومة، يجب أن تستفيد من مواقف الحكومة في ليبيا، وتصريحات الوزير عكس ذلك.
وكان المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة قد حذر في مؤتمر صحافي أمس الجمعة في جنيف، من أن "هناك مخاطر من أن تتحول الحرب الليبية إلى حرب إقليمية على الأرض الليبية، بسبب وجود أطراف غير ليبية تشترك من قريب أو من بعيد بهذا القتال".
وعن إمكانية اشتعال مسرح القتال مجدداً، يعتبر الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ، أن كل الظروف مواتية، ليس على صعيد المفاوضات بمساراتها الثلاثة فقط، بل على الصعيد الميداني أيضاً.
ويوضح عبد الحفيظ لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر كان يكدّس الأسلحة، وفي ذات الوقت ينصب منظومات متقدمة في محيط طرابلس لاستهداف أي دعم عسكري يصل للحكومة، محكماً مراقبته للمنافذ البحرية والجوية"، مشيراً إلى أنه نشر وحدات باتجاه مدن غرب طرابلس، وتحديداً مدينتي زوارة الحدودية مع تونس والزاوية المجاورة لطرابلس، والتي ستكون منطلقاً لهجوم بحري على ساحل طرابلس.
لكن كل ذلك لا يكفي، بحسب عبد الحفيظ، لإنجاز حفتر لنصر عسكري سريع، مؤكداً أن "المعركة، إذا اشتعلت مجدداً، ستطول أكثر من المتوقع، بعد أن باتت مرتبطة بدولتين كبريين مثل روسيا وتركيا".
وعن السيناريوهات المتوقعة، يرى الخبير الأمني أن إصرار البعثة الأممية على إنفاذ مسارات الحل الثلاثة يبدو وراءه وعود دولية، ما يعني وجود تحرك من أجل منع انزلاق ليبيا إلى أتون الخلافات التركية الروسية، يؤكده الظهور الأميركي من خلال بيان السفارة أمس. ويضيف أن سيناريو عودة القتال أيضاً لا يزال مرجحاً بشكل كبير، في ظلّ إصرار قوات الحكومة على شنّ هجوم على مواقع حفتر جنوب العاصمة، استباقاً لأي عملية عسكرية يخطّط لها، في ظل استمرار تحشيده لمزيد من القوات، واستقباله آلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر القادمة من الإمارات.