في إطار التحقيقات التي يجريها المدعي الخاص الأميركي روبرت مولر، بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، خيوط جديدة كشفتها صحيفة "نيويورك تايمز" عن شبكة تعاون بين كل من موسكو وأبوظبي وتل أبيب، وأسماء جديدة على علاقة بالتحقيقات.
وأشارت الصحيفة إلى أن جورج نادر، المستشار السياسي لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الذي يتعاون كشاهد في تحقيقات مولر، تبيّن أن لديه علاقات أيضاً مع روسيا، وقد تكون بحوزته معلومات تربط مسارين مهمين في التحقيق.
وذكرت أن علاقات نادر مع الإمارات معروفة جيدا، لكن مدى اتساع ارتباطاته بروسيا لم يتم أبدا الكشف عنها سابقا، فعلاقاته الخاصة الخارجية مهدت الطريق للعديد من اللقاءات التي جرت مع مسؤولين بالبيت الأبيض، وهو ما أثار اهتمام مولر. وأظهرت التحقيقات أن نادر دبر لقاء في جزر السيشل بين المصرفي الروسي، كيريل دميترييف، الذي يدير صندوقا استثماريا ضخما تابعا للكرملين، وأحد مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قبل تسلم الأخير السلطة بالبيت الأبيض.
كما حضر نادر اجتماعًا في 2017 مع مسير صندوق للتحوط بنيوريوك، شارك فيه أيضا كل من جاريد كوشنر، صهر ترامب، ومستشار الأمن القومي السابق ستيف بانون.
وتنقل "نيويورك تايمز" عن مسار التحقيقات أنه تم توقيف مقاول أسترالي موال لإسرائيل لديه علاقات وثيقة مع الإمارات بعد وصوله إلى مطار قرب واشنطن، وجرى استجوابه بشأن نادر، وعلاقات الأخير مع روسيا واتصالاته مع مستشاري ترامب، وكذلك نقله لأموال إماراتية إلى الولايات المتحدة الأميركية.
ولفتت الصحيفة أيضا إلى أن تعاملات نادر مع روسيا تعود على الأقل إلى العام 2012، حينما ساهم في إبرام صفقة مثيرة للجدل تبلغ قيمتها 4.2 مليارات دولار لصالح الحكومة العراقية لاقتناء أسلحة روسية. وكان حينها نادر مستشارا غير رسمي لرئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، ورافقه إلى موسكو في سبتمبر/ أيلول 2012 للتوقيع على صفقة الأسلحة خلال لقاء مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. كما حضر نادر في وقت سابق من السنة نفسها منتدى تنظمه روسيا، يحضره فقط كبار المسؤولين المقربين من بوتين.
ووفق "نيويورك تايمز" فإنه منذ تلك الفترة تردد نادر على روسيا بشكل مستمر من أجل رعاية مصالح الإمارات، وقد أخذ صورة تذكارية له مع بوتين، كما أن وثائق ومقابلات كشفت أن ولي عهد أبوظبي خلال زيارته إلى روسيا اصطحب نادر معه.
وتضيف الصحيفة أنه بحسب ما أصبح معروفاً، فإن لقاء سيشل، تمّ بوساطة نادر، في الأسابيع التي تلت لقاء وفدٍ إماراتي، في مدينة نيويورك، بأعضاء بارزين في فريق ترامب، بمن فيهم كوشنر.
وبوساطة نادر، التقى إيريك برنس، مؤسس شركة "بلاك ووتر" الأمنية الخاصة، والمستشار الخاص لحملة ترامب، بالمصرفي دميترييف، ويعتقد أن اللقاء كان يهدف إلى تقييم إمكانية إقامة قناة خفية لعقد محادثات بين إدارة ترامب والكرملين.
وفي السياق، استجوب فريق مولر عدة شهود حول لقاءات سيشل، في إطار تحقيقاتهم الموسعة التي تشمل الاتصالات التي جرت بين مستشارين يعملون لفائدة الإمارات ومسؤولين بإدارة ترامب. كما سعى هؤلاء المحققون إلى الحصول على تفاصيل حول لقاء حضره نادر بنيويورك بداية 2017 مع كوشنر وبانون، ومسير صندوق التحوط، ريتشارد جيرسون، صديق كوشنر، ومؤسس "فالكون ايدج كابيتال".
وقالت الصحيفة إن جيرسون لديه تعاملات مالية مع ديوان ولي عهد أبوظبي، كما طور علاقات وثيقة مع عدد كبير من كبار المسؤولين الإماراتيين خلال السنوات التي مرت، بمن فيهم محمد بن زايد نفسه.
كذلك، سلطت "نيويورك تايمز" الضوء على أن عائلة جيرسون لديها تعاملات مالية وخيرية مع آل كوشنر، تصب في خدمة إسرائيل وأضافت أن أسرة جاريد كوشنر، ومن خلال إحدى مؤسساتها، قدمت عشرات الآلاف من الدولارات كهبات لفائدة فريق طبي إسرائيلي يترأسه مارك جيرسون، شقيق ريتشارد.
كما أوضحت الصحيفة أن تحقيقات مولر طاولت جويل زامل، مقاول أسترالي ومؤسس شركة "ويكيسترات" للاستشارات، والتي تسلمت مشاريع لصالح الإمارات، وتجمعه علاقات بنادر وكبار المسؤولين الإماراتيين المقربين من بن زايد، منذ العام 2014 على أقل تقدير.
وخلال فبراير/ شباط الماضي، كما تنقل "نيويورك تايمز" قام المحققون بتوقيف زامل بمطار خارج واشنطن، وقاموا بمصادرة أجهزته الإلكترونية لوقت وجيز. وفي وقت لاحق مثل زامل أمام لجنة تحقيق وتم استجوابه حول نادر.
إلى ذلك، نقلت شبكة "سي ان ان"، الأربعاء، أن تحقيقات مولر طاولت أثرياء روسا، لمعرفة ما إذا قاموا بإيصال أموال على شكل تبرعات غير قانونية لتمويل حملة ترامب، أو إذا عمدوا إلى الاستعانة بمواطنين أميركيين لإخفاء مصدر التمويل.
وذكرت أن فريق مولر اتخذ خطوة غير معهودة باستجوابه "أوليغارشيين" روسا سافروا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتم توقيف واحد منهم وتفتيش أجهزته الإلكترونية بعدما حطت طائرته بمطار قرب نيويورك، وذلك بحسب شهادات مصادر متعددة على اطلاع بمجريات التحقيق.
كما جرى إيقاف ثري روسي خلال رحلة قام بها أخيراً إلى الولايات المتحدة، ولم يتضح حسب مصدر "سي ان ان" إن كان قد تعرض للتفتيش. وقام فريق المحققين أيضا بطلب إجراء مقابلة مع ثري روسي ثالث لم يسافر في الآونة الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وطلبوا منه إمدادهم ببعض الوثائق بشكل طوعي.
واستطاع ترامب جمع تبرعات لفائدة حملته الانتخابية وصلت إلى 333 مليون دولار، فيما استطاعت اللجنة المكلفة بحفل تنصيبه جمع 107 ملايين دولار، وهو رقم لم يسبقه له أي رئيس أميركي في الماضي.