وعقب الهجوم، ظهر ارتباك في التصريحات الرسمية للمسؤولين السعوديين، كما انسحب التخبط أيضاً على وسائل الإعلام السعودية. وتجلى الارتباك السعودي في تأخر السلطات نحو ثماني ساعات قبل الإعلان عن تعرض المطار للهجوم، ثم انتقال أذرع إعلامية، على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى مهاجمة قناة "الجزيرة"، والتحريض على قصف مقراتها في دولة قطر.
وتعددت تصريحات المسؤولين السعوديين بين محاولات لتطمين الرأي العام الداخلي وإظهار البلاد بمظهر المنتصر في هذه الحرب، وبين محاولة لفت انتباه العالم وكسب انتصار دبلوماسي ضد الحوثيين لاستهدافهم المدنيين في المطار.
وفي هذا السياق، قال نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان على حسابه في موقع "تويتر": "سنواجه جرائم مليشيا الحوثي بحزم لا ينثني وصرامة لا تنكسر، استهدافهم اليوم لمطار مدني تجاوزٌ يوضح للعالم فداحة التصعيد الإيراني للإضرار بأمن المنطقة واستقرارها".
Twitter Post
|
لكن بن سلمان عاد في تغريدة أخرى ليخاطب المجتمع الدولي، قائلاً إنه "منذ 40 عاماً والنظام الإيراني يعبث في منطقتنا، يصنع الموت وينشر الفوضى والدمار ويرعى الإرهاب ويمول الإرهابيين ومنهم مليشيا الحوثي...على المجتمع الدولي وكل الدول الداعية للأمن والسلم الدوليين القيام بواجباتها لوقف هذه الممارسات الخطيرة التي قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه".
Twitter Post
|
كما وجه نائب وزير الدفاع السعودي في سلسلة تغريدات باللغة الإنكليزية، دعوات للمجتمع الدولي للتدخل، وتحدث عن قصف الحوثيين للمدنيين الأبرياء.
ولم يختلف موقف الإعلام السعودي الرسمي وغير الرسمي عن موقف المسؤولين، إذ عمد في البداية إلى تجاهل الخبر رغم تداوله على نطاق واسع في الإعلام العربي والعالمي، لكن وقف حركة مطار أبها وعدد من المطارات الأخرى في المدن الجنوبية، مثل مطار جازان، دفع الرياض للإعلان رسمياً عن تعرض المطار لهجوم من قبل الحوثيين.
ووجه إعلاميون سعوديون سهام النقد إلى قناة "الجزيرة" لتغطيتها المباشرة لأحداث الحرب في اليمن، داعين حكومة بلادهم إلى قصف مقراتها في دولة قطر.
وقال مدير مكتب قناة "العربية" السابق في السعودية وأحد المقربين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خالد المطرفي، إنه "من حق التحالف العربي وفقاً للقانون الدولي، ليس فقط استهداف منصات إطلاق الصواريخ التي استهدفت مطار أبها، بل أيضاً من قام بإصدار الأوامر أو مولها أو دعمها في الإعلام، ما يعني بأن قناة الجزيرة في قطر يمكن أن تكون أحد الأهداف التي يجوز استهدافها من التحالف لدعمها لتلك العملية الإرهابية".
Twitter Post
|
وبيّنت التصريحات التي أطلقها المطرفي حجم الضغط الذي تعانيه السعودية بسبب الفشل في حرب اليمن، وعدم قدرتها على توجيه التغطية الإعلامية للحرب نحو أهدافها. كما بيّنت تخبط الرياض في إصدار التصريحات والتعامل مع الأزمات بموقف واحد كما حدث في أزمة مقتل الكاتب والصحافي المعارض جمال خاشقجي، حينما كانت القنوات السعودية حائرة في التعامل مع الأخبار المؤكدة لمقتله، ما أظهر إعلامها ضعيفا وفاقداً المهنية.
وقال متابعون سعوديون غاضبون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن تغطية وسائل الإعلام السعودية لحرب اليمن باتت مضللة إلى حد كبير.
ورأى المعارض والناشط السعودي عبد الله الغامدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على الخطاب السعودي الرسمي في الإعلام للتعامل مع حرب اليمن، أنه خطاب قديم ومهترئ، وكان يمكن أن ينجح لولا وجود الإنترنت والوعي الشعبي داخل السعودية، خصوصا وسط أبناء المناطق الجنوبية المتضررة من الحرب.
وأضاف الغامدي أن السبب الوحيد الذي دفع السعودية للاعتراف بحجم الخسائر وبقوة الضربة هو سقوط الصاروخ على هدف مدني، ما يعني افتضاح كل الخسائر لوسائل الإعلام، قبل أن يضيف: "ولو سقط الصاروخ على هدف عسكري كما كان يحدث سابقاً، لما عرفنا أي تفاصيل، والآن باتت الدولة السعودية محتارة في تغطية الخبر، فهل تُظهر نفسها بمظهر الضعف أم بمظهر القوة".