يزداد التخبّط الإسرائيلي في مواجهة الانتفاضة في القدس المحتلّة، وهو ما عكسه إقرار الحكومة الإسرائيليّة، أمس الأحد، مشروع قانون ينصّ على تشديد العقوبات على راشقي الحجارة، في خطوة تدحض إنكار المفتش العام للشرطة الإسرائيليّة يوحنان دانينو، وجود انتفاضة في القدس، وادعاءاته بأنّ الشرطة الفلسطينيّة تمكّنت من احتواء الأحداث وخفض منسوب العمليّات ورشق الحجارة.
وتثير تصريحات دانينو غضب أعضاء الكنيست من اليمين المتطرّف، وعلى رأسهم موشيه يوجيف، من حزب البيت اليهودي، الذي لم يتأخّر في اتّهام المفتش العام للشرطة الإسرائيلية بأنّه منقطع عن الواقع وعمّا يحدث ميدانياً.
من جهتها، تحذّر رئيسة لجنة الداخلية في الكنيست، ميريت ريجف، وهي أحد النواب المتطرفين في حزب الليكود، والمؤيدين لمشروع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، من أنّ محاولة اغتيال المتطرف اليهودي يهودا غليك، تشكّل تصعيداً خطيراً، معتبرة أنّه على الحكومة الإسرائيليّة العمل لاستعادة سيادتها في القدس، وهو الموقف نفسه الذي عبّر عنه وزير الاقتصاد الإسرائيلي، وزعيم "البيت اليهودي" نفتالي بينيت.
ولم يتردّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية، صباح أمس الأحد، في اتّهام جهات إسلاميّة وصفها بـ"المتطرفة"، بأنّها تسعى إلى إشعال حريق في القدس، من شأنه أن يُشعل المنطقة كلّها، معترفاً بأنّه أجرى اتصالات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ليجدّد أمامه التزام إسرائيل بالحفاظ على الوضع القائم وعدم إدخال أي تغييرات على الترتيبات في المسجد الأقصى.
ويعتبر نتنياهو، وفق تصريحاته أمس، أن حكومته "تواجه محاولات منهجيّة لإشعال الأوضاع من قِبل جهات إسلامية متطرّفة، تريد إشعال حرب دينيّة في القدس، ومن خلال ذلك إشعال منطقة الشرق الأوسط كلّها"، موضحاً أنّ هذه الجهات "توجّه مساعيها هذه للحرم القدسي وتنشر ادعاءات كاذبة، بأننا نعتزم هدم المسجد الأقصى والمسّ به، أو أننا نحاول منع المسلمين من الصلاة فيه".
ويحاول نتنياهو، الذي يواجه تعاظم واستمرار المواجهات في القدس وعمليات رشق المركبات الإسرائيلية بالحجارة، الإيحاء بأنّ الأمر يحتاج إلى "ضبط النفس"، خصوصاً في ظلّ الفترة الحالية، للحفاظ على الترتيبات القائمة والامتناع عن المبادرات الفرديّة والتصريحات غير المتزنة، في إشارة لاقتحام نائب رئيس الكنيست موشيه فيغلين، صباح أمس، للمسجد الأقصى.
وكانت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة نتنياهو الذي اعترف بإيعازه للشرطة تعزيز قواتها في القدس المحتلة لاستعادة "الأمن" والحكم فيها، أقرّت في وقت سابق من صباح أمس، مشروع اقتراح قانون ينصّ على تشديد العقوبات على راشقي الحجارة وفرض عقوبة تبدأ بخمس سنوات من السجن الفعلي، وتصل إلى عشرين عاماً من السجن على راشقي الحجارة.
وتأتي هذه الخطوة في سياق محاولة الحكومة الإسرائيلية مواجهة الانتفاضة الفلسطينيّة في القدس، وخصوصاً عمليّات رشق المركبات الإسرائيليّة بالحجارة، وعلى خلفيّة مطالبة اليمين الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية، بتشديد السياسة الإسرائيليّة في القدس المحتلة وعدم إبقاء القوانين الحالية التي تجيز اعتقال راشقي الحجارة لعدة أشهر فقط، وذلك بهدف إرهاب الفلسطينيين في القدس، وقمع الانتفاضة الحالية.
وفي سياق متصل، يمكن إدراج إعلان رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، نهاية الأسبوع الماضي، قرار البلديّة بتشديد العقوبات والإجراءات العقابيّة ضد الفلسطينيين في القدس، في محاولة لردعهم وإرهاب الأهالي لمنعهم من استمرار مواجهاتهم مع قوات الاحتلال.
وبموجب القرار الجدي، تنوي بلديّة الاحتلال تصعيد عمليات هدم البيوت الفلسطينيّة المقامة من دون ترخيص من الاحتلال، وإغلاق المصالح والمحال التجارية، وفرض قيود كبيرة على الحركة التجارية في الأحياء الفلسطينيّة، وعدم تقديم أيّ تساهل، حتى على صعيد المخالفات المرورية للسكّان المقدسيين، وفق بركات
في المقابل، يؤكّد فلسطينيون مقدسيون، أن المحاكم الإسرائيليّة في القدس تتشدّد في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد اغتيال الشهيد محمد أبو خضير، في العقوبات والغرامات الماليّة التي تفرضها على فتية وشبان فلسطينيين قاصرين، يجري اعتقالهم بتهم رشق الحجارة والمشاركة في التظاهرات الغاضبة ضدّ الاحتلال. ويساهم هذا التشدّد في إبقاء عشرات الفتيان الفلسطينيين في المعتقل لفترة طويلة، بسبب عجز أهاليهم عن دفع الغرامات والكفالات الماليّة الباهظة التي حددتها محاكم الصلح الإسرائيلية في القدس.